كتاب (أسرار قنبلة صدام) لمؤلفه مصمم القنبلة العراقية..
سنوات التواطؤ وظاهرة الاعترافات المتأخرة..!!
صدر في العاصمة الأمريكية واشنطن كتاب (أسرار قنبلة صدام) الذي ضمنه مؤلفه العالم النووي العراقي الدكتور خضر حمزة المعروف في الأوساط الغربية بأنه مصمم القنبلة العراقية التفاصيل البالغة السرية للقنبلة الشعاعية التي أجريت أول تجربة عليها من قبل النظام الحاكم في بغداد عام 1987.
وقد وردت في الكتاب أيضا معلومات خطيرة عن دور المؤلف في انجاز تلك المهمة وسط أجواء أمنية وسرية شديدة وبمساعدة خبراء أجانب موضحا كيف تم اخفاء الأسرار عن مفتشي الأمم المتحدة بعد حرب الخليج وقارعا ناقوس الخطر معلنا ان طاغية بغداد بات قاب قوسين أو أدنى من صنع قنبلة فاعلة لديه الاستعداد التام لاستخدامها عند الضرورة.
وسواء جاءت هذه المعلومات الواردة في الكتاب والذي نشرت تفاصيله على شكل حلقات متتابعة صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية.. سواء جاءت في الوقت المناسب أو بعد فوات الأوان خاصة وان زمن الاعتراف بها من قبل المؤلف جاء متأخرا قياسا بالفترة المعلنة من قبله والبالغة عدة أشهر فقط فإن الذي يهم الأوساط الغربية ليس اكتمال تصنيع هذه القنبلة أو عدم اكتمالها وانما المهم هو تقديم الإثارة المطلوبة والكفيلة بإبقاء الأزمة القائمة في العراق وفي عموم المنطقة تحت ذريعة وجود معلومات عن قنبلة نووية في العراق وهذا ما استطاع ان يوفره العالم الفيزيائي العراقي الدكتور خضر حمزة والتي يجب ان يكافأ عليها من قبل السلطات الأمريكية وفي مقدمتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية التي يرتبط معها ذلك العالم الفيزيائي بعلاقة تعاون وزمالة وطيدة حسب اعترافه.
والغريب ان المعلومات التي قدمها هذا العالم جاءت متأخرة جدا خاصة وان الفترة التي استغرقتها تجربة التعاون بينه وبين النظام امتدت إلى عشرين عاما جرى خلالها الكثير من الممارسات والتجارب قبل ان تتحول إلى أسرار في منتهى الإثارة حسب تعبير الصحيفة الأمريكية (نيويورك تايمز) جرى تسليمها إلى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية الـ(سي آي ايه) الأمر الذي يثير العشرات من الأسئلة وعلامات الاستفهام عن الدوافع والأسباب التي جعلته يقبل فكرة التعاون مع النظام الحاكم في بغداد ابتداء ومن ثم الاستمرار في ذلك التعاون على مدى عشرين عاما والى شوط لم يعد الزمن بينه وبين تحويل المشروع النووي الخطير إلى حقيقة على أرض الواقع سوى عدة أشهر فقط حسب اعترافه.
ترى هل كانت تلك الدوافع والأسباب نابعة من إيمان (مصمم القنبلة العراقية) بالأبعاد الوطنية والأخلاقية لذلك المشروع النووي المدمر والذي لا يتردد الطاغية المجنون عن استخدامه حسب اعترافه أم ان تلك الدوافع نابعة من الأبعاد المحفزة والمشجعة للصفقة المبرمة مع السلطات الإرهابية في بغداد.. وإذا عرفنا ان فترة الحصار ذات الأحد عشر عاما دفعت بالكثير ممن غسل الشعب يديه من خيرهم (حسب القول العراقي الدارج) ان يغادروا العراق ويعلنوا عن إيمانهم بالعمل المعارض وكفرهم بالإرهاب والدكتاتورية وإذا عرفنا ان من بين هؤلاء ضابط الأمن الذي أدلى باعترافات عن دوره البشع في سنوات جاهليته لا تقل خطورة عن اعترافات الدكتور الفيزيائي وبينهم أيضا المقربون والأقرباء جدا من الطاغية نفسه عند ذلك لم يعد هنالك أمرا خافيا عن الأسباب والدوافع مثار الأسئلة وعلامات الاستفهام خاصة وان القاسم المشترك بين هؤلاء جميعا هو قاسم واحد وذلك ما كشف عنه ذلك (الدكتور) نفسه وهو يذكر ما واجهه به رجل الـ(سي آي ايه) الأمريكي والمدعو (جون) عندما أخبره ان الإدارة الأمريكية زاهدة بجهوده مقارنة مع المعلومات التي في حوزة حسين كامل والذي كان يمضي فترة هروبه في العاصمة الأردنية عمان ويواصل جلسات اعترافه هو الآخر على كرسي المخابرات الأمريكية وقد بادر الدكتور (حمزة خضير) إلى الإساءة لمرؤوسه السابق في محاولة للتأثير على صورته في رأس رجل الـ(سي آي ايه) عندما قال له إنه يمتلك من المعلومات أكثر مما في حوزة حسين كامل فهو يتلقى المعلومات منه فضلا عن كونه ليس لديه الخلفية التقنية ولذا فهو يرى الإطار الخارجي للقنبلة، لكن ليس لديه أدنى فكرة عما في الداخل وقد ذهب الدكتور أبعد من ذلك عندما راح يوغل في الإساءة لمرؤوسه المقبور حسين كامل قائلا ان الأخير فقد معظم ذاكرته بسبب إجراءه عملية جراحية قبل ثلاث سنوات من ذلك التاريخ وإزالة ورم كان عالقا في الدماغ مؤكدا ان ما يكشف من أسرار ليس لدى كامل أدنى فكرة عنها ويبدو ان لعبة المزايدة هذه وجدت تأثيرها في نفس الأمريكي (جون) الذي راح يخاطبه بلهجة مغايرة قائلا له: (إننا تواقون لسماع كل ما تقوله يا دكتور حمزة وإننا سعداء بوجودك معنا).
وهكذا تبدو قصة كتاب (أسرار قنبلة صدام) لا تختلف بأي حال من الأحوال عن عشرات الاعترافات التي قدمت من قبل سفاحي الأمس وأدعياء الأسف والندم اليوم غير ان ما ورد في ذلك الكتاب لم يعد يمثل سوى دليل على جريمة هي في واقع الأمر قنبلة ذرية باتت جاهزة في يد مجرم لا يتردد ان يحول المنطقة إلى موقع تجربة لها وذلك بالضبط ما يمكن ان نستشف من سياق الاعترافات المدلى بها من قبل الدكتور الفيزيائي مصمم القنبلة العراقية.. ترى من المسؤول؟
مواقع النشر (المفضلة)