[align=justify]ان كانت سورية الوطن فرفحاء هي المدينه الصغيرة ..
الحقيقة ان مقالا وصلني عبر بريدي عن سورية ولقد استحسنته واعجبني رغم بعض الملاحظات الكثيرة عليه لكني سأضعه كما هو .. فقررت ان اكتب مقال مرادفا له عن رفحاء .. ارجوا ان ينال استحسانكم .. وطبعا باب الاضافة مفتوح ..
سورية الوطن (هذا من بريدي)
وما أدراك ما الوطن بالنسبة للسوريين ؟
سورية هي تلك الرغبة التي تعتريك لتناول " كاسة شاي " وأنت تأكل الجبنة البيضاء البلدية ، وذاك الخمول الذي يدفعك بعد وجبة الغذاء الدسمة إلى قيلولة غالية , هي ذاك المزيج الفوضوي الذي يجري في شوارع العاصمة آلاف من السيارات والبشر المختلطة وفق منظومة معقدة لا تستطيع أن تدركها أو تفهم آلية عملها ولكنها في النهاية تعمل ،تمتزج ، تتحرك ، وتنفصل وتتلاشى الحركة في الشوارع لتبدأ الحياة في المنازل التي تحب السهر، وتبقى البيوت المتراكمة المتسلقة جبل قاسيون مضاءة حتى يطفئوها الفجر الذي يعلنه صوت الآذان .. سورية هي فيروز الصباح.. و " سيرة الحب " في ليل دمشقي طويل.. أو موال شجي عتيق على أنغام قد حلبي .. سورية .. نشرة الأخبار بين عشق الرجال وكره النساء ، هي السياسة التي ندمنها دون أن نتعاطها .. هي خوف صبية عائدة إلى البيت في مساء متأخر , هي حب مراهق لبنت الجيران ، هي وجوه الناس التي ألفناها وقصص البيوت التي تناقلناها ، هي النميمة في صبحيه " نسوان " ، و " قعدة " رجالية في مقهى بين طاولة الزهر وعبق الدخان .. سورية هي جلسة حول " بحرة " في دار قديم تجمعنا " قرقعة " اركيلة ، عشقناها وهي ترسم تنهيدة ألم في الهواء هي عدوى الضحك على طرفة " بايخة " تنتشر بين الأصحاب وتتمادى لتصبح قهقهة عالية لا تعبأ لا بالمكان والزمان .. سورية هي محجبة وسافرة تعيش في بيت واحد ، وطبخة " شاكرية " على مائدة كريم دعا إليها كل الجيران ، مسيحي ومسلم الكل يحمدون الله على النعمة ويدعون أن يحفظها من الزوال .. سورية هي نزعة طفل للتسرب إلى الشارع واللعب مع أولاد الجيران , هي رائحة " الطبيخ " تفوح عند باب كل دار وقت الغذاء، وجلسة دافئة لأفراد العائلة حول مدفأة المازوت في ليلة باردة .. سورية هي الحارة والأصحاب ، المدرسة والطريق الذي " تسكعناه " مئات المرات ، هو الطاولة التي درسنا عليها والغرفة التي تشاركنا بها إخوة وأخوات ، هي همومنا الصغيرة التي كبرت وأحلامنا الكبيرة التي تضاءلت ، هي الذكرى التي تجمعنا في الماضي والأمل بلقاء في المستقبل قد لا يكون .. سورية هي الحب القديم ، هي القلب الذي خفق في صدورنا أول مرة ، هي الغيرة التي اشتعلت على فتاتنا تضحك لرفيق لتترك في النفس حرق لذيذ ، هي حلاوة اللقاء الذي كان وربما لن يتكرر ، هي الحياة التي انتزعناها من عمر مضى واحتفظنا بها مجرد ذكريات .. هي ضحك ، بكاء ، مئات الكلمات ، أحاديث وصور تبعثرت في ذاكرتنا يستحضرها الحنين ويحفظها الشوق ونحن نعرف بأنه لا أمل لنا في اللقاء .. سورية هي أيام عشناها في وطن كان .. نخاف أن يضيع ، سورية هي الحبيب الذي هجرناه ولم نستطع أن نعشق سواه ، سورية هي الماضي الذي منه ولدنا وعلينا أن نحرص لكي يكون المستقبل الذي يحيا أولادنا فيه .. سورية كلمة عندما نسمعها ، تشتعل قلوبنا بالمحبة ، وتدمع عيوننا الحائرة فرحا وحزننا، وتتلعثم ألسنتنا مثل مراهق يريد أن يبوح لفتاته بكلمة : أحبك
رفحاء المدينه الصغيرة..
رفحاء ..
بأبسط تعبير: هي حب ام تصحوا كل صباح يوم على انغام صراخ اطفالها .. رفحاء هي بسمة طفل في وجه اغلى ما يعتقده في الوجود وجه والده .. رفحاء ليست درجه يضعها مدرس لطالبه بل هي الامتحان .. رفحاء ليست الاجازة الاضطراريه في ظروف صعبة بل هي البقاء رغم ذلك ..هي اشعة الشمس بعد يوم ممطر تخترق الكون لتشعرك بالدفء فقط .. رفحاء ليست توقيع موظف على دفتر المتابعة بل هي الجلوس وانهاء المعاملات .. رفحاء ليست وصفة الطبيب لمريضة بل هي الابتسامه له .. رفحاء هي مشهد غروب على ساحل (البحيرة) لن يتكرر .. رفحاء ليست اغلاق الباب في وجه عاشق بل هي فتحه .. رفحاء هي تلك الرعشة المذهله عندما تتمغط في صباح جميل .. رفحاء هي لحظ الفوز بسيارة في ملتقى طريق لخير .. رفحاء اعذب انشوده رددتها حناجر اطفالنا في الصف الابتدائي الاول في مدرسة جيل المستقبل .. رفحاء هي شاندويش (رمش) عندما يزدحم امام بابه العسكري والمدني وراعي الغنم و(شريطي) السيارات والمدرس .. رفحاء ليست لحظة توزيع الشاهدات في نهاية عام حافل بل هي طلاب بعضهم ناجح والاخر راسب (والبعض الاخر سقط اسمه سهوا) .. رفحاء ليست لحظة الصمت بعد قول الامام (استوا واعتدلوا) بل هي النَفَسْ الذي يأخذه للتكبير ونسيان الدنيا بأسرها .. رفحاء ليست لحظة رنة جوال خاطب بل هي رقم فارسة الاحلام على شاشته .. رفحاء عملية ناجحه في مستشفى رفحا على يد محضر مختبرات .. رفحاء هي ممتاز مع الشكر على دفتر طالب مجتهد .. رفحاء ليست وليمه الفرح بل هي ابتسام العريس في وجه الحضور .. رفحاء لست معاقبة مفحط بل هي ألم وحسرة والده .. رفحاء الخيط الرفيق والفرق الفضيع بين دمعه الفرح والالم .. رفحاء هي جلسة شبابية برئية على ظفاف حديقة البلدية
رفحاء ليست ملتقى طريق الخير وضيوفه بل هي كل من عمل على انجاحه
رفحاء ليست (جريدة الوطن) بل هي زاوية (لكن) وابو حسام
رفحاء ليست مجرد نكرة بل هي العلم هي المبتدأ الذي يسبق الخبر هي حرف الجر الذي يجر حروف العلة على استحياء ..
اخيرا رفحاء ليست مع السلامة بل هي دمتم بوافر الصفاء والود ..[/align]
مواقع النشر (المفضلة)