جائني رجلين يسندان رجلا بينهما ويحملانه على أكتافهما ووضعاه أمامي , أخذت أنظر إليه فإذا به شاب في مقتبل العمر , فتي , طويل وعريض المنكبين واسع الصدر ,,,سبحان من خلقه
ولكن.....
رأيت ,,
نعم رأيت علامات الحزن في وجهه ,,
بل يمكنكم أن تقولوا أن كل العلامات التي تشعركم بكل المآسي بادية في محياه ,
فدموعه في عينيه تنطق بمرارة مايشعر به,,
يداه مغلفة بجبس وبين ساعده ويده صيخ حديد ,
رجله اليمين كذلك مجبرة بجبس ,
ينظر إلي يريد حلا لمشكلته ,,,
بل يتمنى أن أنهي مشكلته ,,,
وهذا مافهمته من نظرته العميقة الحزينة,,
لم أستطع أن أتابع النظرة فلقد كان يكفيني هما ما نظرت إليه في تلك الثواني السابقة,,
أخذت أنظر لبقية الحظور وأقرأ عليهم الرقية الشرعية وأشغلني غيره عنه.
ورقيته بالقرآن ولكن لضيق وقتي لم أستطع أن أناقش مشكلته فوعدته خيرا وأن يأتي مرة أخرى ولكي أسمع ماعنده فلعلي أرشده إلى ماينفعه,,,
مرت أيام قلائل وإذا بامرأة عجوز تطرق بابي وتقول بكلام أم حزينة مكروبة مستضيقة ,, ياشيخ أنقذ ابني ,,
ياشيخ ابني سيموت أو سيقتل زوجته وابنته,
أوقفتني تلك الكلمات وأجلستها وسمعت قصتها :
تقول أم ذلك الرجل وهذا ما تبين لي من حديثها,,,,
إن ابني الذي جاؤا به اخوته كان في أحسن حال سواء في صحته الجسدية أو النفسية ,,
كان يحب زوجته حبا شديدا ..
كان يتمنى أن يرى زوجته وهي تحمل رضيعا بين يديها ...
وهذا ما حققه الله له..
نعم
لقد من الله عليه بأن حملت زوجته وأنجبت بنتا كفلقة القمر...
جميلة جداً
كل من رآها يعجب بها,,,
فرح ابني بتلك المولوده ...ثم تنهدت وكأنها العبرات بدأت تختنق في مجراها,,
قالت لقد فرح فرحا لم نرى مثله من قبل,,
أتعلم يا شيخ أنه عمل وليمة كأنها وليمة عرس في تمائم البنت ..
لقد أغلق الشوارع المحيطة ببيتنا ,
لقد دعى لتلك الحفلة كل أقاربه , بل كل من يعرفهم من أصدقائه وزملائه وجيرانه,,
الكل كان مستغربا!!
لقد سمعتهم يقولون ,, أهذا كله حب لزوجته وابنته!!
ثم تنهدت وقالت وياليته لم يفعل,,,
تلك الليلة التي لا أريد أن أتذكرها رجع ابني بعد الحفل متغيرا في شكله وفي تصرفاته..
حاول ان يؤذي زوجته أمامنا ثم إذا به يلتفت يمنة ويسرة ويهرب إلى السطح,,
تبعه اخوته ,,ثم أخذت تبكي,,,
تقول لقد قذف نفسه من فوق الطابق الثالث يريد قتل نفسه,,
ابني لم يكن في غير وعيه بسبب شراب مسكر أو مخدرات بل هو بعيد عن هذه الأمور,,
حملوه بين الحياة والموت ,, وانقلبت فرحتنا حزنا وكآبة,,,,
في تلك اللحظات غبت عن حديثها قليلا فقد أخذت أقول في نفسي..
سبحان الله !!!
لقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال (( [ إن العين لتولع بالرجل بإذن الله حتى يصعد حالقا ، ثم يتردى منه ] . ( صحيح ) وللحديث شاهد بلفظ : العين حق تستنزل الحالق . فهو به قوي وسيأتي 1250 .
[ العين حق ، تستنزل الحالق ] . ( حسن ) . خرجه وصححه الألباني رحمه الله
ولعله من المناسب أن أذكر بعض الأحاديث الثابته عن العين فلعل من لا يعرف ضررها ينتبه ومن يعرف ذلك يتذكر,,,
جاء في صحيح البخاري:
حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان قال حدثني معبد بن خالد قال سمعت عبد الله بن شداد عن عائشة رضي الله عنها قالت
أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أمر أن يسترقى من العين
عن أبي هريرة رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال العين حق ونهى عن الوشم
عن أم سلمة رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة فقال استرقوا لها فإن بها النظرة
وجاء في صحيح مسلم:
عن ابن جريج قال وأخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقولا
رخص النبي صلى الله عليه وسلم لآل حزم في رقية الحية وقال لأسماء بنت عميس ما لي أرى أجسام بني أخي ضارعة تصيبهم الحاجة قالت لا ولكن العين تسرع إليهم قال ارقيهم قالت فعرضت عليه فقال ارقيهم
عن ابن عباس
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين وإذا استغسلتم فاغسلوا
عن ابن شداد عن عائشة
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرها أن تسترقي من العين
وجاء في السلسلة الصحيحة للأباني هذه الأحاديث :
قال عليه الصلاة والسلام([ ما لصبيكم هذا يبكي ؟ فهلا استرقيتم له من العين ؟ ] . ( حسن )
[ استعيذوا بالله تعالى من العين ؛ فإن العين حق ] . ( صحيح ) .
[ أكثر من يموت من أمتي بعد كتاب الله وقضائه وقدره بالأنفس . ( يعني : بالعين ) ] .
( حسن ) .
[ لا عدوى ، ولا طيرة ، والعين حق ] . ( حسن ) .
[ إذا رأى أحدكم من أخيه ومن نفسه ومن ماله ما يعجبه فليبركه ؛ فإن العين حق ] .
وأخرجه الإمام مالك عن محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه سمع أباه يقول :
اغتسل أبي سهل بن حنيف بـ ( الخرار ) فنزع جبة كانت علبه ؛
وعامر بن ربيعة ينظر ،
وكان سهل رجلا أبيض حسن الجلد ، قال :
فقال له عامر بن ربيعة : ما رأيت كاليوم ولا جلد عذراء !
قال : فوعك سهل مكانه ،
واشتد وعكه فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبر أن سهلا وعك ،
وأنه غير رائح معك يا رسول الله ،
فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبر بالذي كان من أمر عامر ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : علام يقتل أحدكم أخاه ! ألا بركت ؟ إن العين حق ،
توضأ له ، فتوضأ له عامر ،
فراح سهل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس به بأس . ( وهذا إسناد صحيح ) .
ثم أخرجه هو وابن ماجه وأحمد من طريق الزهري عن أبي أمامة به نحوه ،
وليس فيه : إن العين حق . وفيه بيان صفة اغتسال عامر ،
وعند أحمد صفة الصب على سهل . وهو صحيح أيضا .
وقد روي التبريك من فعله عليه السلام فانظر : ( كان إذا خاف ) والجملة الأخيرة من الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة ،
بعد أن قرأتم تلك الأحاديث التي تبين خطر العين وأثرها فلن تستغربوا ماحصل في نهاية هذه القصة,,
بعد أن ذكرت تلك الأم الحزينة شكواها لم أتمالك نفسي إلا أن أجتهد في اعطائهم موعدا سريعا لأسمع من الرجل قصته ولكي أنظر في شكواه ولعلي أهون عليه مصيبته,,
جائني يتهادى بين أخويه في المسجد وبعد صلاة العصر من ذلك اليوم أخذت أسأله عن قصته فقال:
كنت فرحا مسرورا سعيدا بأن رزقني المولى تلك الطفلة الجميلة من زوجتي التي كنت أحبها حبا أعجز عن وصفه ,,,
ولكن!!
لا أعلم ماذا أقول لك!!
( أخذ يبكي وتنهمل دمعة تلو أخرى))
يقول :
في نهاية الحفل ضاقت الدنيا بي, بل شعرت أني أتعس انسان في الوجود , شعرت بحرارة في صدري وأكاد أمزق ثوبي , أخذت أتعوذ بالله من الشيطان ولكني لا أعلم ماذا أفعل !!
أأهرب من بيتي !!
إذا تذكرت ابنتي زادت تلك الضيقة وأكاد أجن ,,,
ما هذا إني بدأت أكرهها !!
لا أريد أن أتذكرها بل وحتى زوجتي ,,,
ثم ضاقت الدنيا بي,,,
عندها عزمت على أمر غريب ...........
لم أشعر إلا وأنا في المستشفى ورجلاي معلقتان وعليهما جبس ويدي مجبرة وفيها تلك الأسياخ الحديدية ,,,,,
عندها ذهلت ماذا حل بي؟؟
أخبروني أني قذفت بنفسي من أعلى السطح ,,,,!!!
بدأت ذاكرتي تنجلي عن شيء تمنيت أني نسيته...
أخذت أتعالج في المستشفى لمدة تزيد على ثلاثة أشهر عند طبيب العظام وأيضا عند الطبيب النفسي ,
قالوا إني أعاني من حالات نفسية غريبة..
المهم أن علاجهم لم أستفد منه ,,,
يا أخي أريد حلا ,
أريد حلا (( وأخذ يبكي ))..
عند سماع تلك الشكوى شعرت أن الأمر يحتاج إلى الرقية وإلى صبر طويل فتلك العين فيما أظن أصابته وأثرت على شعوره نحو أحب الناس إليه بل وحتى على نفسه ,
قرأت عليه ماتيسر من القرآن وخلال قرائتي ظهرت علامات زادت أيضا من ظني أنها عين أصابته والله أعلم..
ثم نصحته ببعض النصائح المهمة ..
ثم بعد أن غادرني ناديت احد اخوته وقلت له:
هذه الحالة تحتاج إلى مراقبة شديده فهذا الرجل قد يؤذي زوجته وابنته فانتبهوا له ولا بد أن يستمر على الرقية اضافة على مايتلقاه من علاج طبي,,
ثم مضت الأيام,,,
مضت أيام وبعدها أيام لم أره وبعد مدة ليست بالقصيرة إذا بأخيه يأتي للرقية بدون أن يأتي بأخيه!!
علامات الحزن بادية في محياه !!
نظرت بتمعن في وجهه فعلمت أن مصابا جللا أصابه!..
قلت ,,,ما الخبر؟
قال لقد,,,
لقد قتل ابنته!!!
نعم أخي وجدوه على الشاطيء ومعه ابنته وزوجته وكان يغرقهما في البحر ,,,,(( انقطع صوته...)) من البكاء
ثم قال:
لقد ماتت البنت والأم في حالة غيبوبة , وأخي في السجن وسينقلونه إلى المصحة النفسية!!!!!!!!!!!
فاسترجعت وقلت له استرجع وهذا قدر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله,,
___
انتهت القصة
ولعل أحدكم يقول لماذا اخترت هذه القصة والتي بهذه النهاية المحزنه !!!!
لماذا لم تذكر لنا قصة نهايتها الشفاء!!
وجوابي :
أني لم أشأ ان أعلق الناس بروايات قصصية تبين الشفاء على يد أخيكم الفقير وإلا فالقصص الثابته ولله الحمد أولا وآخرا كثيرة ومتيسرة.
وثانيا أن مثل هذه القصة تتكرر وقد نكون نحن من أسباب هذه النهاية المحزنة!!
ثالثا أنها أغرب قصة حصلت ولم أستطع أن أفعل لها شيئا !!
مع علمي بأن تلك النهاية المحزنة متوقعة!!
ولأسباب جاءت في نفسي ,,
وأوصيكم جميعا بعدة أمور:
* لا تصيب مسلما في مقتل والسبب عينك وحسدك أو اعجابك وعدم تبريكك عليه, فقد يكون مصيرك مثله.
* خذوا بالأسباب الشرعية كالأذكار الشرعية والرقية بعد الإصابة.
* لاتتسببوا في الأذى لأنفسكم بالمبالغة في التزيين أو الفرحة الزائدة.
وأخيرا
ليس كل مانراه يكون بدون سبب , فلعل هناك سبب لا نعرفه أحدث تلك المصائب.
وصلى الله وسلم وبارك على محمد
أبو حسن
علي الهاجري
مواقع النشر (المفضلة)