[align=center]

الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي السلجوقي، حكم سنة 541هـ، أحد الملوك الصالخين، جاهد الفرنجة و هزمهم وفتح المدن التي استولوا عليها في الشام

كان يكثر اللعب بالكرة فعاتبه رجل من كبار الصالحين في ذلك فقال: إنما الأعمال بالنيات و إنما أريد بذلك تمرين الخيل على الكر و الفر وتعليمها ذلك ونحن لا نترك الجهاد
=========

ذكر ابن الأثير أن الملك نور الدين بينما هو ذات يوم يلعب بالكرة إذ رأى رجلاً يحدث آخر و يومئ الى نورالدين،فبعث الحاجب ليسأله ما شأنه،فإذا هو رجل معه رسول من جهة القاضي وهو يزعم أن له على نورالدين حقاً يريد أن يحاكمه عند القاضي،فلما رجع الحاجب الى نورالدين وأعلمه بذلك ألقى الجوكان (ما تضرب به الكرة) من يده و أقبل مع خصمه ماشياً الى القاضي الشهرزوري، وارسل نورالدين الى القاضي الا تعاملني الا معاملة الخصوم، فحين وصلا وقف نورالدين مع خصمه بين يدي القاضي، حتى انفصلت الخصومة و الحكومة ولم يثبت للرجل على نورالدين حق بل ثبت الحق للسلطان على الرجل،فلما تبين ذلك نورالدين: إنما جئت معه لئلا يتخلف أحد عن الحضور الى الشرع اذا دعي له، فإنما نحن معاشر الحكام أعلانا و أدنانا شجنكية(خدم) لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولشرعه،فنحن قائمون بين يديه طوع مراسيمه فما به امتثلناه وما نهانا عنه اجتنبناه و أنا أعلم أنه لا حق للرجل عندي، و مع هذا أشهدكم أني قد ملكته ذلك الذي ادعى به ووهبته له
==========

كان صبوراً شجاعاً في الحرب ، يضرب به المثل في ذلك، و كان يقول

تعرضت للشهادة غير مرة فلم يتفق لي ذلك، ولو كان في خير ولي عند الله قيمة لرزقنيها، والأعمال بالنية

==========

وقال له يوماً قطب الدين النيسابوري

بالله يا مولانا السلطان،لا تخاطر بنفسك، فإنك لو قتلت قتل جميع من معك، و أخذت البلاد،

و فسد حال المسلمين، فقال له

اسكت يا قطب الدين، فإن قولك اساءة أدب على الله،و من هو محمود؟ من كان يحفظ الدين والبلاد قبلي غير الذي لا إله إلا هو؟ ومن هو محمود؟

==========

و كتب اليه الشيخ عمر الملا من الموصل- وكان قد أمر الولاة والأمراء بها ألا يفصلوا أمراً حتى يعلموا الملا به وكان من الصالحين الزاهدين- فكتب اليه الشيخ عمر

إن المفسدين قد كثروا ويحتاج الأمر الى سياسة و مثل هذا لا يجيء إلا بقتل وصلب وضرب، و إذا أخذ انسان في البرية من يجيء يشهد له؟ فكتب اليه نورالدين على ظهر كتابه

إن الله خلق الخلق و شرع لهم شريعة وهو أعلم بما يصلحهم، ولو علم أن في الشريعة زيادة في المصلحة لشرعها لنا، فلا حاجة بنا إلى الزيادة على ما شرعه الله تعالى، فمن زاد فقد زعم أن الشريعة ناقصة، فهو يكملها بزيادته، وهذه جرأة على الله و على ما شرعه، والعقول المظلمة لا تهتدي والله سبحانه يهدينا وإياك الى صراط مستقيم

فلما وصل الكتاب الى الشيخ عمر الملا جمع الناس بالموصل وقرأ عليهم الكتاب و جعل يقول

انظروا إلى كتاب الزاهد إلى الملك، وكتاب الملك إلى الزاهد

المصدر موقع التاريخ
[/align]