أما الحدث الأبرز فهو " حرب الخليج الثانية "
وأنا أتحدث إليكم عن تلك المرحلة وكنت وقتها في الصف الثاني الابتدائي ، وقد كان
الراديو على إذاعة لندن يوم الخميس صباحاً ، وكانت الأخبار تتحدث عن هجوم عراقي
على الكويت ! ومن تلك اللحظة بدأت مراسم الحياة تتغير في رفحاء ،
ابتداء من إيقاف الدراسة مرورا بحديث الناس الذي لا ينتهي عن الحرب ، فلا توجد
سيرة إ لا الحرب وأحداث الحرب وتوقعات الحرب ، وربما كثرت التوقعات
والتكهنات وأحدثت الاضطرابات الكثيرة !
وقد هرع كثير من الناس إلى تأمين الغذاء خاصة الطحين والحليب والسكر والأشياء
الضرورية ، وبعض البيوت أحكمت نوافذها بالبلاستك حتى لا يدخلها
" الكيماوي " وفي أحد الليالي سمعنا منادياً ينادي من أحد المساجد من خلال
مكبرات الصوت أظنه كان يقول " أخلوا المنازل ... أخلوا المنازل " ، وقد غادر
الجيران إلى أحد الهجر وطلبوا منا الذهاب معهم ولكن لم نفعل وبقينا في بيتنا ، ثم
جاءت الأخبار أنه لا يوجد خطر !
وقد كنا نجتمع نحن أبناء الحي في أغلب النهار والليل ، وكان حديثنا عن الحرب بعيون
الأطفال ! وأحياناً كنا نشاهد الهيلوكبتر الأمريكي وهو يهبط بالقرب منا ! وفي أحد
المرات صعدنا إلى سطح المنزل ركضاً من أجل أن نلحق على هيلوكبتر مر من فوق
السطح ، فقمنا بضربه بحذاء " الزنوبه " أكرمكم الله .
وفي أحد المرات مر بالقرب مني مدرعة أمريكية عليها جنود أمريكيون وهم يؤشرون لي
بعلامة " النصر " !!!
أما البقالات فقد انتشر فيها المأكولات الأمريكية من بسكويت وحليب
وشوكلاتة ...... الخ . أما " التلفاز " فكان يكثير فيه المحاضرات الدينية التي
تتحدث عن الحرب ، والأناشيد الوطنية ، ونشرات الأخبار
وقد حزنا بسبب توقف " أفلام الكرتون " !!! وقد جاء عدد من " الكويتيين "
إلى رفحاء واستأجروا بيوت وسكنوا بها !
الحديث عن أحداث تلك المرحلة يطول ولكني أختم بالتعليق التالي " كانت أكبر
مشكلة تواجهني في تلك الحرب ، هو السؤال : كيف مسلم يحارب مسلم !! لم
استطع أن أستوعب تلك الفكرة ، فقد نشأنا وعرفنا أن الحرب تكون بين المسلم
والكافر ! لكنها كانت مفاجأة كبيرة بالنسبة لي ! ، أيضاً التخويف والتهويل من الحرب
ربما تسرب لنا نحن الأطفال في تلك المرحلة ، فلم نكن نتصور ما هو الكيمياوي ! كنت
أتصور أنها عبارة عن حنفيات يفتحها صدام حسين بنفسه فتنطلق
إلينا كالغبار الكثيف أو كـ " العجاج " متأثر بأفلام الكرتون "
، نحن كنا نسمع ثم نبني ما نسمع على تصورات وخيالات مبنية على ما نشاهده في
أفلام الكرتون "
.
.
.
مواقع النشر (المفضلة)