[align=justify]ولا زلنا ننظر إلى واقعنا بفكر مخدوع ، وننساق وراء مساجلات مع فئة لم تبحث عن الحق يوما ما ، حيث أنها تابعة لعقل جمعي لرويبضة قل دينها ، وساءت أخلاقها ، وركبت مركب العناد والتكبر والارتزاق للمادة وللشهرة ؛ فعاثت في الإعلام فسادا دينيا وأخلاقيا إلى درجة مقرفةٍ جدًّا ، ومزعجةٌ جدًّا كذلك ، وكل هذا أمام أعينكم ، وبين أيديكم ، لا أعتقد أن متابعًا لهكذا إعلام سينفي غربة العدل والصفاء والنزاهة في دنياه .
أما أنا فسأحرق بتقارير راند ، وأصم سمعي عن الاتهامات البريكية والعونية وغيرها ؛ ثم أنظر إلى صورة هذا الإعلام بعد أن أبعدها قليلا ؛ لأبصر المشهد من أوله إلى آخره ، وأحكم على طريقة ( اقرأ التاريخ إذ فيه العِبَر ) ، ولتفعل ذلك قارئي العزيز ؛ قم بعمل ZOOM لإبعاد الصورة ، ثم قم معي بالنظر والتفكر والربط والتمعن ؛ و قبل الحكم اسأل نفسك : منذ هجمات سبتمبر – وربما قبلها بقليل – ما هو المسلسل الذي يتكرر علينا من حين لآخر في صحفنا وقنواتنا ؟! سأجيب أنا هنا - ولكل جوابه - : هو إيراد تحقيق أو خبر صحفي من قبل أسماء معينة على مدى أيام ، ثم يدخل معها في الخط مقالات صحفية هنا وهناك .. وعلى مدى أيام كذلك حتى تغلي الطبخة ؛ ثم تدخل البرامج الفضائية في قنواتنا في الخط كذلك ؛ فإذا الباب قد فتح للعناوين الكبيرة ، واللقاءات المثيرة ، والتحقيقات المطولة ... طبخة إعلامية !
وما المشكلة في هذا ؟ يوجه أحدهم هذا السؤال نحوي ، وإجابتي هي : لا مشكلة بتاتا في الطبخ الذي يرعاه رؤساء التحرير ، ويتبعهم صغارهم - من غير الأحرار - ، فليطبخوا وليعجنوا وليخبزوا ... لِيرتزقوا يا قوم ! لا مشكلة عندي هنا ، لكني أرى - ومنذ أكثر من خمسة سنوات - هجومًا إعلاميًّا قذرًا على أمور عدة ، لها علاقة مباشرة وغير مباشرة مع ما يسمى بـ ( التيار الإسلامي ) والذي هو في الحقيقة يمثل ( مجتمعنا المحافظ ) ، نعم ... إنه مجتمعنا .
لا أهتم بنوايا المشاركين في هذا الهجوم ، ولا بالغطاء الذي يُلْبِسونه هذا الهجوم ؛ فأنا قد أبعدت الصورة بعد سنوات من النظر إليها وهي قريبة ، فعلمت أن الأمر لا يتعلق بحجة تافه في عموده ، ولا كاذب مرتزق في تحقيق ، ولا سارق في ( كاريكاتير ) ، ولا جاهل رويبضة ، ولا صادق أخطأ الطريق ، ولا خبيث يتآمر ، إننا أمام ( عقل جمعي ) ، و ( اتفاق مبطن ) ، يتجه تماما بسلاح الطبخة الإعلامية وقد وُجِّه للهجوم - قدر الممكن - على كل ما يمثل دين أهل السنة والجماعة في العبادات والمعاملات والأخلاق والأحوال الشخصية والحدود ... .
ولك في الهجوم القديم والمستمر على هيئة الأمر والمعروف والنهي عن المنكر شر مثال على استغلال الطبخة الإعلامية في سبيل الشر .. والشر فقط ، وأدْخِل معها المناهج الدراسية ( المواد الدينية ، حتى الأمثلة الدينية في مواد اللغة العربية ! ) ، والقضاء ؛ في الهجوم ( ولا أقول النقد أبدًا ) .. ومن ثم الهجوم على العلماء الكبار في هيئة كبار العلماء ، وما قلة أدبهم مع العلامة صالح الفوزان إلا مثال ( قليل ) من ( كثير ) سوئهم وبعدهم عن العدل ، وانعدام البحث عن الحق في منهجهم ، وعبوديتهم للعمالة أو حب الشهرة أو الحقد أو نحوها من الغايات الشريرة ، أو حتى الغايات الخَيِّرة ، التي يسلك لأجلها قوم طريق الشر .
على كل حر عاقل فطن أن يدرك أن المسألة لا تتعلق بالجزئيات التي تُسلط عليها الأضواء من قبل هؤلاء العبيد بوسائلهم المتعددة والتي قد تكون مؤثرة ، وإنما يدرك أن هجوما واضحا وصريحا ومستمرًّا موجها إلى ما يمثل ديننا وأخلاقنا ومبادئنا ... وحريتنا .
صحف تناقش مسألة حجاب الوجه ، وهي تعرض في ثنايا صحائفها صورًا لنساءٍ نزعن الحجاب نهائيا ، من ممثلات ومغنيات وسياسيات وداعيات للفجور .. ، وتضمن أبوابها وتحقيقاتها دعايات لأفلام أجنبية خليعة ( خليعة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ) ، هل هي تبحث عن الحق .. حقا ، وهل تهتم أصلا بفتوى العالم الفلاني حول حجاب الوجه ؟!
مقالات تدعي انتقاد ( الهيئة ) ، وتزعم السعي في تقويمها ، وهي تضخم أخطاءها ، بل تصنع أخطاءها ، وتستعجل في إيراد الشائعات حولها ، وتنوح فضيلة التثبت ، ويُغتال التأني ؛ هل تهدف هذه الكتابات بتقويم الهيئة .. حقا ؟!
تحقيقات تسترق السمع في قاعات المحاكم ، وتحتضن كل من قال : ظلمني القاضي ! وتوجه الطبخة الإعلامية إلى الهجوم على ( حكم القاضي ) و ( فقه القضاء ) ؛ هل حقا تحترم ( تحكيم الشريعة ) ، و ( تدين القضاة ) ؟!
تقويم العقلاء الأحرار يصرخ : لا ... لست بالخب ولا الخب يخدعني !
لو كان الأمر بيد أرباب الفكر الليبرالي أو حتى العلمانية - إن وجدوا - ، لَحُلت الهيئة ، وضيق على حلقات القرآن ، ومُسِخت المناهج ، وضيق على كل داعية وعالم ، حتى ممن استدلوا بآرائهم حينا من الدهر ، وحورب الحجاب ، ورأينا انعكاس رواياتهم - التي أثنوا عليها وعلى كتابها - في واقعنا .
إنها عمالة ظاهرة أو مبطنة ، أما العملاء الظاهرون فقد أخبر وزير الداخلية - وفقه الله تعالى - بأن قطع الألسنة سينتظرهم ، وأما أرباب العمالة المبطنة ؛ فلا يُنتظر من أربابها زيارة السفارات ، أو استلام الأموال ؛ العمالة المبطنة هي الخيانة للمجتمع ، والفكر الإسلامي ، بحمل الفكر الليبرالي ( اقتناعا به ، أو لغايات أنانية ) ، والتقاطع التام أو شبه التام مع دعاوى الأعداء الصهاينة ، وعملائهم الظاهرين ، فسواء ظهر تقرير راند ليدعم فكرهم .. أو يطالب بدعمهم ، أو لم يظهر ، وسواء فضحت حصة العون وأمثالها السفارات التي تصنع العملاء ، أو لم تفعل ذلك ، وسواء كتب فريدمان أحد كبار صناع النظريات والأفكار للسياسة الأمريكية يطالب بدعمهم ويصرخ : إنهم هناك ؛ أو لم يفعل ذلك ... لا تمثل هذه الأمور إلا دعما لحكمنا الأصل على هؤلاء بأنهم فئة قد تختلف نواياهم ، وسُبُلهم ، وغاياتهم ، لكنهم أعداء كل ما يمثل دين أهل السنة والجماعة في عبادتهم وأخلاقهم ومعاملاتهم وأحوالهم ... .
إنهم أعداء ( بناء المجتمع الإسلامي ) .
وصلى الله على الحبيب وسلم .[/align]
مواقع النشر (المفضلة)