من روائع القصص والقصائد بين الرولة وشمر وبين محمد بن رشيد وسطام هي وفود الشاعر المعروف أبو زويد خلف بن رخيص الشمري على سطام وقد خرج مغاضبا للأمير محمد بن رشيد وقد أكرم سطام وفادته ورحب به وقال قصيدة يمدح فيها سطام وزوجته تركية بنت مهيد اخت الفارس الشيخ تركي ابن مهيد [مصوت بالعشا] وفيها يقول :
ياراكب اللي كنها سولع الذيب
حمراُ ولا عمر الحويّـر اغـذي بـه
حمرا تفج فخوذها للمحاقيب
حمـرا تسـوف كعوبهـا فـي سبيبـه
حمرا تكسّر من عياها المصاليب
حمرا وتـوّه فـي جهلهـا منيبـه
حمرا مجرّبها مع البيـد تجريب
مـع الخـلا ماشـدّ مثلـه نجيبـه
أبوه منفّلها على الفطر الشيب
وامه خناب الجيـش مـا ينهقـي بـه
تجري بذرعان سـواة الدواليب
وحـدة تقلّطهـا والاخـرى جنيبـة
إن لجلجت لج الحصى بالنشاشيب
شد الرسن والعـود لا تعتنـي بـه
كن الشجر خلفه غدا له جناديب
عن السهـل رقّـه عفـاش الرقيبـة
لى درهمت شدّت ملاوي العصاليب
حسيس ربدا ماج عنهـا لعيبـه
تطوي الفيافي والسهـال العباعيب
عليـه بعيـدات المـوارد قريبـة
ريحة عرقها عنبر من هله جيـب
أو زعفـران بالفيـاض العشيبـة
سبيبها يكسـي متـان العراقيب
عليـه حليـا مـن شقـار الذويبـة
إليا مشت تفرح ضميـر النجاجيب
مـاذاق لذّتهـا غـذيّ الرويبـة
شذّب عليها مظلم الليـل تشذيـب
يـوم الثريـا دوبحـت للمغيبـة
يشوح لك بيت الندى لك معازيب
منوة مناكيف الشتـا عقـب غيبـة
النجر يضبح والدخن كنّه السيب
ودلال صافـي بنّهـا عـن سريبـه
منصاك ابن شعلان هو منقع الطيب
إليا سحبت رخم الجموع الحريبة
رويلات والله مابها خلط أجانيب
يانعم بالعليـا ومـن يعتـزي بـه
سطام يا سترالبنات الرعابيب
جينـاك جيّـة واحـدن مـا دري بـه
ناصيك من نجد عليّـة مطاليب
جيتـك كفـاك الله شـر المصيبـة
يا شوق من عيّت على كل خطّيب
غيرك على كل المشايخ عصي به
بنت الذي لا سولفـوا بالمعازيب
أبّـوه مصـوّت بالعشـا بالجذيبـة
مقري خشوم الفوس من شمّخ النيب
لو كان يكفي دون ذبحـه حليبـه
ماجابت الخفرات مثلك ولاجيب
من مطلع البيضـا لغربـي مغيبـه
ما يستوي للبيض غيرك ضواريب
البيض خطو المشتبه وش تبي به؟
خيلك على الأقفاي عرج(ن) تقل عيب
والا على الإقبال عجل هذيبـه
ماني غشيم اسيّب القول تسييب
واللـي زعـل ياشيـخ يلقـى لعيبـه
وقد أعطى سطام للشاعر خلف قطيعا من الإبل إكراما له ولمدحه.
وعندما مدح الشيخة تركية زوجة سطام، قالت لسطام: إن كنت أمون عليك أعطيه قطيعا آخر من الابل، فقال سطام: لك ذلك فأعطته هي أيضا قطيعا أخر .
ولم تنتهي القصة هنا. فهذه القصيدة الرائعة للشاعر الشمري لم تعجب الشعراء الحاضرين من قبيلة الرولة، والسبب أنه جاء فيها تعريض أوتقليل للأمير محمد بن رشيد واعتبروا ذلك مداهنة وتزلف ونفاق من أبو زويد لسطام على حساب الأمير الرشيدي .
ولذلك عارض عدد من شعراء الرولة الذين أخذتهم الحمية على الأمير ابن رشيد قصيدة خلف أبو زويد .
يقول الشاعر عرموش الأربش الرويلي :
ياهيه ياللي فوق عوج المصاليب
هجن هجاهيج عراب عجيبه
شيب الغوارب سايجات المحاقيب
ألفين مشدودات كلش نجيبه
ان جن هجافي وخاليات المزاهيب
رامن هدفهن عب طول المغيبه
عليهن اللي مشتهين المعازيب
شاموا لراعي مسند ينهقي به
وإلى طلعتوا مع خلول العراقيب
نار ابن عبد الله توقد لهيبه
هذاك محمد دوم سباق للطيب
الضيغمي مشهور كل دري به
حر تعلى بعاليات المراقيب
وفحج على الشيخان من زود طيبه
لو يشتهي حط الأوادم حواطيب
غصباً بحد السيف غلب وغصيبه
أخوى عليهم مثل مايخوي الذيب
وتزبن البشري شرايد ذهيبه
الشيخ يزهن له عيون التشابيب
والمشتبه ينهج لشبهه يجيبه
بنات مادبر عليهن بتحسيب
ولا خايلن ورد الدبش مع عزيبه
بنات مروين النمش والمغاليب
ضياغم عقب الجدود العريبه
ياما عطوا من زاهيات الدباديب
وخيل تنسف بالمعاذر سبيبه
وقد تفاعل أيضا مع قصيدة أبو زويد خضير الصعيليك وعارضه بهذه القصيدة :
ياراكب ناب القرى سولع الذيب
حر عليه من الشحم كالزباره
بكوار ماساجن عليه المحاقيب
مثل الظليم اللي جفل مع غتاره
كالتيل كالبارود عجل التواثيب
كالبرق كالقبسون حزت مثاره
لأ بو زويد يوصل الهرج ويجيب
ضيعت حظك بالحرا والقماره
يابو زويد خل عنك التكاذيب
حطيت حالك للمخاليق شاره
ماقلتها بالضيغمي مابعد جيب
بالست من دور آدم واعتماره
سكر عسل حلو ولذيذ المشاريب
حنضل حدج للي قطوع مراره
لصديقه أحلا من قراح الشخانيب
ولعدوه أقطع من شلاهيب ناره
اللي يدمي الفوس من شمخ النيب
يحط من فوق الصياني فقاره
وأبرز من عارض قصيدة أبو زويد الشاعر الأدغم ابو خشيم السباحي الفريجي الرويلي بقصيدة يمدح فيها ابن رشيد والنوري وبن مهيد. ويعرض بسطام ويقول :
يابو زويد فاطرك به شواذيب
جيتك على حر تزاود هذيبه
عسى ذلولك بالجرب والضواريب
ياللي تجنب عن طريق المصيبه
يابو زويد ياجذي المراقيب
حظك ضعيف ودايم تجتليبه
عفت الشتال وجيت تبي القلاليب
وتشرب من الدلة توالي سريبه
سطام ابن شعلان مابه عذاريب
أما الأمير الضيغمي لا تعيبه
أفتخ بعيد الشان هو منقع الطيب
من عاف سوم جلابته يكتفي به
يركب على ذروات مثل الدواليب
كم ليلة يسري ولا ينسري به
جم يهدم عاليات المراقيبن
مقيم الضحى للمنهزم وش يجيبه
أي الذي كسبه بيوت مع النيب
وأي الذي كسبه اذواد نهيبه
امدح أخو نوره بعيد المطاليب
مسقي قراطيع الغباين حريبه
تجيه صوغات بخط المكاتيب
على هواه المخطيه والمصيبه
ياما كسب بالكون من شمخ النيب
غصب على كل القبايل غليبه
الضيغمي محفي ركاب النجاجيب
مافات له من رمعة العمر سيبه
وامدح أبو نواف يامحرق الشيب
زبن الطريح اللي تونا هليبه
النوري الهزاع عطب المضاريب
مضراب سيفه ماتشافي صويبه
وقد أغضبت هذه القصيدة الشيخ سطام وعزم على الفتك بالأدغم، فأمر أحد رجاله أن يشد له الذلول، لكي يذهب بنفسه ويبطش بالأدغم حتى لا يعلم أحد بذلك وكان سطام يسمى كاتم السر. ولكن أحد الجالسين كان صديقا للأدغم فذهب مسرعا وأنذره فركب الأدغم قعود سابق وخرج مسرعا خوفا من سطام، فأجهد سطام في اللحاق به ولكن ذلوله لم تسعفه فخرج متوجها نحو حائل يطلب الحماية من أميرها .
وقد مكث فترة هناك عند الأمير محمد ولكنه اشتاق لأهله ووطنه فقال هذه القصيدة يسترضي سطام :
عفيه قعودي قام ينزح براعيه
عن شيبة ماعقبت من جهدها
عفيه قعودي بالمقاديم غاذيه
سلايل البلها سبوق بيدها
محمد كنة مطعمه من بنيخيه
له كردة على العشاير جردها
من خلقته يلطخ على غير تاجيه
اسلام ربي مار هذي وحدها
ياليت أنا سطام ماجبت طاريه
كم حل من قاله وقاله عقدها
سطام كل رويل لاسار تتليه
وكم حلة سطام قرشع عمدها
سطام عن الناس سده ايخفيه
ولا أحد درى عن نيته لا قصدها
يمشي مع الضاحي ويخفي مواطيه
ويكما السحابة وانت توحي رعدها
فعفا عنه سطام أخيرا، وكذلك فعل الشيئ نفسه الشاعر خلف أو زويد الذي اشتاق لأهله ووطنه فعاد لحائل متخفيا حتى دخل على الأميرمحمد وطلب العفوا أو القتل فعفا عنه الأمير .
ياله من موقف هذا الذي حصل كيف أن شعراء الرولة أخذتهم الحمية على الأمير محمد وكأنهم شمامرة لدرجة أنهم أغضبوا شيخهم سطام بن شعلان ولم يقولوا هذا القصائد بحضرة الأمير محمد بن رشيد قالوها بحضرة سطام ابن شعلان ولم يعلم عنهم ابن رشيد دلالة على صدق حبهم لهذا الأمير واحترامهم له مع أنه عدوهم الأول في ميدان المعركة.
ومثلهم فعل الكثير من شعراء شمر وتبقى مثل هذه القصص شاهدا على مروءة وشهامة شمر وعنزة وعراقتهما في السلم والحرب.
ومن شعراء شمر الذين وفدوا على الرولة الشيخ الشاعر عتيق بن مطلق بن رمال وقد مدح الأمير النوري بن شعلان وعموم الشعلان حيث يقول في أحدى قصائده :
ياحي والله قربكم يالشعالين
قريبكم ماجاه ضيم ومملة
قريبكم ماقيل ديور ولا شين
يدله مع الويلان ماحدن فطله
يامدلهين الجار مانتم خفيين
شيماتكم بدت على الناس كله
حكام فريس شيوخ وسلاطين
والكل منكم لا أخذ الرمح بله
وفهدكم اللي صيدته نادر العين
وليا مدحته صيدته فاطنله
أبو نواف اللي على الخيل نعمين
إليا ركب فوق الجموع السمله
وياعلكم طول الليالي عزيزين
بجاه الرسول وجاه من يطلب الله
ولا قلتها قصدي مدور تثامين
الرزق من ربي وأنا خاضعله
وصلوا على اللي بين الحق والدين
المصطفى شفاع للناس كله
ويقول أيضا الشاعر ابن قويفل من شمر في الشعلان وعموم الرولة مادحا :
يامزنة غرا تقافى رعدها
تمطر على دار الدريعي ونايف
خله على الوديان تذهب ولدها
بديار مكدين المهارالعسايف
تملا الخباري للدريعي يردها
بقطعان عجلات على الما زهايف
ياذيب ياشاك من الجوع عدها
كان انت لرماح الشعالين ضايف
تلقى العشا صفرا صخيف جسدها
من كف ستر معطرات العطايف
وكم سابق بالكف عاقوا جهدها
مضرابها بالجوف ماهو مسايف
من كف شغموم ورد من هددها
أو شايب شيبه من الخيل هايف
كم قالة قفوا بها من بعدها
راح يتولاها الدريعي ونايف
حالوا وراها ودونها هم لددها
وقد عوضوا طلابها بالحسايف
تنشبت محد يحلل عقدها
ومن دونها يروون بيض الرهايف
ثم قال فيهم أيضا ابن قويفل هذه القصيدة وذكرهم جميعا:
اللي يكفون الشوارب بالأيمان
هبيت ياحظ تنحيت عنهم
أقفيت عن ربعك عيال ابن شعلان
اللي كما شل الروايا طعنهم
ماينتخون إلأ بعليا وعليان
وإن حل ضرب مخلص جيز منهم
لباسة عند المظاهير شيلان
صديق عينك مايطيح بحظنهم
نزل الخلا ماهم فراقين سكسان
ماسقسقوا للعنز تتبع ظعنهم
قطعانهم وان شرقت تقل غزلان
ون غربت مثل البرد هاك عنهم
القلب ماينسى طويلين الأيمان
اللي يقزون العدو عن وطنهم
ويقول الشاعر المعروف بصري الوضيحي متمنيا :
أبا تمنى كان هي بالتماني
صفرا صهاة اللون قبا طليعي
وسروال تومان ومثل الشطاني
ومصقل مثل الثغب له لميعي
أبي ليا لحق الطلب له غواني
والخيل معها [مجول]و [الدريعي]
أردها وان كان ربي هداني
من المعرقه ياتي على الخد ريعي
أردها لعيون صافي الثماني
بيض النحور مهلكات الرضيعي
قدام شمر مثل زمل الصخاني
اللي يخلون المخالف يطيعي
وبعد أن تحققت أمنيته والقصة معروفة قال :
أنا بلايه لابسين القطاني
اللي يخلون المخالف يطيعي
من فوق قب مكرمات سماني
يشدن شياهين تخطف مريعي
وقد جلا بصري الوضيحي عن شمر فيما بعد , وصار عند الشعلان وفيهم يقول :
عند ابن شعلان ذرى كل مظيوم
لاجن كما وعل لجى بـالردامـي
وتقول الشمرية التي عشقت أحد أبناء الرولة الذين جاوروا قومها :
إن شرقوا جانا الموت
وان غربوا ياويلي
لا عاد أنا من شمر
وش ولعن برويلي
وهي بذلك تصور صعوبة الموقف فهي تحب أن ترى حبيبها وتحزن لفراقه.ولكن في الوقت نفسه يأتي الموت والحرب والدمار بمجيئ الرولة ناحية قومها بسبب العداوة المتأصلة بين القبيلتين فهي تندب حضها الذي جمع لها الحب والموت معا .
وسلامتكم .
المراجع :
1- قطوف الأزهار.عبد الله بن عبار
2- الرحالة الأوروبيون في شمال الجزيرة العربية. د. عوض البادي
3- رحلة إلى بلاد نجد.الليدي أل بلانت .
4- شمال غرب الجزيرة العربية.الشيخ حمد الجاسر
5- بلاد الجوف أو دومة الجندل.الشيخ سعد الجنيدل
منقول
مواقع النشر (المفضلة)