آخر المشاركات

النتائج 1 إلى 15 من 25

مشاهدة المواضيع

  1. #1
    الصورة الرمزية qaswara
    عضو جديد

    qaswara غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    27

    المقامة النسائية

    بسم الله الرحمن الرحيم

    حدثنا قسورة ، قال :
    كما هي الحال يا سادة ، لم تفارقني تلك العادة . و هو تجوالي في ازقة" باريس" كل اسبوع ، و حالي الى صغو ذلك مطبوع ، ما انتهى ظلام إلى فلق، وتأدى غروب إلى غسق . فأمعنت في الدوران و السياحة، وجعلت أقطع ساحة بعد ساحة .. و انا غارق في تفكيري و تخميني ، فلم افق الاّ و انا بالحي " اللاتيني " .

    آهٍ ! باريس بمنتزهاتها جوهر، ونسيم " السين " المعطر، وجوّها مسك أذفر ، ناهيك عن يومها غداة وليلها سحر ... طعامها هني، وشرابها مري. مدينة واسعة الرقعة، نظيفة البقعة. كأن محاسن الدنيا فيها مفروشة، وصورة الحسن بها منقوشة،.فهي واسطة البلاد وسرتها، وواجهة الدولة وغرتها.
    و مع ما حكى عنها من القول ، الاّ أن هذا ذكّرني بالشاعرالعربي الفحل . و هو يقول :
    ولكن الفتى العربي فيها ***** غريب الوجه و اليد و اللسان
    و عند بلوغ أمنيتي ، و وصولي الى غايتي .. فاذا بي امام زميلة ايام التعلّم و الدرس ، و " صديقة " الصبا لا الانس..ومن دون المقدمات ، و التحيات ، بادرتني سائلة ، و بغضب قائلة : أ هذا حالكم ايها الرجال ؟ من كنا نعقد عليكم الآمال ؟
    فقلت لها : عمن تتكلمين ؟ و باسئلتكِ ماذا تقصدين ؟.. فأجابت : انظر ماذا كتب بعض " السلف " ، ليحتجّ به علينا بعض الخلف " الاصابة في منع النساء من تعلم الكتابة " أ تصدق هذا ؟ .. ان " سلفكم " جعل الكتاب حجة و اصابة يعني صواب ، ولكل سؤال جواب..
    عندئذ طلبت منها التوقف فوقفنا ، و امام الملأ في حديقة عامة استرحنا .. فقلت لها : بالرغم ما ذهب اليه المؤلف ، لكنه لم يكن محل اجماع وكلّ اتى بما استطاع .. و منهم ـ أختاه !ـ من كتب كتابًا أو املاه ، و على طريقته سماه " عقود الجمان في جواز تعليم الكتابة للنسوان "
    و برأيها الصريح أجابت ، و لسانها الفصيح قالت : و لكن المانعين رأيهم هو الذي ساد حينًا من الدهر ، و جُهلت المرأة أوانًا من العصر .. وبثقة هائلة استطردت قائلة : و يحك ! ان العلم في ديننا ليس حقّا يمكن عنه الاستغناء ، بل هو واجب يستوجب الاداء .. و اقرأ ايها المتعلم فـ" طلب العلم فريضة على كل مسلم " . و اعلم ان اول كلمة ارسلت ، و في اول سورة على الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ نزلت ، هي: " اقرأ " . فالامر جاء مطلقًا غير مقيّد ، و يتكلم عن المسلم سواء كان امرأة او سيّد.. فمن اظلم من تقوّل على الاسلام و زعم أنه يمنع المرأة من اكتساب المهن و الحرفة ، او يحرمها من تحصيل العلم و المعرفة .
    فأوحت اهواء الناس ، فتجرأوا على رب الناس ، و نسبوا الى رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ كلامًا ، ليس عليه من نور كلامه وقوله ، و ليس فيه من منطق الاسلام و عدله ، و هو " لا تعلموهن الكتابة ، و لا تسكنوهن الغرف ".
    بالله يا هذا ، كيف ينهى رسول الله ـ عليه الصلاة و السلام ـ و يأتي مثله ؟ فقد روي ابو داود عن الشفاء بنت عبد الله قولها : (( دخل عليّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ و أنا عند حفصة ، فقال لي : الا تعلمين هذه رقية النّمِلة كما علمتها الكتابة )) .. و تابعت مسترسلة ، و بالشعر قائلة :
    هـذا رســـــــــــــول الله لم ***** ينقص حقوق المؤمنات
    العلم كان شريعـــــــــــــــة ***** لنسائه المتفقهـــــــــات
    رضن التجارة و السياسة ***** و العلوم الأخريـــــات .
    كانت سكينة تملأ الـــــــــد***** نيا و تهزأ بالــــــــــرواة
    روت الحـديث و فسّرت ***** آي الكتــــــاب البينات .

    ثم ما بال هؤلاء يؤمنون ببعض " الحديث " و يكفرون ببعض .. حيث منعوا النساء من القراءة و الكتابة ؛ و لكنهم اسكنوهن الصروح الممردة الخلابة ؟.. ان بعض " العلماء " على الامة بلاء ، و أحكامهم لغوب و عناء .. فبعضهم زهّد هذه الامة في أخذ نصيبها من الدنيا ، و اشاع فيها التواكل و التكاسل ، و ثبطها عن الضرب في الارض ، و المشي في مناكبها ، و بعضهم غرس فيها جرثومة التعصب المذهبي فاهلكتها ، حيث صار المسلم لا يصلي وراء أخيه المسلم لاختلافهما في المذهب لا المشرب ؛ بل اصبح المسلم يستحل دم أخيه المسلم بسبب اختلاف المذهب .. فكيف لا تتأخر امة و هذا النوع من " العلماء " هم قادتها ؟ و أنّى لأمة ان تنهض و هذا الصنف من " الفقهاء " رادَتُها ؟.
    ظنت المرأة ان كلام الله قد وصل الاذن ، و ان التجارب و الايام قد فتحت الاعين ، و شرحت الصدور ، و وسعت العقول ، و ميز الناس بين الدين الحق الذي جاء به محمد ـ صلى الله عليه و سلم ـ و بين " الدين " الذي اشاعه ضعاف و ضيّقوا العقول ، و لكن الظنون كواذب ، و ظهر للمرأة عكس ذلك ، و تأكدت ان بعض الناس يضيقون ما وسعه الله ، و يقيدون ما أطلقه الله ، و يمنعون ما اباحه الله من غير دليل ، لا من قرآن كريم ، و لا حديث شريف ، و لا رأي حصيف ، و لا أجماع قويم ، و لا من قياس سليم ..
    فقلت لها : انكِ ـ يا أختاه !ـ تبالغين ، و بلا روية و تأن تعاندين ..
    فخنقت من كلامي و استشاطت ، و في غضبٍ قالت : ما رأيك ان علمًا كبيرا ، و داعية شهيرا . افنى سواده ، و ابلى بياضه ناشرًا للعلم ، مجادلا عن الاسلام ، و ما يجحد اعماله الاّ من يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله . و لكن ، كلامه ليس كله صوابًا ، و لا اراءه كلها حجة و جوابًا . فما هو الا بشر يشمله قول الحبيب ـ عليه الصلاة و السلام ـ " كل بني ادم خطاء .... "
    ألف هذا العالم كتابًا و أملاه ، و بـ " الدستور الاسلامي " اسماه . كتاب ارتحت لعيانه، واهتززت لعنوانه.. و عندما قرأت ذلك " السفر" و تابعت ، و لكن يا هول ! ما رأيت و اطلعت .. فقد حدد الداعية سنوات تعلم البنت فقال : (( و أما سنوات التعليم فلتُحدّد بخمس سنوات فقط ، حيث تدخل البنت المدرسة في سن السادسة ، و تبارحها في نهاية السنة العاشرة من عمرها ، و لا تختبر اثناء الدراسة ، و لا تعطى شهادة بعدها ، و انما يكفيها ان تدرس القرر لكل سنة دراسية وافية ، و تطبقه في حياتها عمليّا ، اذ القصد الاول و الاخير من تعليم البنت المسلمة هو تربيتها ، و تعليمها أمر دينها ، و ما يصلح اخلاقها )) و يا هول الفاجعة ، مخافة أن تحل بنا قارعة ، بل هي باقعة ما لها راقعة .
    و قد قرأت هذا" السفر" مرارًا و تكرارًا ، و بماذا خرجت ؟ و ماذا استنتاجت ؟ .. لا حظت ان فضيلة شيخنا لم يستشهد فيما ذهب اليه لا بآية قرآنية ، و لا أحاديث نبوية ، و لا اقوال صحابة ، و اراء تابعين ، أو امام من ائمة المذاهب ، لعله يقيم الحجة فيما إليه ذهب ... في حين استشهد في المسائل الاخرى بآيات قرأنية ، و أحاديث نبوبة . و لو وجد مستندًا لِما ذهب اليه لما تردد في اراده .
    كما اعلم ـ و يعلم غيري ـ ان فضيلة الشيخ ممن يوصون المسلمين بعرض نسائهم و بناتهم اذا أصابهن مرض على طبيبة مسلمة ، فإن لم توجد فامرأة طبيبة ، و لو لم تكن مسلمة ، فإن لم توجد فطبيب مسلم ، فإن لم يوجد على اي طبيب . و السؤال هو : كيف توجد طبيبة مسلمة و سماحته قد اغلق الباب في وجه البنت المسلمة لتكون طبيبة أو متعلمة ؟..
    ان ثورة كثير من النساء على " الاسلام " سببها هو حرمانهن من كثير مما منحه لهن الاسلام ، و اوحى شياطين الانس ان الاسلام هو المانع لهن من كثير من الحقوق ، فارتَمينَ في احضان هؤلاء الشياطين ، و اغتررن بزخرف القول من كلامهم ، فدفعنَ الثمن غاليّا من شرفهن ، و اعراضهن ، و كرامتهن ، و استغلّهن اعداء الاسلام للإساءة للإسلام .

    و سكتت " صديقتي " و سكت ، بعد ان غلبتني ، و بالحجة افحمتني .. و انصرفت غاضبة غير مودعة و لكنها قادحة ، و ابتعدت عني غير مصافحة .. و عدت ادراجي مهموم البال ، و تابعت طريقي مكسوف الحال .
    التعديل الأخير تم بواسطة qaswara ; 25 Nov 2006 الساعة 02:11 AM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك