آخر المشاركات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    مهندس الكلمة

    salah غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    527

    هكذا تحدث الكندي ..

    تحيات طيبات عليكم جميعا
    هذه القصة القصيرة كتبتها قبل عام في دولة الامارات العربية بعد رحلة مع مجموعة من الاصدقاء الى مناطق شتى , ولقد كان جبل حفيت الذي يبزغ في الصحراء على نحو مفاجيء هو النقطة التي توقفنا عندها ,
    اما احمد الكندي الذي جعلته راوية للحدث , فهو احد امراء الشعر النبطي في دولة الأمارات , ولقد توفاه الله قبل نحو عشرين عاما ..


    [ALIGN=CENTER]( هكذا تحدّث الكندي )[/ALIGN]

    كان اسمه بخيت , ويؤكد من رآه انه كان نحيلا ومنطويا على نفسه ولا يكفّ عن التحديق في الفراغ حتى ان احمد الكندي عندما رآه ذات يوم في برّ دبي قال ( هذا الرجل النحيل يربّي صمته وكأنه يربّي قطيعا من الحجل البرّي )

    حكي عنه انه كان ينصب الفخاخ لطرائده في ( ليوا ) .. وذات يوم شاهد وعولا برية كثيرة وغزالا نحيفا

    ما حدث ان بخيت اراد ان يكون هذا الغزال طريدته دون سواه , وصار يتعقّبه من مكان الى آخر بشغف صياد نبيل فكان يصنع فخاخا كثيرة في الطريق من بني ياس والفاية الى الخزنة والسلامات حتى اطراف مدينة العين
    وبعد ايام يجد فخاخه مليئة بحيوانات البرّ , فيبحث بينها عن طريدته , وعندما لم يجدها يطلقها جميعا .

    وذات ليلة تطلّع بخيت الى كثيب رملي فرأى الغزال يرمقه من قمته تناول آلة صيده وصوّبها بأتجاهه . الاّ ان الغزال لم يتحرّك وكأنه اراد ان ينتهي من هذه اللعبة السرية الخطرة
    ارتجف بخيت قليلا , ثمّ قذف ببندقيته وآلة صيده وصرخ بأعلى صوته : سأطاردك بيديّ العاريتين


    وبعد زمن سمع بخيت من اناس كثيرين ان غزالا فزعا يواصل ظهوره على اطراف مدينة العين
    صرخ : انه لي .. لا احد سيلمس بدنه سواي
    ... وكان احيانا يتوحّد في البريّة ويملأ المكان بنظراته المشتتة وهو يغنّي لأحمد الكندي :

    سيدي يا سيد ساداتي
    سيد الخود المزايين
    راعني وارفق بحالاتي
    دامني بحبك رهيني

    فيخرجه من توحّده صوت غريب ومفاجيء .. يلتفت , واذا به غزاله يقف على بعد امتار قليلة عنه وكأنه يصغي اليه ويحصي توحّده

    ولطالما كانت نظراتهما تلتقي ويحدّقان في بعضهما طويلا وكأنهما في حوار داخلي شفيف , عندها يخاطبه بصوت متهدّج وحاد :
    _ منذ سنتين وانا اطاردك من صحراء الى اخرى ومن كثيب الى آخر وكلما صرت على وشك من ان اقبض عليك اسمع صوتا يهتف في بدني ان اتركك , فأتركك وكلّما تطلّعت الى عينيك شعرت بك قريبا مني , قريبا حتى اكتشفت انني انما اطاردك لأحميك من صيادي البرّ وفخاخهم
    واخذ بخيت يطارده ويُعدّ فخاخا صغيرة فالغزال لم يكن طريدته بل قدره وعليه ان يقبض على قدره بيديه لا بفخاخ صيادين غامضين

    وبعد فترة اخرى سمع ان الغزال يظهر في ( جبل حفيت ) , فقصده سريعا وصار يبحث عنه في زوايا الجبل وسفوحه العارية وانحداراته الصخرية الحادة ومخابئه وكهوفه , ودائما حينما يتسلّل اليأس الى روحه ويفقد الأمل في العثور عليه , يجد الغزال قريبا منه ويتابع مطارداته وفخاخه من جديد

    حدّثني احمد الكندي رحمه الله انّ ناسا عديدين كانوا يقصدون جبل حفيت ليتعرّفوا على هذا الصياد بمزاجه الكامد ونظراته المشتتة وملابسه الرثّة القديمة وبحثه المحموم عن غزال نحيف وفزع ..

    بعد ثلاث سنوات وبينما كان بخيت يقف على القمة ويتطلّع الى سفوحها , سمع صفيرا حادا يأتي من خلف صخرة
    اصغى اليه
    وبحذر كبير اقترب منه
    استدار من الجهة الأخرى من الصخرة ليباغته
    واختلس نظرة , فأذا به غزاله
    قفز على بدنه النحيف صارخا : لقد قبضت عليك بيديّ العاريتين

    غير انّ الغزال لم يتحرّك او يحاول الأفلات , بل كان ساكنا وهادئا
    تطلّع بخيت الى عينيه وخاطبه بصوت رقيق متهدّج : ما بك يا صديقي ؟
    هل اقتربت لعبتنا السرّية من نهايتها ؟
    هل ستتركني اجوب مفازات الجبل وكهوفه وحيدا ؟

    كان الغزال يحتضر ويرمق المكان بشغف وكأنه يريد ان يقبض على ما بقي من علامات بذرها فيه عندما كان يمارس طقوس العابه السرية مع بخيت
    انتفض جسده بعنف قبل ان يسكن

    بعد ايام قليلة من موت الغزال النحيف والفزع وجد الناس جثة الصياد الغريب في قمّة جبل حفيت متكئة على صخرة تحدّق في مدينة العين وكأنها تعدّ اشجار النخيل وغابات السدر الشوكي وتبحث عن غزال آخر لتبدأ اللعبة السريّة من جديد .

    ..............................

    دمتم جميعا لمودتي الصافية

    صلاح

  2. #2
    يفترض بأن يسمى بخيت الغزلان

    أليس هذا أفضل لقب له ؟

+ الرد على الموضوع

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك