بسم الله الرحمن الرحيم
أحبتي الــــــكرام
من استشعر حلاوة الإيمان قاده ذلك إلى المسارعة في الطاعات ومن نفيس من تكلم عن هذه الحلاوة ابن رجب الحنبلي رحمه الله في كتابه الماتع فتح الباري فقال معلقا على حديث
أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار " . وقد خرجه مسلم وعنده في رواية : " فقد وجد طعم الإيمان ، وجاء في رواية : " وجد طعم الإيمان وحلاوته " .
فهذه الثلاث خصال من أعلى خصال الإيمان ، فمن كملها فقد وجد حلاوة الإيمان وطعم طعمه ، فالإيمان له حلاوة وطعم يذاق بالقلوب كما يذاق حلاوة الطعام والشراب بالفم ، فإن الإيمان هو غذاء القلوب وقوتها كما أن الطعام و الشراب غذاء الأبدان وقوتها ، وكما أن الجسد لا يجد حلاوة الطعام والشراب إلا عند صحته فإذا سقم لم يجد حلاوة ما ينفعه من ذلك ، بل قد يستحلي ما يضره وما ليس فيه حلاوة لغلبة السقم عليه ، فكذلك القلب إنما يجد حلاوة الإيمان إذا سلم من أسقامه وآفاته ، فإذا سلم من مرض الأهواء المضلة والشهوات المحرمة وجد حلاوة الإيمان حينئذ ، ومتى مرض وسقم لم يجد حلاوة الإيمان ، بل يستحلي ما فيه هلاكه من الأهواء والمعاصي . ومن هنا قال صلى الله عليه وسلم : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " ، لأنه لو كمل إيمانه لوجد حلاوة الإيمان فاستغنى بها عن استحلاء المعاصي .
سئل وهيب بن الورد : هل يجد طعم الإيمان من يعصي الله ؟ قال : لا ، ولا من هم بالمعصية . وقال ذو النون : كما لا يجد الجسد لذة الطعام عند سقمه كذلك لا يجد القلب حلاوة العبادة مع الذنوب . فمن جمع هذه الخصال الثلاثة المذكورة في هذا الحديث فقد وجد حلاوة الإيمان وطعم طعمه.اهـ بتصرف
مواقع النشر (المفضلة)