آخر المشاركات

+ الرد على الموضوع
صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 1 2 3 الأخيرةالأخيرة
النتائج 16 إلى 30 من 40

العرض المتطور

  1. #1
    الصورة الرمزية أشـــوفك حلـــم
    عضو متميز جدا

    أشـــوفك حلـــم غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    2,289
    رقية جبريل للرسول صلى الله عليه وسلم :
    روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد : أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( يا محمد اشتكيت ؟ قال : نعم ، قال : بسم الله أرقيك ، من كل شيء يؤذيك ، من شر كلّ ذي نفس ، أو عين حاسد ، الله يشفيك ، بسم الله أرقيك ) (9) .
    أعمال أخرى :
    ومن ذلك أنّه حارب مع الرسول صلى الله عليه وسلم في بدر والخندق ، وصحب الرسول صلى الله عليه وسلم في الإسراء وغير ذلك .
    لماذا لا يرسل الله رسله من الملائكة :
    والله لا يرسل رسله إلى البشر من الملائكة ؛ لأن طبيعة الملائكة مخالفة لطبيعة البشر ، فاتصالهم بالملائكة ليس سهلاً ميسوراً ؛ ولذا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يشق عليه مجيء جبريل إليه بصفته الملائكية كما مضى ، وعندما رأى جبريل على صورته فزع ، وجاء زوجته يقول : دثّروني دّثروني .
    فلما كانت الطبائع مختلفة ، شاء الله أن يرسل لهم رسولاً من جنسهم ، ولو كان سكان الأرض ملائكة ، لأنزل إليهم ملكاً رسولاً ، قال تعالى : ( قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مُطْمَئِنِّينَلنزَّلنا عليهم من السَّماء ملكاً رسولاً ) [ الإسراء : 95 ] .
    وعلى فرض أن الله اختار رسله إلى عموم البشر من الملائكة ، فإنه لا ينزلهم بصورهم الملائكية ، بل يجعلهم يتمثلون في صفة رجال يلبسون ما يلبس الرجال ، كي يتمكن الناس من الأخذ عنهم : ( وقالوا لولا أنزل عليه ملكٌ ولو أنزلنا ملكاً لقضي الأمر ثم لا ينظرون – ولو جعلناه ملكاً لَّجعلناه رجلاً وَلَلَبَسْنَاعليهم مَّا يلبسون ) [الأنعام : 8-9].
    وقد أخبر تعالى أن طلب الكَفَرَة رؤية الملائكة ، ومجيء رسول من الملائكة ، إنما هو تعنت ، وليس طلباً للهداية ، وعلى احتمال حدوثه فإنهم لن يؤمنوا : ( ولو أننَّا نزَّلنا إليهم الملائكة وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وحشرنا عليهم كلَّ شيءٍ قبلاً ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكنَّ أكثرهم يجهلون ) [ الأنعام : 111 ] .

    --------------------------------
    (1) صحيح مسلم : 1/554 . ورقمه : 806 .
    (2) صحيح الجامع : 1/80 .
    (3) مسند أحمد 5/391 ، واللفظ له . وصحيح سنن النسائي : 3/226 . ورقمه : 2975 .
    (4) صحيح البخاري : 1/18 . ورقمه : 2 .
    (5) صحيح البخاري : 1/27 . ورقمه : 4 .
    (6) صحيح البخاري : 1/30 . ورقمه : 6 .
    (7) صحيح البخاري : 6/5-3 . ورقمه : 3221 . صحيح سنن النسائي : 1/108 . ورقمه : 480 .
    (8) صحيح سنن أبي داود ، واللفظ له : 1/79 . ورقمه : 377 . وصحيح سنن الترمذي : 1/50 . ورقمه : 127 . وصحيح سنن النسائي عن أبي هريرة : 1/109 . ورقمه : 488 .
    (9) صحيح مسلم : 4/1718 . ورقمه : 2186 .

  2. #2
    الصورة الرمزية أشـــوفك حلـــم
    عضو متميز جدا

    أشـــوفك حلـــم غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    2,289
    الملائكة وبني آدم
    المطلب الرابع
    تحريك بواعث الخير في نفوس العباد
    وكّل الله بكل إنسان قريناً من الملائكة ، وقريناً من الجنّ ، ففي صحيح مسلم عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما منكم من أحد إلا وقد وكّل به قرينه من الجن ، وقرينه من الملائكة ) ، قالوا : وإياك يا رسول الله ؟ قال : ( وإياي ، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم ، فلا يأمرني إلا بخير ) (1) .
    ولعلّ هذا القرين من الملائكة ، غير الملائكة الذين أمروا بحفظ أعماله ، قيَّضه الله له ليهديه ويرشده .
    وقرين الإنسان من الملائكة وقرينه من الجنّ يتعاوران الإنسان ، هذا يأمره بالشر ويرغبه فيهي ، وذاك يحثه على الخير ويرغبه فيه ، فعن ابن مسعود رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إن للشيطان لمة بابن آدم ، وللملك لمة ، فأمّا لمة الشيطان ، فإيعاد بالشر ، وتكذيب بالحق ، وأمّا لمة الملك ، فإيعاد بالخير ، وتصديق بالحق ، فمن وجد من ذلك شيئاً فليعلم أنّه من الله ، وليحمد الله ، ومن وجد الأخرى ، فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، ثم قرأ : ( الشَّيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مَّغفرةً منه وفضلاً والله واسع عليمٌ ) [ البقرة : 268 ] )) .
    قال ابن كثير ، بعد إيراده لهذا الحديث : " هكذا رواه الترمذي والنسائي في كتابي التفسير من سننهما جميعاً ، عن هناد بن السري . وأخرجه ابن حبان في صحيحه ، عن أبي يعلى الموصلي ، عن هناد به ، وقال الترمذي : حسن غريب ، وهو حديث أبي الأحوص ، يعني سلام بن سليم ... " .
    وانظر إلى الحديث التالي كي تعرف كيف يتسابق القرين الجني والقرين الملكي على توجيه الإنسان ، ذكر الحافظ أبو موسى من حديث أبي الزبير عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا أوى الإنسان إلى فراشه ، ابتدره ملك وشيطان ، فيقول الملك : اختم بخير ، ويقول الشيطان : اختم بشرّ ، فإذا ذكر الله تعالى حتى يغلبه – يعني النوم – طرد الملك الشيطان ، وبات يكلؤه .
    فإذا استيقظ ، ابتدره ملك وشيطان ، فيقول الملك : افتح بخير ، ويقول الشيطان : افتح بشر ، فإن قال : الحمد لله الذي أحيا نفسي بعدما أماتها ، ولم يمتها في منامها ، الحمد لله الذي يمسك التي قضى عليها الموت ، ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى ، الحمد لله الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا ، ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده ، الحمد لله يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ، طرد الملك الشيطان وظل يكلؤه ) (2) .
    وهذه الأحاديث توجهنا إلى الإكثار من الأعمال الخيرة التي تصلح نفوسنا ، وتقرب الملائكة منّا ، ففي قرب الملائكة منا خير عظيم . وقد سبق ذكر حديث ابن عباس الذي يبين فيه تأثير لقيا الرسول صلى الله عليه وسلم بجبريل في شهر رمضان ، لمدارسته القرآن ، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم يكون حين ذاك أجود بالخير من الريح المرسلة (3) .

    --------------------------------
    (1) صحيح مسلم : 4/2168 . ورقمه : 2814 .
    (2) قال محقق كتاب الوابل الصيب معلقاً على هذا الحديث : " ورواه بمعناه ابن حبان رقم : (2362) ((موارد)) . والحاكم (1/548) وصححه ، ووافقه الذهبي ورجاله ثقات ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد : (10/120) وقال : رواه أبو يعلى ، ورجاله رجال الصحيح ، غير إبراهيم الشامي وهو ثقة . نقول وصوابه : إبراهيم بن الحجاج السامي بالسين المهملة " .
    (3) صحيح البخاري : 1/30 . ورقمه : 6 .

  3. #3
    الصورة الرمزية أشـــوفك حلـــم
    عضو متميز جدا

    أشـــوفك حلـــم غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    2,289
    الملائكة وبني آدم
    المطلب الخامس
    تسجيل صالح أعمال بني آدم وسيئها
    الملائكة موكلون بحفظ أعمال بني آدم من خير وشرّ ، وهؤلاء هم المعنيون بقوله تعالى : ( وإنَّ عليكم لحافظين – كراماً كاتبين – يعلمون ما تفعلون ) [ الانفطار : 10-12 ] .
    وقد وكل الله بكل إنسان ملكين حاضرين ، لا يفارقانه ، يحصيان عليه أعماله وأقواله : ( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد – إذ يتلقَّى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيدٌ – مَّا يلفظ من قول إلاَّ لديه رقيب عتيد ٌ ) [ ق : 16-18 ] .
    ومعنى قعيد ، أي : مترصد . ورقيب عتيد ، أي : مراقب معد لذلك لا يترك كلمة تفلت .
    والظاهر أن الملائكة الموكلة بالإنسان تكتب كل ما يصدر عن الإنسان من أفعال وأقوال ، لا يتركون شيئاً ؛ لقوله تعالى : ( مَّا يلفظ من قولٍ ) [ ق : 18 ] .
    ولذلك فإن الإنسان يجد كتابه قد حوى كلّ شيء صدر منه ، ولذلك فإنّ الكفار ينادون يرون كتاب أعمالهم يوم القيامة قائلين : ( يا وَيْلَتَنَامال هذا الكتاب لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلاَّ أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربُّك أحداً ) [ الكهف : 49 ] .
    وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات ، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم ) (1) .
    وذكر ابن كثير في تفسيره عن الحسن البصري أنه تلا هذه الآية : ( عن اليمين وعن الشمال قعيدٌ ) [ ق : 17 ] ، ثم قال : " يا ابن آدم بسطت لك صحيفة ، ووكّل بك ملكان كريمان ، أحدهما عن يمينك ، والآخر عن يسارك ، فأمّا الذي عن يمينك ، فيحفظ الحسنات ، وأما الذي عن يسارك ، فيحفظ السيئات ، فاعمل ما شئت ، أقلل أو أكثر ، حتى إذا مت طويت صحيفتك ، وجعلت في عنقك معك في قبرك ، حتى تخرج يوم القيامة ، فعند ذلك يقول الله تعالى : ( وكلَّ إنسان ألزمناه طَآئِرَهُ في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يَلْقَاهُ منشوراً – اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً ) [ الإسراء : 13-14 ] .
    ثم يقول الحسن : عدل والله فيك من جعلك حسيب نفسك .
    وذكر ابن كثير أيضاً عن ابن عباس في قوله تعالى : ( مَّا يلفظ من قولٍ إلاَّ لديه رقيب عتيدٌُ ) [ ق : 18 ] قال : " يكتب كلّ ما تكلم به من خير أو شر ، حتى إنّه ليكتب قوله : أكلت ، شربت ، ذهبت ، جئت ، رأيت . حتى إذا كان يوم الخميس عرض قوله وعمله ، فأقر منه ما كان فيه من خير أو شر ، وألقى سائره ؛ وذلك قوله تعالى : ( يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أمُّ الكتاب ) [ الرعد : 39 ] .
    وذكر ابن كثير عن الإمام أحمد أنّه كان يئنّ في مرضه ، فبلغه عن طاووس أنه قال : " يكتب الملك كل شيء حتى الأنين ، فلم يئن أحمد حتى مات رحمه الله " .
    صاحب اليمين يكتب الحسنات والآخر السيئات :
    في معجم الطبراني الكبير بإسناد حسن عن أبي أمامة : أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطئ ، فإن ندم واستغفر الله منها ألقاها ، وإلا كتب واحدة ) (2) .
    هل تكتب الملائكة أفعال القلوب ؟
    استدلّ شارح الطحاوية (3) على أنّ الملائكة تكتب أفعال القلوب بقوله تعالى : ( يعلمون ما تفعلون ) [ الانفطار : 12 ] ، فالآية شاملة للأفعال الظاهرة والباطنة .
    واستدل أيضاً بالحديث الذي يرويه مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قال الله عزّ وجلّ : إذا همّ عبدي بسيئة فلا تكتبوها عليه ، فإن عملها فاكتبوها سيئة ، وإذا همّ بحسنـة فلم يعملها ، فاكتبوها حسنة ، فإن عملها فاكتبوها عشراً ) (4) .
    وفي الحديث الآخر المتفق عليه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قالت الملائكة : ربّ ذاك عبد يريد أن يعمل سيئة ، وهو أبصر به ، فقال : ارقبوه ، فإن عملها فاكتبوها له بمثلها ، وإن تركها فاكتبوها له حسنة ، إنّما تركها من جرّاي ) (5) .
    شبهة :
    قد يقال : ألا يتناقض علم الملائكة بإرادة الإنسان وقصده مع قوله تعالى : ( يعلم خائِنة الأعين وما تُخْفِيالصدور ) [ غافر : 19 ] .
    فالجواب : أن هذا ليس من خصائص علم الله تعالى ، فهو وإن خفي عن البشر ، فلا يعلم واحدهم ما في ضمير أخيه ، فلا يلزم أن يخفى عن الملائكة .
    وقد يقال : إن الملائكة تعلم بعض ما في الصدور ، وهو الإرادة والقصد ، أمّا بقية الأمور كالاعتقادات ، فلا دليل على كونها تعلمها .
    دعوة العباد إلى فعل الخير :
    ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان ، فيقول أحدهما : اللهم أعط مُنفقاً خلفاً ، ويقول الآخر : اللهمّ أعط مُمسكاً تلفاً ) (6) .

    --------------------------------
    (1) صحيح البخاري : 11/308 .ورقمه : 6478 .
    (2) صحيح الجامع : 2/212 .
    (3) شرح العقيدة الطحاوية : ص 438 .
    (4) صحيح مسلم : 1/117 . ورقمه : 128 .
    (5) صحيح مسلم : 1/117 . ورقمه : 129 ، واللفظ له ، ورواه البخاري : 13/465 . ورقمه : 7501 .
    (6) صحيح البخاري : 3/304 . ورقمه : 1442 . ورواه مسلم : 2/700 . ورقمه : 1010 .

  4. #4
    الصورة الرمزية أشـــوفك حلـــم
    عضو متميز جدا

    أشـــوفك حلـــم غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    2,289
    الملائكة وبني آدم
    المطلب السادس
    ابتلاء بني آدم
    وقد يرسل الله بعض ملائكته لابتلاء بني آدم واختبارهم ، ففي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه : أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن ثلاثة في بني إسرائيل : أبرص ، وأقرع ، وأعمى ، فأراد الله أن يبتليهم ، فبعث إليهم ملكاً .
    فأتى الأبرص ، فقال : أي شيء أحب إليك ؟ فقال : لون حسن ، وجلد حسن ، ويذهب عني الذي قذرني الناس ، قال : فمسحه ، فذهب عنه قذره ، وأعطي لوناً حسناً وجلداً حسناً . قال : فأيّ المال أحبّ إليك ؟ قال : الإبل ، ( أو قال : البقر ، شكّ إسحاق ، إلا أن الأبرص أو الأقرع قال أحدهما : الإبل وقال الآخر : البقر ) ، فأعطي ناقة عشراء . فقال : بارك الله لك فيها .
    قال : فأتى الأقرع ، فقال : أيّ شيء أحبّ إليك ؟ قال : شعر حسن ، ويذهب عني هذا الذي قذرني الناس . قال : فمسحه ، فذهب عنه ، وأعطي شعراً حسناً . قال : فأيّ المال أحبّ إليك ؟ قال : البقر ، فأعطي بقرة حاملاً ، وقال : بارك الله لك فيها .
    قال : فأتى الأعمى فقال : أيّ شيء أحبّ إليك ؟ قال : أن يرد الله إليّ بصري ، فأبصر به الناس ، قال : فمسحه ، فردّ الله بصره . قال : فأيّ المال أحبّ إليك ؟ قال : الغنم . فأعطي شاة والداً ، فأُنتج هذان ، ووَلّدَ هذا .
    قال : فكان لهذا واد من الإبل ، ولهذا واد من البقر ، ولهذا واد من الغنم .
    ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته ، فقال : رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري ، فلا بلوغ لي اليوم إلا بالله ، ثم بك ، أسألك – بالذي أعطاك اللون الحسن ، والجلد الحسن ، والمال – بعيراً أتبلغ به في سفري ، فقال : الحقوق كثيرة ، فقال له : كأني أعرفك ، ألم تكن أبرص يقذرك الناس ، فقيراً فأعطاك الله ؟ فقال : إنما ورثت هذا المال كابراً عن كابر . فقال : إن كنت كاذباً ، فصيرك الله إلى ما كنت .
    قال : وأتى الأقرع في صورته وهيئته ، فقال له مثل ما قال لهذا ، وردّ عليه مثل ما ردّ هذا ، فقال : إن كنت كاذباً ، فصيرك الله إلى ما كنت .
    قال : وأتى الأعمى في صورته وهيئته ، فقال : رجل مسكين وابن سبيل . انقطعت بي الحبال في سفري ، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ، ثم بك ، أسألك – بالذي ردّ عليك بصرك – شاة أتبلغ بها في سفري ، فقال : قد كنت أعمى فردّ الله إليّ بصري ، فخذ ما شئت ، ودع ما شئت ، فوالله لا أجهدك اليوم شيئاً أخذته لله ، فقال : أمسك مالك ، فإنّما ابتليتم ، فقد رضي الله عنك ، وسخط على صاحبيك ) (1) .

    --------------------------------
    (1) رواه البخاري : 6/500 . ورقمه : 3464 . ورواه مسلم : 4/2275 . ورقمه : 2964 . واللفظ لمسلم .

  5. #5
    الصورة الرمزية أشـــوفك حلـــم
    عضو متميز جدا

    أشـــوفك حلـــم غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    2,289
    الملائكة وبني آدم
    المطلب السابع
    نزع أرواح العباد عندما تنتهي آجالهم
    اختص الله بعض ملائكته بنزع أرواح العباد عندما تنتهي آجالهم التي قدرها الله لهم ، قال تعالى : ( قل يَتَوَفَّاكُمملك الموت الَّذي وكل بكم ثُمَّ إلى ربكم ترجعون ) [السجدة : 11] .
    والذين يقبضون الأرواح أكثر من ملك : ( وهو الْقَاهِرُ فوق عباده ويرسل عليكم حفظةً حتَّى إذا جاء أحدكم الموت تَوَفَّتْهُ رسلنا وهم لا يفرطون – ثم ردُّوا إلى الله مولاهم الحق إلا له الحكم وهو أسرع الحاسبين ) [ الأنعام : 61-62 ] .
    وتنزع الملائكة أرواح الكفرة والمجرمين نزعاً شديداً عنيفاً بلا رفق ولا هوادة : ( ولو ترى إذ الظَّالمون في غَمَرَاتِالموت والملائِكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون ) [ الأنعام : 93 ] .
    وقال : ( ولو ترى إذ يتوفَّى الَّذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق ) [ الأنفال : 50 ] .
    وقال : ( فكيف إذا تَوَفَّتْهُمُالملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم ) [محمد : 27] .
    أما المؤمنون فإن الملائكة تنزع أرواحهم نزعاً رفيقاً .
    تبشيرهم المؤمنين عند النزع :
    وإذا جاء الموت ، ونزل بالعبد المؤمن ، فإن الملائكة تتنزل عليه ، تبشره وتثبته : ( إنَّ الَّذين قالوا ربنَّا الله ثمَّ استقاموا تتنزَّل عليهم الملائكة ألاَّ تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنَّة التي كنتم توعدون – نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدَّعون ) [ فصلت : 30-31 ] .
    وهي تبشر الكفرة بالنار وغضب الجبار وتقول لهم : ( أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون ) [ الأنعام : 93 ] .
    موسى يفقأ عين ملك الموت :
    روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( جاء ملك الموت إلى موسى عليه السلام ، فقال له : أجب ربك ) ، قال : ( فلطم موسى عين ملك الموت ففقأهما ) . قال : ( فرجع الملك إلى الله تعالى ، فقال : إنك أرسلتني إلى عبد لك لا يريد الموت ، وقد فقأ عيني ) . قال : ( فردّ الله إليه عينه ، وقال : ارجع إلى عبدي فقل : الحياةَ تريد ؟ فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور ، فما توارت يدك من شَعْرة ، فإنك تعيش بها سنة ، قال : ثمّ مه ؟ قال : ثمّ تموت . قال : فالآن من قريب ) (1) . (( وملك الموت كان يأتي الناس عياناً ، فأتى موسى فلطمه وفقأ عينه )) (2) .
    وذكر ابن حجر العسقلاني أن بعض المبتدعة أنكر هذا الحديث . وذكر في الرد عليهم : " أن موسى لطم ملك الموت ، لأنه رأى آدمياً دخل داره بغير إذنه ، ولم يعلم أنه ملك الموت ، وقد أباح الشارع فقء عين الناظر في دار المسلم بغير إذن ، وقد جاءَت الملائكة إلى إبراهيم وإلى لوط في صورة آدميين فلم يعرفهم ابتداءً ، ولو عرفهم إبراهيم لما قدم لهم المأكولات ، ولو عرفهم لوط لما خاف عليهـم من قومه " (3) .
    والتكذيب بالأحاديث الصحيحة التي تخبر عن الغيوب بنظر عقلي مجرد ينافي الإيمان ، فأول صفات المتقين أنهم يؤمنون بالغيب ، كما ذكر الله ذلك في مطلع سورة البقرة ، فإذا صحّ الخبر عن الله أو عن رسوله فليس هناك إلا التصديق : ( والرَّاسخون في العلم يقولون آمنَّا به كلٌّ من عند ربنا وما يذَّكرُ إلاَّ أولوا الألباب ) [ آل عمران : 7 ] .

    --------------------------------
    (1) رواه البخاري : 3/206 . ورقمه : 1339 . ورواه مسلم : 4/1843 . ورقمه : 2373 . واللفظ لمسلم .
    (2) هذه الرواية رواها أحمد في مسنده ، والطبري . انظر : فتح الباري : 6/442 .
    (3) فتح الباري : 6/442

  6. #6
    الصورة الرمزية أشـــوفك حلـــم
    عضو متميز جدا

    أشـــوفك حلـــم غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    2,289
    الملائكة وبني آدم
    المطلب الثامن
    علاقة الملائكة بالعبد في قبره ومحشره والدار الآخرة
    سيأتي في مبحث الإيمان باليوم الآخر إن شاء الله تعالى ما يكون من الملائكة نحو العباد بعد الموت من سؤال الملكين للعبد في قبره ، وهذان هما منكر ونكير ، وأن منهم ملائكة ينعّمون العباد في قبورهم ، وآخرون يعذبون الكفرة والمجرمين ، واستقبالهم للمؤمن في يوم القيامة ، ونفخ إسرافيل في الصور ، وحشرهم الناس للحساب ، وسوقهم الكفرة إلى جهنم ، والمؤمنين إلى الجنة ، وقيامهم على تعذيب الكفار في النار ، وسلامهم على المؤمنين في الجنة .

  7. #7
    الصورة الرمزية أشـــوفك حلـــم
    عضو متميز جدا

    أشـــوفك حلـــم غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    2,289
    الملائكة والمؤمنون
    تحدثنا في المبحث السابق عن الدور الذي كلف الله الملائكة القيام به تجاه بني آدم كلهم ؛ مؤمنهم وكافرهم ، فما ذكرناه من تشكيلهم للنطفة ، وحراستهم للعباد ، وتبليغهم للوحي ، ومراقتبهم للعباد ، وكتابة الأعمال ، ونزع الأرواح ، لا تختص بقسم من بني آدم دون قسم ، ولا بمؤمن دون كافر .
    وللملائكة بعد ذلك دور مختلف مع المؤمنين والكفار ، وسنتناول دورهم وموقفهم من كلا الفريقين بالبيان والتوضيح .
    المطلب الأول
    دور الملائكة تجاه المؤمنين ( الجزء الأول )
    1- محبتهم للمؤمنين :
    روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا أحب الله عبداً نادى جبريل : إن الله يحب فلاناً فأحببه ، فيحبه جبريل . فينادي جبريل في أهل السماء : إن الله يحبّ فلاناً فأحبوه ، فيحبه أهل السماء ، ثمّ يوضع له القبول في الأرض ) (1) .
    2- تسديد المؤمن :
    روى البخاري في صحيحه عن حسّان بن ثابت : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا له ، فقال : ( اللهمّ أيده بروح القدس ) (2) .
    وفي الصحيح أيضاً عن أبي هريرة قال : ( قال سليمان عليه السلام : لأطوفنّ الليلة بمائة امرأة ، تلد كل امرأة يقاتل في سبيل الله .
    فقال له الملك : قل : إن شاء الله ، فلم يقل ، ونسي ، فأطاف بهنّ ، ولم تلد إلا امرأة منهنّ نصف إنسان ) .
    قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لو قال : إن شاء الله لم يحنث ، وكان أرجى لحاجته ) (3) .
    فالملك سدد نبي الله سليمان وأرشده إلى الأصوب والأكمل .
    3- صلاتهم على المؤمنين :
    أخبرنا الله أن الملائكة تصلي على الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ الله وملائكته يصلُّون على النَّبي ) [ الأحزاب : 56 ] . وهم يصلون على المؤمنين أيضاً : ( هو الَّذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظُّلُمَاتِإلى النُّور وكان بالمؤمنين رحيماً ) [الأحزاب : 43] .
    والصلاة من الله تعالى ثناؤه على العبد عند ملائكته ، حكاه البخاري عن أبي العالية ، وقال غيره : الصلاة من الله – عز وجل – الرحمة ، وقد يقال : لا منافاة بين القولين .
    وأمّا الصلاة من الملائكة فبمعنى الدعاء للناس ، والاستغفار لهم ، وهذا ما سنوضحه فيما يأتي :
    نماذج من الأعمال التي تصلي الملائكة على صاحبها :
    أ- معلّم الناس الخير :
    روى الترمذي في سننه عن أبي أمامة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها ، وحتى الحوت ، ليصلون على معلم الناس الخير ) (4) .

  8. #8
    الصورة الرمزية أشـــوفك حلـــم
    عضو متميز جدا

    أشـــوفك حلـــم غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    2,289
    ب- الذين ينتظرون صلاة الجماعة :
    في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مجلسه ، تقول : اللهمّ اغفر له ، اللهم ارحمه . ما لم يحدث ) (5) .
    ج- الذين يصلون في الصف الأول :
    في سنن أبي داود عن البراء بن عازب رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله وملائكته يصلون على الصفوف الأول ) (6) .
    وفي سنن النسائي : ( على الصفوف المتقدمة ) (7) .
    وفي سنن ابن ماجة من حديث البراء ، وحديث عبد الرحمن بن عوف : ( إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول ) (8) .
    د- الذين يسدّون الفرج بين الصفوف :
    في سنن ابن ماجة عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف ، ومن سدّ فرجة رفعه الله بها درجة ) (9) .
    هـ- الذين يتسحرون :
    في صحيح ابن حبان ومعجم الطبراني الأوسط بإسناد حسن ، عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله تعالى وملائكته يصلون على المتسحرين ) (10) .
    و- الذين يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم :
    روى أحمد في مسنده ، والضياء في المختارة عن عامر بن ربيعة بإسناد حسن : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من عبد يصلي عليّ إلا صلتْ عليه الملائكة ، ما دام يصلي عليّ ، فليقلّ العبد من ذلك أو ليكثر ) (11) .
    ز- الذين يعودون المرضى :
    روى أبو داود عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ( ما من رجل يعود مريضاً ممسياً ، إلا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يصبح ، وكان له خريف في الجنّة ، ومن أتاه مصبحاً خرج معه سبعون ألف ملك ، يستغفرون له حتى يمسي ، وكان له خريف في الجنة ) (12) .
    هل لصلاة الملائكة علينا أثر :
    يقول تعالى : ( هو الَّذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظُّلمات إلى النُّور) [ الأحزاب : 43 ] .
    تفيد الآية أن ذكر الله لنا في الملأ الأعلى ، ودعاء الملائكة للمؤمنين واستغفارهم لهم ، له تأثير في هدايتنا وتخليصنا من ظلمات الكفر والشرك والذنوب والمعاصي إلى النور الذي يعني وضوح المنهج والسبيل ، بالتعرف على طريق الحق الذي هو الإسلام ، وتعريفنا بمراد الله منا ، وإعطائنا النور الذي يدلنا على الحق : في الأفعال والأقوال والأشخاص .
    4- التأمين على دعاء المؤمنين :
    الملائكة يؤمنِّون على دعاء المؤمن : وبذلك يكون الدعاء أقرب إلى الإجابة ، ففي صحيح مسلم وسنن ابن ماجة عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة ، عند رأسه ملك ، كلما دعا له بخير قال الملك الموكل به : آمين ، ولك بمثل ) (13) .
    ولما كان الدعاء المؤمّن عليه حريّاً بالإجابة ، فإنه لا ينبغي للمؤمن أن يدعو على نفسه بشر ، ففي صحيح مسلم عن أم سلمة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير ، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون ) (14) .
    5- استغفارهم للمؤمنين :
    أخبرنا الله أن الملائكة يستغفرون لمن في الأرض : ( تكاد السَّماوات يتفطَّرن من فوقهنَّ والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض ألا إنَّ الله هو الغفور الرَّحيم ) [ الشورى : 5 ] .
    وأخبر في آية سورة غافر أن حملة العرش والملائكة الذين حول العرش ينزهون ربهم ، ويخضعون له ، ويخصون المؤمنين التائبين بالاستغفار ، ويدعونه بأن ينجيهم من النار ، ويدخلهم الجنة ، ويحفظهم من فعل الذنوب والمعاصي : ( الَّذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للَّذين آمنوا ربَّنا وسعت كل كلَّ شيءٍ رحمةً وعلماً فاغفر للَّذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم – ربَّنا وأدخلهم جنَّات عدنٍ الَّتي وعدتَّهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذريَّاتهم إنَّك أنت العزيز الحكيم – وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذٍ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم ) [ غافر : 7-9] .

  9. #9
    الصورة الرمزية أشـــوفك حلـــم
    عضو متميز جدا

    أشـــوفك حلـــم غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    2,289
    - شهودهم مجالس العلم وحلق الذكر وحفهم أهلها بأجنحتهم :
    في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن لله ملائكة يطوفون في الطرق ، يلتمسون أهل الذكر ، فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله تنادوا : هلموا إلى حاجتكم ) . قال : ( فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا ) (15) .
    وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ، ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة ،وحفّتهم الملائكة ،وذكرهم الله فيمن عنده ) (16) .
    وفي سنن الترمذي عن أبي الدرداء قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع ) (17) ؛ أي تتواضع له .
    فالأعمال الصالحة – كما ترى – تقرب الملائكة منا ، وتقربنا منهم ، ولو استمر العباد في حالة عالية من السمو الروحي ، لوصلوا إلى درجة مشاهدة الملائكة ومصافحتهم كما في الحديث الذي يرويه مسلم ، عن حنظلة الأسيدي ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر ، لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ) (18) .
    وفي رواية الترمذي عن حنظلة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو أنكم تكونون كما تكونون عندي لأظلتكم الملائكة بأجنحتها ) (19) .

    --------------------------------
    (1) صحيح البخاري : 6/303 . ورقمه : 3209 . ورواه مسلم : 4/2030 . ورقمه : 2637 .
    (2) صحيح البخاري : 6/304 .
    (3) رواه البخاري : 9/339 . ورقمه : 5242 . وقال ابن حجر في ( فتح الباري : 6/460 ) ما ملخصه : " في رواية المغيرة ( سبعين ) امرأة ، وفي رواية شعيب في الأيمان والنذور : ( تسعين ) ، ورجحها المؤلف هناك " . ورواه مسلم في صحيحه : 3/1267 . ورقمه : 1654 ، وفي إحدى رواياته : ستون ، وفي الأخرى : سبعون ، وفي ثالثة : تسعون .
    (4) صحيح سنن الترمذي : 2/343 . ورقمه : 2161 .
    (5) رواه البخاري : 2/131 . ورقمه : 647 ، ورواه مسلم : 1/459 . ورقمه : 649 ، واللفظ لمسلم .
    (6) صحيح سنن أبي داود : 1/130 . ورقمه : 618 .
    (7) صحيح سنن النسائي : 1/175 .ورقمه : 781 .
    (8) صحيح سنن ابن ماجة : 1/164 . ورقمه : 816 .
    (9) صحيح سنن ابن ماجة : 1/164 . ورقمه : 814 .
    (10) صحيح الجامع : 2/135 .
    (11) صحيح الجامع : 5/174 .
    (12) صحيح سنن أبي داود : 2/598 . ورقمه : 2655 ، وصرّح أبو داود بتصحيحه مرفوعاً ، وأورد رواية صحيحة عن علي موقوفاً عليه .
    (13) صحيح مسلم : 4/2094 . ورقمه : 2733 . وصحيح سنن ابن ماجة : 2/149 . ورقمه : 2340 ، واللفظ لمسلم .
    (14) صحيح مسلم : 6/634 . ورقمه : 920 .
    (15) رواه البخاري : 11/208 . ورقمه : 6408 . ورواه مسلم : 4/2069 . ورقمه : 2689 . واللفظ للبخاري .
    (16) صحيح مسلم : 4/2073 . ورقمه : 2699 .
    (17) صحيح سنن الترمذي : 2/342 . ورقمه : 2159 .
    (18) صحيح مسلم : 4/2106 ، ورقمه : 2750 .
    (19) صحيح سنن الترمذي : 2/298 . ورقمه : 1994 .

  10. #10
    الصورة الرمزية أشـــوفك حلـــم
    عضو متميز جدا

    أشـــوفك حلـــم غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    2,289
    الملائكة والمؤمنون
    المطلب الأول
    دور الملائكة تجاه المؤمنين ( الجزء الثاني )
    7- تسجيل الملائكة الذين يحضرون الجمعة :
    وهؤلاء الملائكة يسجلون بعض أعمال العباد ، فيسجلون الذين يؤمون الجُمَع الأول فالأول . فعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة على باب المسجد يكتبون الأول فالأول ، فإذا خرج الإمام طووا صحفهم ، وجلسوا يستمعون الذكر ) . متفق عليه (1) .
    ويسجلون ما يصدر عن العباد من أقوال طيبة ، ففي صحيح البخاري وغيره عن رفاعة بن رافع الزرقي قال : ( كنا يوماً نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركعة ، قال : ( سمع الله لمن حمده ) قال رجل وراءَه : ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه . فلما انصرف ، قال : ( من المتكلم ؟ ) قال : أنا . قال : ( لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها أول ) (2) . فهؤلاء الكتبة من الملائكة غير الملكين اللذين يسجلان صالح أعماله وطالحها بالتأكيد ؛ لكونهم بضعة وثلاثين ملكاً .
    8- تعاقب الملائكة فينا :
    وهؤلاء الملائكة الذين يطوفون في الطرق يلتمسون الذكر ، ويشهدون الجمع والجماعات يتعاقبون فينا ، فطائفة تأتي ، وطائفة تذهب ، وهم يجتمعون في صلاة الصبح ، وصلاة العصر ، ففي صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة ، رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن لله ملائكة يتعاقبون فيكم ، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ، ثم يعرج الذين باتوا فيكم ، فيسألهم ربهم ، وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : تركناهم وهم يصلون ، وأتيناهم وهم يصلون ) (3) .
    ولعل هؤلاء هم الذين يرفعون أعمال العباد إلى ربهم ، ففي صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري ، رضي الله عنه ، قال : ( قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات ، فقال : ( إنّ الله عزّ وجلّ لا ينام ، ولا ينبغي له أن ينام ، يخفض القسط ويرفعه ، يُرفع إليه عمل الليل قبل النهار ، وعمل النهار قبل الليل ... ) (4) الحديث .
    وقد عظّم الله شأن صلاة الفجر ؛ لأن الملائكة تشهدها ، قال : ( وقرآن الفجر إنَّ قرآن الفجر كان مشهوداً ) .
    9- تنزلّهم عندما يقرأ المؤمن القرآن :
    ومنهم من يتنزّل من السماء حين يقرأ القرآن ؛ ففي صحيح مسلم عن البراء بن عازب قال : ( قرأ رجل سورة الكهف ، وفي الدار دابة ، فجعلت تنفر ، فإذا ضبابة أو سحابة قد غشيته ، قال فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم . فقال : ( اقرأ فلان ، فإنها السكينة تنزلت عند القرآن ، أو تنزلت للقرآن ) (5) .
    وعن أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه : أن أسيد بن حضير بينما هو في ليلة يقرأ في مربده (6) ، إذ جالت (7) فرسه ، فقرأ ، ثم جالت أخرى ، فقرأ ، ثم جالت أيضاً . قال أسيد : فخشيت أن تطأ يحيى ، فقمت إليها ، فإذا مثل الظلة فوق رأسي ، فيها أمثال السرج ، عرجت في الجوّ حتى ما أراها .
    قال : فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله ، بينا أنا البارحة من جوف الليل أقرأ في مربدي ، إذ جالت فرسي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اقرأ ابن حضير ) قال : فقرأت ، ثمّ جالت أيضاً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اقرأ ابن حضير ) : قال : فقرأت ، ثم جالت أيضاً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اقرأ ابن حضير ) : قال : فانصرفت ، وكان يحيى قريباً منها ، خشيت أن تطأه ، فرأيت مثل الظلة فيها أمثال السرج ، عرجت في الجوّ حتى ما أراها .
    فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تلك الملائكة كانت تسمع لك ، ولو قرأت لأصبحت يراها الناس ما تستتر منهم ) (8) .
    10- يبلّغون الرسول صلى الله عليه وسلم عن أمته السلام :
    روى النسائي والدارمي عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام ) (9) .
    11- تبشيرهم المؤمنين :
    فقد حملوا البشرى إلى إبراهيم بأنه سيرزق بذرية صالحة : ( هل أَتَاكَحديث ضيف إبراهيم المكرمين – إذ دخلوا عليه فقالوا سلاماً قال سلاماٌ قوم مُّنكرون – فراغ إلى أهله فجاء بعجلٍ سمينٍ – فقرَّبه إليهم قال ألا تأكلون – فأوجس منهم خيفةً قالوا لا تخف وبشروه بغلامٍ عليمٍ ) [ الذاريات : 24-28 ] .
    وبشرت زكريا بيحي : ( فنادته الملائكة وهو قائِمٌ يصلي في المحراب أنَّ الله يبشرك بِيَحْيَى ) [ آل عمران : 39 ] .
    وليس هذا مقصوراً على الأنبياء والمرسلين ، بل قد تبشر المؤمنين ، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنّ رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى ، فأرصد الله (10) له على مدرجته (طريقه) ملكاً ، فلما أتى عليه ، قال : أين تريد ؟ قال : أريد أخاً لي في هذه القرية ، قال : هل لك عليه من نعمة تربّها ؟ قال : لا ، غير أني أحببته في الله عزّ وجلّ ، قال : فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه ) (11) .
    وفي صحيح البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أتاني جبريل ، فقال : يا رسول الله ! هذه خديجة قد أتتك معها إناء فيه إِدام أو طعام أو شراب ، فإذا هي قد أتتك ، فاقرأ عليها السلام ، من ربّها ومني ، وبشرها ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب ) (12) .

  11. #11
    الصورة الرمزية أشـــوفك حلـــم
    عضو متميز جدا

    أشـــوفك حلـــم غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    2,289
    - الملائكة والرؤيا في المنام :
    روى البخاري في صحيحه في باب التهجد ، عن عبد الله بن عمر ، رضي الله عنهما ، قال : " كان الرجل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى رؤيا قصّها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتمنيت أن أرى رؤيا فأقصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكنت غلاماً شاباً ، وكنت أنام في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرأيت في النوم كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار ، فإذا هي مطوية كطيّ البئر ، وإذا لها قرنان كقرني البئر ، وإذا فيها أناس قد عرفتهم ، فجعلت أقول : أعوذ بالله من النار ، قال : فلقيهما ملك آخر ، فقال لي : لم ترع " (13) ؛ أي لا تخف .
    وفي صحيح البخاري عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أريتك في المنام يجيء بك الملك في سَرَقَةٍ من حرير ، فقال لي : هذه امرأتك ، فكشفتُ عن وجهك الثوب ، فإذا أنت هي ، فقلت : إن يك هذا من الله يمضه ) (14) .
    13- يقاتلون مع المؤمنين ويثبتونهم في حروبهم :
    وقد أمد الله المؤمنين بأعداد كثيرة من الملائكة في معركة بدر : ( إذ تستغيثون ربَّكم فاستجاب لكم أَنِّي مُمِدُّكُم بألفٍ من الملائكة مردفين ) [ الأنفال : 9 ] ، ( ولقد نصركم الله ببدرٍ وأنت أذلةٌ فاتَّقوا الله لعلَّكم تشكرون – إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يُمِدَّكُمْربُّكم بثلاثة آلافٍ من الملائكة منزلين – بلى إن تصبروا وتتَّقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربُّكم بخمسة آلافٍ من الملائكة مُسَوِّمِينَ ) [ آل عمران : 123-125 ] .
    وفي صحيح البخاري عن ابن عباس : أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في يوم بدر : ( هذا جبريل آخذ برأس فرسه ، عليه أداة حرب ) (15) .
    وقد بين الله الحكمة والغاية من هذا الإمداد ، وهو تثبيت المؤمنين ، والمحاربة معهم ، وقتال الأعداء ، وقتلهم بضرب أعناقهم وأيديهم : ( وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئِنَّ به قلوبكم وما النَّصر إلاَّ من عند الله إنَّ الله عزيز حكيم ) [ الأنفال : 10 ] ، ( إذ يُوحِي ربُّك إلى الملائكة أَنِّي معكم فثبتوا الَّذين آمنوا سألقي في قلوب الَّذين كفروا الرُّعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كلَّ بنانٍ ) [ الأنفال : 12 ] .
    وقال في سورة آل عمران : ( وما جعله الله إلا بشرى لكم وَلِتَطْمَئِنَّقلوبكم به وما النَّصر إلاَّ من عند الله العزيز الحكيم – ليقطع طرفاً من الَّذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خَآئِبِينَ ) [ آل عمران : 126-127 ] .
    وقد سمع أحد المقاتلين من المسلمين صوت ضربة ملك ، ضرب بها أحد الكفار ، وصوته وهو يزجر فرسه ، ففي صحيح مسلم عن ابن عباس قال : ( بينما رجل من المسلمين يومئذٍ يشتدّ في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه ، وصوت الفارس يقول : أقدم حيزوم ، فنظر إلى المشرك أمامه ، فخرّ مستلقياً ، فنظر إليه ، فإذا هو قد خُطم أنفه ، وشقّ وجهه ، كضربة السوط ، فاخضر ذلك أجمع ، فجاء الأنصاري ، فحدث بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( صدقت ، ذلك من مدد السماء الثالثة ) (16) .
    وقد حاربت الملائكة في مواقع أخر ؛ ففي غزوة الخندق أرسل الله ملائكته : ( يا أيها الَّذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنودٌ فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها ) [ الأحزاب : 9 ] ، والمراد بالجنود التي لم يروها الملائكة ، كما ثبت في الصحاح وفي غيرها : ( أن جبريل جاء الرسول صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه صلى الله عليه وسلم من الخندق وقد وضع سلاحه واغتسل ، فأتاه جبريل وهو ينفض رأسه من الغبار ، فقال للرسول صلى الله عليه وسلم : وضعت السلاح ؟ والله ما وضعناه ، أخرج إليهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فأين ؟ فأشار إلى بني قريظة ) (17) .
    وفي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه قال : " كأني أنظر إلى الغبار ساطعاً في زقاق بني غنم ، موكب جبريل حين سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة " (18) .

  12. #12
    الصورة الرمزية أشـــوفك حلـــم
    عضو متميز جدا

    أشـــوفك حلـــم غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    2,289
    حمايتهم للرسول صلى الله عليه وسلم :
    روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال أبو جهل : هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم ؟ قال : فقيل : نعم ، فقال : واللات والعزى ، لئن رأيته يفعل ذلك لأطأنّ على رقبته ، أو لأعفرنّ وجهه في التراب .
    قال : فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهويصلي ، زعم ليطأ على رقبته . قال : فما فجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبه ، ويتقي بيديه ، قال : فقيل له : ما لك ؟ فقال : إن بيني وبينه لخندقاً من نار ، وهولاً وأجنحة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً ) (19) .
    ورواه البخاري بأخصر من رواية مسلم هذه ، في كتاب التفسير (20) .
    15- حمايتهم ونصرتهم لصالحي العباد وتفريج كربهم :
    وقد يرسلهم الله لحماية بعض عباده الصالحين من غير الأنبياء والمرسلين ، وقد يكون من هذا ما حصل لرجل ذكر ابن كثير خبره . ففي تفسير ابن كثير عند قوله تعالى : ( أمَّن يجيب المضطرَّ إذا دعاهُ ) [ النمل : 62 ] قال :
    ذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة رجل حكى عنه أبو بكر محمد بن داود الدينوري المعروف بالدقي الصوفي ، قال هذا الرجل : ( كنت أكاري على بغل لي من دمشق إلى بلد الزبداني ، فركب معي ذات مرة رجل ، فمررنا على بعض الطريق على طريق غير مسلوكة ، فقال لي : خذ في هذه فإنها أقرب ، فقلت : لا خيرة لي فيها ، فقال : بل هي أقرب ، فسلكناها .
    فانتهينا إلى مكان وعر ، وواد عميق ، وفيه قتلى كثيرة ، فقال لي : أمسك رأس البغل ، حتى أنزل ، فنزل وتشمر وجمع عليه ثيابه ، وسلّ سكيناً معه وقصدني ، ففررت من بين يديه وتبعني ، فناشدته الله ، وقلت : خذ البغل بما عليه ، فقال : هو لي ؛ وإنما أريد قتلك ، فخوفته الله والعقوبة ، فلم يقبل .
    فاستسلمت بين يديه ، وقلت : إني أريد أن تتركني حتى أصلي ركعتين ، فقال : عجّل ، فقمت أصلي ، فأُرتِج عليَّ القرآن ، فلم يحضرني منه حرف واحد ، فبقيت واقفاً متحيراً ، وهو يقول : هيه ، افرغ ، فأجرى الله على لساني قوله : ( أمَّن يجيب المضطر إذا دعاهُ ويكشف السوء ) [ النمل : 62 ] ، فإذا أنا بفارس قد أقبل من فم الوادي وبيده حربة ، فرمى بها الرجل ، فما أخطأت فؤاده ، فخرّ صريعاً ، فتعلقت بالفارس ، وقلت : بالله من أنت ؟ فقال : أنا رسول الذي يجيب المضطر ، إذا دعاه ، ويكشف السوء . قال : فأخذت البغل والحمل ، ورجعت سالما " .
    ومن ذلك إرسال الله جبريل لإغاثة أم إسماعيل في مكة ، ففي صحيح البخاري عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة مهاجرة إبراهيم بابنه إسماعيل وأمّه هاجر إلى أرض مكة – وهي قصة طويلة – وفيها أن أمّ إسماعيل سعت سعي الإنسان المجهود بين الصفا والمروة سبع مرات تبحث عن الماء ، ( فلما أشرفت على المروة سمعت صوتاً ، فقالت : صه تريد نفسها ، ثمّ تسمعت أيضاً ، فقالت : قد أسمعت إن كان عندك غواث ، فإذا هي بالملك عند موضع زمزم ، فبحث بعقبه ، أو قال : بجناحه ، حتى ظهر الماء ... فقال لها الملك : لا تخافوا الضّيعة فإن ههنا يت الله يبنيه هذا الغلام وأبوه ، وإن الله لا يضيع أهله ) (21) .
    وهذا الملك الذي جاءها هو جبريل ، ففي المسند عن ابن عباس عن أبيّ بن كعب قال : ( إن جبريل لما ركض زمزم بعقبه ، جعلت أم إسماعيل تجمع البطحاء ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( رحم الله هاجر أم إسماعيل ، لو تركتها لكانت عيناً معيناً ) (22) .

  13. #13
    الصورة الرمزية أشـــوفك حلـــم
    عضو متميز جدا

    أشـــوفك حلـــم غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    2,289
    16- شهود الملائكة لجنازة الصالحين :
    قال الرسول صلى الله عليه وسلم في سعد بن معاذ : ( هذا الذي تحرّك له العرش ، وفتحت له أبواب السماء ، وشهده سبعون ألفاً من الملائكة ، لقد ضُمّ ضمة ، ثمّ فرّج عنه ) . رواه النسائي عن ابن عمر (23) .
    17- إضلالها للشهيد بأجنحتها :
    في البخاري عن جابر ، قال : ( جيء بأبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد مثل به ، ووضع بين يديه ، فذهبت أكشف عن وجهه ، فنهاني قومي ، فسمع صوت نائحة ، فقيل : ابنة عمرو – أو أخت عمرو - . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لمَ تبكي ، أو لا تبكي ، ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها ) .
    وقد عنون له البخاري بقوله : ( باب ظل الملائكة على الشهيد ) (24) .
    18- الملائكة الذين جاؤوا بالتابوت :
    قال تعالى : ( وقال لهم نبيُّهم إنَّ آية ملكه أن يأتيكم التَّابوت فيه سيكنةٌ من ربَّكم وبقيَّةٌ ممَّا ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة ) [ البقرة : 248 ] .
    والذي يعنينا من هذه الآية ما أخبرنا الله به ، أن الملائكة جاءت بني إسرائيل ، في تلك الفترة ، بتابوت ، تطميناً لهم وتثبيتاً ؛ كي يعلموا أن طالوت مختار من الله تعالى ، فيتابعوهُ ويطيعوهُ .
    19- حمايتهم للمدينة ومكة من الدجال :
    يدخل الدجال عندما يخرج كل بلد إلا مكة والمدينة ؛ لحماية الملائكة لهما ، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم من حديث فاطمة بنت قيس من قصة تميم الداري : أن الدجال قال : ( إني أنا المسيح الدجال ، وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج ، فأخرج فأسير في الأرض ، فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة ، غير مكة وطيبة ، فهما محرمتان عليّ كلتاهما ، كلما أردت أن أدخل واحدة ، أو أحداً منهما ، استقبلني ملك بيده السيف صلتاً ، يصدني عنهما ، وإن على كل نَقْب منها ملائكة يحرسونها ) .
    قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وطعن بمخصرته في المنبر : ( هذه طيبة ، هذه طيبة ، هذه طيبة ) ، يعني : المدينة (25) .
    وروى البخاري عن أبي بكرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال ، ولها يومئذٍ سبعة أبواب ، على كل باب ملكان ) (26) .
    وفي صحيح البخاري أيضاً عن أبي هريرة : أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( على أنقاب المدينة ملائكة ، لا يدخلها الطاعون ولا الدجال ) (27) .
    20- نزول عيسى بصحبة ملكين :
    في سنن الترمذي عن النواس بن سمعان عن النبي صلى الله عليه وسلم : في ذكره حديث الدجال ، وفيه : ( فبينما هو كذلك إذ هبط عيسى ابن مريم عليه السلام بشرقي دمشق ، عند المنارة البيضاء ، بين مهرودتين ، واضعاً يَدَيْهِ على أجنحة ملكين ) (28) .
    21- الملائكة باسطة أجنحتها على الشام :
    عن زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( يا طوبى للشام ، يا طوبى للشام ) . قالوا يا رسول الله وبم ذلك ؟ قال : ( تلك ملائكة الله باسطوا أجنحتها على الشام ) (29) .
    22- ما في موافقة الملائكة من أجر وثواب :
    ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا أمّن الإمام ، فأَمِّنوا ، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة ، غفر له ما تقدم من ذنبه ) (30) .
    وفي صحيح البخاري : ( إذا قال أحدكم : آمين ، وقالت الملائكة في السماء : آمين ، فوافقت إحداهما الأخرى ، غفر له ما تقدم من ذنبه ) (31) .
    وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا قال الإمام : سمع الله لمن حمده ، فقولوا : اللهمّ ربنا لك الحمد ، فإنه من وافق قوله قول الملائكة ، غفر له ما تقدم من ذنبه ) (32) .

    --------------------------------
    (1) مشكاة المصابيح : 1/436 . ورقمه : 1384 .
    (2) رواه البخاري : 2/284 . ورقمه : 799 .
    (3) رواه البخاري : 6/306 . ورقمه : 3223 . ورواه مسلم : 1/439 . ورقمه : 632 .
    (4) صحيح مسلم :1/162 . ورقمه : 179 . وفي رواية لمسلم : ( أربع كلمات ) .
    (5) صحيح مسلم : 1/548 . ورقمه : 796 .
    (6) المربد : الموضع الذي ييبس فيه التمر ، كالبيدر .
    (7) جالت : وثبت .
    (8) رواه البخاري : 9/63 . ورقمه : 5018 . من رواية محمد بن إبراهيم عن أسيد بن حضير . ورواه مسلم : 1/548 . ورقمه : 796 . واللفظ لمسلم .
    (9) مشكاة المصابيح : 1/291 . ورقمه : 924 . وقال محقق المشكاة ، الشيخ ناصر الدين الألباني : إسناده صحيح ، وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي .
    (10) أرصد على مدرجته : أقعد على طريقه .
    (11) صحيح مسلم : 4/1988 . ورقمه : 2567 .
    (12) رواه البخاري : 7/133 . ورقمه : 3820 . ورواه مسلم : 4/1887 . ورقمه : 232 . واللفظ لمسلم .
    (13) رواه البخاري : 3/6 . ورقمه : 1121 . ورواه مسلم : 4/1927 . ورقمه : 2479 .
    (14) رواه البخاري بهذا اللفظ في كتاب النكاح : 9/180 . ورقمه : 5125 . ورواه في مناقب الأنصار : 7/223 . ورقمه : 3895 . وفي التعبير : 12/399 . ورقمه : 7011 ، 7012 ، ورواه مسلم : 4/1889 . ورقمه : 2438 .
    (15) صحيح البخاري : 7/312 . ورقمه : 3995 .
    (16) صحيح مسلم : 3/1384 . ورقمه : 1763 .
    (17) رواه البخاري : 7/407 . ورقمه : 4117 .ورواه مسلم في صحيحه : 3/1389 . ورقمه : 1769 .
    (18) رواه البخاري : /407 . ورقمه : 4118 .
    (19) صحيح مسلم : 4/2154 . ورقمه : 2797 .
    (20) صحيح البخاري : 8/724 . ورقمه : 4958 .
    (21) صحيح البخاري : 6/397 . ورقمه : 3364 .
    (22) مسند أحمد : 5/121 .
    (23) حديث اهتزاز العرش لموت سعد . رواه البخاري : 7/122 . ورقمه : 3802 . ورواه مسلم عن جابر : 4/1915 . ورقمه : 2466 . أما شهود الملائكة لجنازته ففي سنن النسائي . انظر صحيح سنن النسائي : 2/441 . ورقمه : 1942 .
    (24) صحيح البخاري : 6/32 . ورقمه : 2816 .
    (25) رواه مسلم : 4/2263 . ورقمه : 2942 .
    (26) صحيح البخاري : 13/90 . ورقمه : 7125 .
    (27) صحيح البخاري : 13/101 . ورقمه : 7123 .
    (28) نزول عيسى عليه السلام ثابت في صحيح مسلم : 4/2259 . حديث رقم : 2940 ، أما الحديث المذكور فرواه الترمذي . انظر صحيح سنن الترمذي : 2/249 . ورقمه : 1825 .
    (29) قال الشيخ ناصر ، في تخريج أحاديث فضائل الشام ، للربعي : " هو حديث صحيح أخرجه الترمذي ، والحاكم في المستدرك ، وأحمد في المسند ، وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ، ووافقه الذهبي ، وهو كما قالا ، وقال المنذري في الترغيب والترهيب : ورواه ابن حبان في صحيحه ، والطبراني بإسناد صحيح " .
    (30) صحيح البخاري : 2/262 . ورقمه : 780 . ورواه مسلم : 1/307 . ورقمه : 410 .
    (31) صحيح البخاري : 2/266 . ورقمه : 781 .
    (32) صحيح البخاري : 2/283 . ورقمه : 796 .

  14. #14
    الصورة الرمزية أشـــوفك حلـــم
    عضو متميز جدا

    أشـــوفك حلـــم غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    2,289
    الملائكة والمؤمنون
    المطلب الثاني
    واجب المؤمن تجاه الملائكة
    الملائكة عباد الله اختارهم واصطفاهم ، ولهم مكانة عند ربهم ، والمؤمن الذي يعبد الله ، ويتبع رضوانه لا مناص له من أن يتولى الملائكة بالحب والتوقير ، ويتجنب كل ما من شأنه أن يسيء إليهم ويؤذيهم ، وفي المبحث التالي نتناول شيئاً من ذلك بالبيان والتوضيح .
    1- عدم إيذاء الملائكة :
    شدَّد العلماء النكير على من يسبُّ الملائكة أو يتكلم بكلام يعيبهم ، قال العلامة السيوطي رحمه الله تعالى : " قال القاضي عياض في الشفا : قال سحنون : من شتم ملكاً من الملائكة فعليه القتل ، وقال أبو الحسن القابسي في الذي قال لآخر : كأنه وجه مالك الغضبان : لو عرف أنه قصد ذم الملك قتل .
    قال القاضي عياض : وهذا فيمن تكلم فيهم بما قلناه على جملة الملائكة ، أو على معين ممن حققنا كونه من الملائكة ، ممن نص الله عليه في كتابه ، أو حققنا علمه بالخبر المتواتر ، والمشتهر المتفق عليه بالإجماع القاطع ، كجبريل ، وميكائيل ، ومالك ، وخزنة الجنة وجهنم ، والزبانية ، وحملة العرش ، وعزرائيل ، وإسرافيل ، ورضوان ، والحفظة ، ومنكر ونكير .
    فأما من لم تثبت الأخبار بتعيينه ، ولا وقع الإجماع على كونه من الملائكة كهاروت وماروت ، فليس الحكم فيهم ، والكافر بهم كالحكم فيمن قدمناه ؛ إذ لم تثبت لهم تلك الحرمة " (1) .
    ونقل السيوطي عن القرافي المالكي قوله : " اعلم أنه يجب على كل مكلف تعظيم الأنبياء بأسرهم ، وكذلك الملائكة ، ومن نال من أعراضهم شيئاً فقد كفر ، سواء كان بالتعريض أو بالتصريح ، فمن قال في رجل يراه شديد البطش : هذا أقسى قلباً من مالك خازن النار ، وقال في رجل رآه مشوه الخلق : هذا أوحش من منكر ونكير ، فهو كافر ، إذا قال ذلك في معرض النقص بالوحاشة ، والقساوة " (2) .
    2- البعد عن الذنوب والمعاصي :
    أعظم ما يؤذي الملائكة الذنوب والمعاصي والكفر والشرك ، ولذا فإن أعظم ما يُهْدَى للملائكة ويرضيهم أن يخلص المرء دينه لربه ، ويتجنب كل ما يغضبه .
    ولذا فإنَّ الملائكة لا تدخل الأماكن والبيوت التي يعصى فيها الله تعالى ، أو التي يوجد فها ما يكرهه الله ويبغضه ، كالأنصاب والتماثيل والصور ، ولا تقرب من تلبس بمعصية كالسكران .
    قال ابن كثير (3) : ثبت في الحديث المروي في الصحاح والمسانيد والسنن من حديث جماعة من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا يدخل الملائكة بيتا فيه صورة ولا كلب ولا جُنب ) .
    وفي رواية عن عاصم بن ضمرة عن علي : ( ولا بول ) ، وفي رواية رافع عن أبي سعيد مرفوعاً : ( لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب أو تمثال ) ، وفي رواية ذكوان أبي صالح السماك عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تصحب الملائكة رفقة معهم كلب أو جرس ) (4) .
    وروى البزار بإسناد صحيح عن بريدة ، رضي الله عنه : أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاث لا تقربهم الملائكة : السكران ، والمتضمخ بالزعفران ، والجنب ) (5) .
    وفي سنن أبي داود بإسناد حسن ، عن عمار بن ياسر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاثة لا تقربهم الملائكة : جيفة الكافر ، والمتضمخ بالخلوق ، والجنب إلا أن يتوضأ ) (6) .
    3- الملائكة تتأذى مما يتأذى منه ابن آدم :
    ثبت في الأحاديث الصحيحة أن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم ، فهم يتأذون من الرائحة الكريهة ، والأقذار والأوساخ .
    روى البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : ( من أكل الثوم والبصل والكراث ، فلا يقربنّ مسجدنا ؛ فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم ) (7) .
    وقد بلغ الأمر بالرسول صلى الله عليه وسلم أن أمر بالذي جاء إلى المسجد – ورائحة الثوم أو البصل تنبعث منه – أن يخرج إلى البقيع . ( وهذا ثابت في صحيح مسلم ) (8) .
    4- النهي عن البصاق عن اليمين في الصلاة :
    نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن البصاق عن اليمين في أثناء الصلاة ؛ لأن المصلي إذا قام يصلي يقف عن يمينه ملك ، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا قام أحدكم إلى الصلاة ، فلا يبصق أمامه ، فإنما يناجي الله ما دام في مصلاه ، ولا عن يمينه ؛ فإن عن يمينه ملكاً ، وليبصق عن يساره ، أو تحت قدمه فيدفنها ) (9) .
    5- موالاة الملائكة كلهم :
    وعلى المسلم أن يحب جميع الملائكة ، فلا يفرق في ذلك بين ملك وملك ؛ لأنهم جميعاً عباد الله عاملون بأمره ، تاركون لنهيه ، وهم في هذا وحدة واحدة ، لا يختلفون ولا يفترقون . وقد زعم اليهود أن لهم أولياء وأعداء من الملائكة ، وزعموا أن جبريل عدو لهم ، وميكائيل ولي لهم ، فأكذبهم الله تعالى – في مدعاهم – وأخبر أن الملائكة لا يختلفون فيما بينهم : ( قل من كان عدوّاً لجبريل فإنَّه نزَّله على قلبك بإذن الله مصدّقاً لما بين يديه وهدىً وبشرى للمؤمنين – من كان عدوّاً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإنَّ الله عدوٌّ للكافرين ) [ البقرة : 97-98 ] .
    فأخبر سبحانه أن الملائكة كلهم وحدة واحدة فمن عادى واحداً منهم ، فقد عادى الله وجميع الملائكة ، أمّا تولي بعض الملائكة ومعاداة بعض آخر ، فهي خرافة لا يستسيغها إلا مثل هذا الفكر اليهودي المنحرف ، وهذه المقولة التي حكاها القرآن عن اليهود عذر واهٍ عللوا به عدم إيمانهم ، فزعموا أن جبريل عدوهم ؛ لأنّه يأتي بالحرب والدمار ، ولو كان الذي يأتي الرسول صلى الله عليه وسلم ميكائيل لتابعوه .
    وراجع النصوص الواردة في سبب نزول هذه الآية في تفسير ابن كثير وغيره .

    --------------------------------
    (1) الحبائك في أخبار الملائك ، للسيوطي : 254 .
    (2) الحبائك في أخبار الملائك ، للسيوطي : 255 .
    (3) البداية والنهاية : 1/55 .
    (4) البداية والنهاية : 1/55 .
    (5) صحيح الجامع : 3/70 .
    (6) صحيح سنن أبي داود : 2/872 .
    (7) أحاديث نهي من أكل البصل والثوم عن قربان المسجد في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما ، إلا أن هذا اللفظ رواه مسلم : 1/394 . ورقمه : 567 .
    (8) صحيح مسلم : 1/396 . ورقمه : 567 .
    (9) صحيح البخاري : 1/512 . ورقمه : 416 .

  15. #15
    الصورة الرمزية أشـــوفك حلـــم
    عضو متميز جدا

    أشـــوفك حلـــم غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    2,289
    الملائكة والكفار والفساق
    وضحنا فيما سبق موقف الملائكة من المؤمنين ، وقد اتضح من خلال ذلك موقفهم من الكفرة ، فهم لا يحبون الكفرة الظالمين المجرمين ، بل يعادونهم ويحاربونهم ، ويزلزلون قلوبهم ، كما حدث في معركة بدر والأحزاب ، ونزيد الأمر هنا تفصيلاً وإيضاحاً بذكر ما لم نذكره هناك .
    1- إنزال العذاب بالكفار :
    عندما كان يُكذَّب رسول من الرسل ، ويصرّ قومه على التكذيب ، كان الله ينزل في كثير من الأحيان بهم عذابه ، وكان الذي يقوم بالتعذيب أحياناً الملائكة .
    2- إهلاكهم قوم لوط :
    جاء الملائكة المأمورون بتعذيب قوم لوط في صورة شبان حسان الوجوه ، واستضافهم لوط ، ولم يعلم قومه بهم ، فدلت زوجة لوط قومها عليهم ، فجاؤوا مسرعين ، يريدون بهم الفاحشة ، فدافعهم لوط ، وحاورهم ، فأبوا عليه ، فضربهم جبريل بجناحه ، فطمس أعينهم ، وأذهب بصرها : ( ولمـَّا جاءت رسلنا لوطاً سِيءَ بهم وضاق بهم ذرعاً وقال هذا يوم عصيبٌ – وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السَّيِّئَاتِ قال يا قوم هؤلاء بناتي هُنَّ أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجلٌ رَّشِيدٌ – قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حقٍ وإنَّك لتعلم ما نريد – قال لو أنَّ لي بكم قوَّةً أو آوي إلى ركنٍ شديدٍ – قالوا يا لوط إنّا رسل ربك لن يصلوا إليك ) [هود : 77-81] .
    قال ابن كثير (1) : وذكروا أن جبريل – عليه السلام – خرج عليهم ، فضرب وجوههم خفقة بطرف جناحه ، فطمست أعينهم ، حتى قيل غارت بالكلية ، ولم يبق لها محل ولا أثر ... قال تعالى : ( ولقد رَاوَدُوهُعن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر ) [ القمر : 37 ] .
    وفي الصباح أهلكهم الله تعالى : ( فلمَّا جاء أمرنا جعلنا عَالِيَهَا سافلها وأمطرنا عليها حجارةً من سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ – مسوَّمةٍ عند ربك وما هي من الظَّالمين ببعيدٍ ) [ هود : 82-83] قال ابن كثير في تفسيره : قال مجاهد : " أخذ جبريل قوم لوط من سرحهم ودورهم ، حملهم بمواشيهم وأمتعتهم ، ورفعهم حتى سمع أهل السماء نباح كلابهم ، ثم كفأها ، وكان حملهم على خوافي جناحه الأيمن " . وذكر أقوالاً مقاربة لهذا القول ، ولم يورد حديثاً يشهد لهذا .

+ الرد على الموضوع
صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 1 2 3 الأخيرةالأخيرة

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك