اخواني واحبابي ...

ان شاء الله سانقل لكم في هذا الموضوع كتابات مختارة للرائع جدا الدكتور عبدالرحمن العشماوي حفظه الله ورعاه ...

جريدة الجزيرة :

دفق قلم
طَمْس المشكلات حَلٌّ أَمْثل
عبد الرحمن صالح العشماوي


المشكلات الاجتماعية بصفة عامة، والعائلية بصفة خاصة، تحتاج إلى أن يتعامل الناس معها - في كثير من الأحيان - بالطَّمْس وعدم البحث والنَّبش عنها، لأنّ طَمْسَها وسيلة مهمّة من وسائل القضاء عليها غالباً، إلاّ إذا كبرت وخرجت عن الطوَّق فإنّها حينئذ تحتاج إلى مصارحة واعية وإصلاح.
إنّ الاستسلام للمشكلات الصغيرة، والخلافات اليومية يزيد من اشتعالها، ويتعب أصحابها، ويعمِّق الفجوة بينهم حتى تتحوَّل المشكلات الصغيرة إلى كبيرة.
ولقد أشار المصلحون إلى أنّ العتاب إذا تجاوز حدَّه المعقول أصبح من أهم أسباب إيغار الصدور، وزيادة الإحساس بالمشكلة .. ولمّا التقى المأمون برجل كانت بينه وبينه خلافات تباعدت بها نفساهما، قال له المأمون: أتريد مصالحة على المَعْتَبَة أم على الصَّفح والنسيان، قال: بل على الصَّفح والنسيان يا أمير المؤمنين، فابتسم له وقال: نعم على الصَّفح والنسيان.
وفي المشكلات الاجتماعية الضخمة، يضرب لنا موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من حادثة الإفك أروع الأمثال وأجملها في أسلوب الطَّمْس، وتجاهل التفاصيل، وانشراح الصَّدر، والصَّفح الجميل الذي قتل القضية، وأنهاها بعد أن نزلت براءة أُمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها من فوق سبع سماوات.
وفي المعاملات (الأُسريَّة الزوجية) النبويَّة ما يؤكِّد أهمية أسلوب طَمْس المشكلات الصغيرة في القضاء عليها في مهدها.
ما زلت أذكر صورة ذلك الرجل الذي التقيت به في إحدى محاكم الأنكحة وهو يغلي من الغضب ويردِّد كلمات فهمت من بعضها أنّه يعيش أجواء خلاف زوجي ملتهب، فسألته بهدوء: ما لي أراك غاضباً؟ فقال لي: أنا إنسان تعيس أعيش مع زوجة تعيسة فكيف لا أغضب، قلت له: قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، حتى يسكن غضبك، فلمّا قالها سكن غضبه فعلاً ولماذا لا يسكن وهي وصْفَةٌ نبويَّة فعَّالة؟
وعندما ناقشته بعد هدوئه وجدت المشكلة التي دفعته إلى هذا الغضب الذي ساقه من مكان عمله إلى المحكمة ليطلِّق زوجته أُم أولاده هي: انشغال هاتف منزله فترة طويلة حينما اتصل به من مقرِّ عمله، مما جعل وساوس الشيطان تتلاعب بقلبه وعقله، فيفسِّر ذلك تفسيراً قائماً على سوء الظن، وحينما سألته: هل ناقشت زوجتك في هذا الأمر، قال: كلا، ثم تحدَّثت معه في أنّ وقوفه بهذه الصورة المتعجِّلة مع مثل هذه المشكلات الصغيرة لا يليق برجل عاقل يعرف قيمة الحياة الزوجية المرتبطة بالمودَّة والرحمة، وتلاحم الأبوين مع أبنائهما، وخرج من المكان ضاحكاً شاكراً لي فَرِحاً بعدم تنفيذ ما عزم عليه.
الخلافات العائلية لا مناص من وقوعها، فهي مِلْحُ الحياة الاجتماعية، ولذلك يجب على الناس ألاّ يبالغوا فيها، وألاّ يعملوا على نَبْشِها حتى لا يتَّسع نطاقها، وتتحوَّل إلى قضايا كبيرة ومشكلات خطيرة.
إشارة:




هكذا - أيُّها الأحبّة يَمضي
مركبُ الحبِّ بيننا ويسيرُ


http://www.suhuf.net.sa/2005jaz/sep/24/ln9.htm