بسم الله الرحمن الرحيم ..

أعضاء المنتدى الكرام ..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

وكل عام وأنتم بخير ..



تمر بالمرء مواقف كثيرة في هذه الحياة يقف عندها ويتأمل ما فيها ويأخذ منها العبر ويستلهم الدروس .. خصوصا إن كانت تلك المواقف تتعلق بشعيرة عظيمة ألا وهي الحج، فالحج مدرسة عملية من حين النية إلى آخر شوط يُطاف فيه للوادع ، ما أجمله من شعور يغمر الوجدان حين يُعمَل فيه الفكر مع كل حركة وسكون في تلك العبادة ، وحاولت أن أجمع في هذا المقام ما علِق في الذهن هو لي أولا ومن باب التذكير لأحبتي ثانيا ..

* كانت بداية الرحلة وفي كل رحلة أن يختار المرء من الأصحاب من يجد فيهم العلم والفهم والاستقامة كي يساعدوه على أداء تلك المناسك فإذا أخطأ وجهوه وإن أساء نبهوه وهكذا الحياة لا بد أن يختار الإنسان من يجد فيه صفات الخير والصلاح كي يعينوه على الطاعة ويبعدوه عن المعصية فنحن في سفر للدار الآخرة ..

* مع كل رحلة يراعى فيها جانب الاستعداد في المأكل والمشرب وغيرهما حتى يصل المريد إلى ما يريد في راحة وسكون ومثله المؤمن لا بد أن يجعل له رصيدا من الاستعداد للدار الآخرة بعمل صالح يقربه إلى مولاه كي يصل إلى منتهى ما يريد ألا وهي الجنة ..

* قررت الدولة منع الحج دون تصاريح وهو نظام جيد لكني خالفته وأستغفر الله المهم لما جئنا المنفذ رأينا سيارات قد أوقفت وعلمنا أن أصحابها لا يحملون تصاريح ولك أن تتخيل ذلك الشعور الرهيب وفي نفس الوقت نحن معترفون بأننا مخطئون ولأكثر من ربع ساعة ونحن ندعو الله أن يعمي عنا العيون فالشوق لمكة يجذبنا كلما اقتربنا منها ولله الحمد سمح لنا بالعبور عسكري جزاه الله كل خير فارتاحت النفوس وعادت البسمة للشفاه والذي أود الوصول إليه أننا نسير في هذه الحياة إلى جنة أو نار فكيف الحال إذا وقف المرء عند باب الجنة وليس معه تصريح لدخولها من إيمان وعمل صالح ستكون الخسارة أكبر وعزائنا أن الله هو أرحم بعباده من ذلك الشرطي الذي أذن لنا بالدخول دون تصريح فرحماك ربي رحماك ..

* في الحج ترى الناس كلهم قد اجتمعوا في مكان واحد لا تجمعك بهم إلا صلة الدين والإسلام ، لباسهم واحد وندائهم واحد وهدفهم واحد .. يتنقلون ما بين المشاعر زافات ووحدانا لا تعرف الغني من الفقير ولا تفرق بين الصغير ولا الكبير ولا الذكر ولا الأنثى.. تضيق الأماكن تارة وتتوسع تارة .. كل هذا مشهد مصغر لما سيحصل يوم القيامة يوم يخرج الناس من قبورهم سراعا كأنهم إلا نصب يوفضون إلا أن الحجيج عليهم أردية تسترهم أما القيامة فهم حفاة عراة ..

* في المشاعر ترى الرجل ومعه زوجته أو امرأته أو أخته قد أمسك بها وضمها إليه وحماها من الزحام حتى أني رأيت امرأة شقت الصفوف وفرقت الجموع تبحث عن ولدها حتى ضمته إلى صدرها أما يوم القيامة فالكل يقول نفسي نفسي قال الله ( يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ) ..

* الحج فيه أمور تدل على أننا قادرون على التغيير في سلوكياتنا وشخصياتنا من خلال ضبط النفس وعدم رفع الصوت والجدل فكم مرة تدافع الناس وكم مرة تضايق البشر والمرء يقول في خضم ذلك كله ( حج يا حاج ) فلا صوت يرفع ولا شجار يحصل فهلا استفدنا من تلكم المواقف في حياتنا اليومية ..

* مناسك الحج مع هذا الزحام الشديد فيها مشقة بالغة لا تكاد توصف لكن الله لم يعوض بالحج المبرور جزاء غير الجنة فكذلك الحياة لا تكون لمن آثر الدعة والخمول والذي يتعب في البداية يستريح في النهاية ولا شك أن هناك عقبات تعيق المرء عن مبتغاه لكنها تزول عندما يفكر في نعيم الآخرة ..

وفق الله الجميع لكل خير ..