[align=center]يمشي الفقير وكل شيء ضده [/align]

[align=justify]أريد أن أكتب عن أي شيء ، أهم حاجة إني أنزل موضوع جديد ، عن ماذا سأكتب هذا اليوم يا ترى ؟

حسناً ...

سأكتب هذا اليوم عن الفقراء والضعفاء ومعاناتهم مع الفقر و عن الأغنياء والأثرياء وترفهم وثرائهم الفاحش ؟

وبما أننا على أبواب الشهر الفضيل شهر رمضان ، فإنني سأذكّـر الجميع بالفقير الذي ينتظر منا مد يد العون والمساعدة .


موضوع الفقر خطير ، حيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم دعى المسلمين إلى الاستعاذة منه ، حتى أنه ساوى بينه وبين الكفر في بعض الأحاديث كما في قوله عليه الصلاة والسلام : " كاد الفقر أن يكون كفراً " .

في البداية سأتكلم بوضوح وشفافية عن وضع الأغنياء ، تجد أن الغني وأعني به غني المال ، دائماً لا يحس بالجوع ولا بمعاناة الآخرين ، تجدهم يمشون بخيلاء وكبرياء ويركبون أثمن السيارات الفارهة وأغلاها ، ويأكلون أجود أنواع الأطعمة الفاخرة وينظرون للفقراء بعين الازدراء ، البعض من هؤلاء الأثرياء مصاب بأمراض متعددة بسبب الهموم والآلام التي تعرض لها في سبيل جمع المال وإكثاره ، ولو عرضت عليه أكل قطعة حلوى صغيرة فإنه لا يستطيع الإقدام على هذا الأمر ، لسبب بسيط وهو معاناة من مرض ارتفاع السكر في الدم ، وهو بذلك يفتقد للصحة التي يتمتع بها الفقير ويظل هذا الفقير موضع حسد هذا الغني لتمتع الأول بالصحة والعافية ، ثم إن في الأغنياء صفة التجاهل والغرور الذي دائماً ما يقابلون به الفقير ظناً منهم أنه جاء إليهم أو أقبل عليهم لغرض التسول ؟!

وصدق الشاعر بوصفه للفقير بقوله :

يمشي الفقير وكل شيء ضده والناس تغلق دونه أبوابها
وتراه مبغوضاً وليس بمذنب ويرى العداوة ولا يرى أسبابها



أما إن خالف الغني ما سبق واتصف بالتواضع والتصدق على الفقراء والمعوزين فإنه سيكسب قلوبهم وسيذكره الجميع بالخير ويدعون له بأن يرزقه الله من حيث لا يحتسب ، وهنا يصبح الغني محبوباً .

بقي أن نعرف حقيقة مفادها أن الدنيا لا تساوي عن الله جناح بعوضة ، والعبرة بالعمل لليوم الآخر ، والله لن ينظر لرصيد المسلم أو عقاراته أو تجاراته بل إلى أعماله التي إما أن تهلكه أو تنجيه ، وبذلك تظهر قيمة الصدقة التي وعد الله من يتصدق أجراً عظيماً ، كما أن الإسلام يحترم الفقر والفقراء ، ويرفع من مكانتهم ، بل ويفضل الفقراء على الأغنياء ، قال عليه السلاة والسلام : ( فوالله ما الفقر أخشى عليكم ولكني أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم )، وقال أيضاً: ( يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم وهو خمسمائة عام ) .

إضافة إلى أن الفقير في الإسلام إنسان صاحب حق على الدولة وعلى المجتمع ، وهناك اختلاف كبير بين الحق والإحسان، ففيما يترك الإحسان لمشاعر وأحاسيس الأغنياء تجاه الفقراء ، يأتي الحق كواجب وفرض يقتطع من أموال الأغنياء لتأمين حاجة الفقير والمعوز والمسكين ، قال الله تعالى: ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم به وصل عليهم " التوبة ) 103.

هذا وقد وضع الإسلام مقاييس للفقر ، ذكرها ابن حزم في كتابه " المحلى" ، فقال" أن يقام للفقراء " بما يأكلون من الغوث الذي لا بد منه ، ومن اللبس للشتاء والصيف بمثل ذلك ، وبمسكن يسكنهم من المطر، والصيف والشتاء وعيون المارة "

من هنا إننا لا نستغرب دعوة بعض الصحابة الفقير ، إلى الدفاع عن هذا الحق ، والمطالبة به حتى ولو اضطر إلى استخدام القوة، فقد روي عن ابا ذر رضي الله عنه قوله : " عجبت لمن لا يجد القوت في بيته كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه " .[/align]