الإشاعة لغة، هي الكلام المشاع، سواء كان كلاماً صحيحاً أم زوراً .
وهو مذموم على أيه حال، لأنه لو صحّ فهو كشف للعورات وفضح للمستور .
لكنّ الواقع يشهد أنّ الإشاعة لا تكون صدقاً محضاً . لأنّ الناس مولعون بالغرائب، فتجدهم يزيدون وينكّهون القصص والروايات.
ولأنّ الناس متفاوتون في أفهامهم، وهم يتلقّون الحديث كما فهموه لا كما سمعوه. . فالكلمة والحركة والنظرة كلّ ذلك قابل للتأويل والتفسير . ويزداد الخطر حين يستتبع ذلك التجسس والتنابز.
ولأنّ الناس كذلك ، فالإشاعات آفة كل المجتمعات.
إلا أنها تكثر في المجتمعات التي تجمع بين أفرادها روابط تعارف قويّة ، كمجتمعاتنا العربية ، وخاصة الريفيّة منها. حيث الإنسان معنيّ بكلّ ما يصيب أخاه أو قريبهة أو جاره. وعنايته هذه قد يترجمها تدخلاً مباشراً بدافع الحرص أو حتى بدافع ملء الفراغ.
الفراغ يخلق البيئة الملائمة لتفقيس الإشاعات ونموّها .
واليوم استفحل خطر الإشاعة بعدما عولمتها وسائل الإعلام. وما عاد خافياً كيف يتم الترويج ل أخبار كاذبة من أجل تحقيق أهداف سياسيّة أو أمنيّة أو غيرها. وأصدق شاهد على ذلك: العراق التي غزيت بحجة وجود أسلحة دمار شامل فيها.
فكيف ننجو من خطر الإشاعة؟
بانتهاج النهج الشرعي العقلي السليم: التثبّث (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا )
ولعلّ ورود هذه الآية في سورة الحجرات له دلالته، فالحجرة محضن الأسرار والتستر. كما جاء في السياق ذكر الاقتتال بين المؤمنين وسخرية بعضهم من بعض والظن ثم التجسس والغيبة وكلها واضحة الصلة بالإشاعة.
فإن أعجزنا التثبّت فحسن الظن (لولا إذ سمعتموه ظنّ المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً وقالوا سبحانك هذا بهتان عظيم) .
ومن سبل الوقاية من هذا الداء الاجتماعي الخطير قوله صلى الله عليه وسلم: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.
ومن سبل الوقاية منه قوله تعالى: والذين هم عن اللغو معرضون).
إنّ انصراف الإنسان إلى ما يصلح دنياه وآخرته وملء فراغه بالمفيد المثمر يجنّبه ومجتعه آفات خلقية عديدة ، تجمعها الإشاعة في لفظ واحد.