[align=justify]من ظلم الشعوب والمجتمعات لأنفسها الحكم على بعض أفرادها " بالإعدام الاجتماعي" لا تزوجه ، ولا تتزوج منه ، وبعض الغلاة لا يجالسونه ، ولا يكالمونه ، ويعتقدون أنه بمرتبه أدنى من مرتبتهم ، ولو اتصف بكل ما يوجب احترامه من خلق ودين وحتى المال والمنصب ، ولو كانت كل هذه الأحكام القاسية بمبرر معقول ، أو من عاقل مسئول ، ولو واحد بالمائة لقلنا : وجهة نظر ، وثقافة شعوب ، ولكن الواقع يثبت عكس ذلك ، الواقع يثبت أن من امتهن مهنة شريفة ، بجهد يده ، وعرق جبينة ، تحفظه من مسألة الخلق ، والمتاجرة بالعرض ، يعد ممتهنها من البشر الأقل كرامة ، والأقل آدمية ، والأقل حقوقاً ، لماذا هذا كله ؟ لأنها لا تروق لأمزجة بعض الحمقى ، ممن أكل الزمن وشرب وبال و... ، على أفكارهم .

ليت الأمر يقف عند هذا فحسب لهانت المصيبة ، وليست وربي بهينة ، بل تعداه إلى تعظيم وتبجيل بعض قطاع الطرق ، وسفاكي الدماء ، ولصوص الصحراء ، ونظم القصائد في مديحهم ، وتبجيلهم ، وتعظيمهم ، مع أن جبار السماوات والأرض يلعن صنيعهم ويسفه أفعالهم.

فإن قلت : إن أفعال هؤلاء سببها الجهل المخيم على تلك العصور المظلمة ، وطبيعة المجتمع، لقلت تنزلاً معك لا موافقة : كيف تفسر تقدير المجتمع لمروجي المخدرات ومدمنيها، ولا يسقطونهم من مرتبة من أبناء "الحمايل" ، ولا يزال مجتمعنا يرى أكلة الربا من وجهاء المجتمع ، وعلية القوم ، ويسمي تجار الخنا ، ملاك القنوات الفضائية القذرة ، بأصحاب السمو(الوليد) والسعادة (البراهيم) وربما الفضيلة (كامل) ولا يمارس ضدهم عشر معشار ما يمارس ضد أصحاب المهن التي حكم على أحفاد ممتهنيها بالإعدام الإجتماعي ، والطبقية المقيتة .

وطامة الطوام ، وقاصمة الظهر ، والمطمة المصمة ، بأن يأتي بعض أبناء "الحمايل " ـ من يعتبرون غيرهم من غير القبليين بشر أقل درجة ، لا يشرف به مناسبتهم ، ولا مصاهرتهم ، مهما اتصف بصفات الكمال ـ فيتزوج ممن لا يعرف اسم جده الثالث ، ولا ينتسب حتى لعائلة فضلاً لقبيلة ، ويكفيه من نسبه رقم الشارع ، والشقة ، والحتة ، وربما امتهنوا أرذل المهن في حاضرهم ، بينما يعير بها غير القبليين لأن جدهم التاسع امتهنها ، فلا يجد ضيراً في مصاهرتهم ، ومناسبتهم ، مع أن غيرهم ـ ممن يعيبهم وينتقصهم ـ أقرب من ناحية البلد ، والجوار ، والعادات ، والتقاليد ، وكذلك النسب .
فهل توافقوني على ذلك ؟[/align]