مع النفس في غفلتها ! ( 1 - 4 )
http://www.rafha.com/vb/showthread.php?t=15829

مع النفس في غفلتها ! ( 2 - 4 )
http://www.rafha.com/vb/showthread.php?t=15893

مع النفس في غفلتها ! ( 3 - 4 ) : الأسباب !
http://www.rafha.com/vb/showthread.php?t=16021


مع النفس في غفلتها ! ( 4 - 4 ) : العلاج .. وفي الصراحة تكون الراحة !

من أراد أن يعالج نفسه من الغفلة التي أحاطت بنفسه واتجهة به إلى عالم دنيء مضطرب فوضوي ، عليه أن يعلم يعمل بعدّة أمور :

1- أن يلوم نفسه ، ولايجلب التبرير لها بإلقاء الملامة على غيره ، على الزمان على الناس ... ونحو هذا ، قال تعالى : ( وَلآ أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ) .
2- الجَنّة حُفت بالمكاره ، طريقها ليس مفروشا بالورود والأكاليل ، بل مفروش بالإبتلاء ، قال تعالى : ( أحَسِبَ النّاسُ أنْ يُتْرَكُوا أنْ يَقُولُوا آمَنّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ) ويقول سبحانه : ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنّةَ وَلَمّا يَأْتِكُم مّثَلُ الّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مّسّتْهُمُ الْبَأْسَآءُ وَالضّرّآءُ وَزُلْزِلُواْ ... الآية )
3- الهداية تكون بعد المجاهدة ، كيف يرجو الهداية والصلاح ؛ من استسلم للهوى ، وركن إلى الشهوة ، هذا وأمثاله نهاية أمرهم أنهم إذا نوصحوا قالوا : الهداية من الله ... ادع لنا بالهداية ... الله يهدينا !! والله سبحانه وتعالى يقول : ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنّةَ وَلَمّا يَعْلَمِ اللّهُ الّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصّابِرِينَ ) ويقول سبحانه : ( وَالّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنّهُمْ سُبُلَنَا ) .

هناك حقيقة يجب أن نعلمها ، ونحفرها في عقولنا حتى نستحضرها قدر استطاعتنا ، وهو من صميم عقيدتنا وإيماننا ، ذكره الإمام محمد بن عبد الوهاب في الأصول الثلاثة : ( أن الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملاً، بل أرسل إلينا رسولاً، فمن أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار ) الأمر بسيط جدا ، لكن كثرة التبريرات والتشدقات وجلب الأوهام ، والإفتتان بطريقة عيش معينة في هذه الدنيا ، تبرر لدى البعض رؤيته للحرام ، وسماعه للمنهي ونحو ذلك ( من أطاع الرسول دخل الجنة ، ومن عصاه دخل النار ) كن مدنيا منفتحا ... لكن لا تعصي الله ورسوله ، وإلا لن تلوم إلا نفسك ، تهديد واضح وصريح ، قال الله تعالى في الحديث القدسي : ( يا عبادي ! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها؛ فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ) .

العلاج بشكل عام هو تقوى الله - سبحانه وتعالى - إن واجهت أمرا محرما فاتركه ، وإن واجهت أمرا واجبا فقم به ، وإن واجهت أمرا فيه شبهة فدعه ، الأمر يسير على من يسره الله له .

لكن لابد من التفصيل في العلاج :

1- ترك الذنوب والمعاصي :

إن كنت تريد أن تعالج نفسك - بحق - فدع الذنوب والمعاصي ، وجاهد نفسك على تركها ، فهي الداء الحقيقي لقلبك ، هي سبب فقدانك للخشوع في الصلاة ، هي السبب في انتشار الخبث في أرجاء روحك ، هي السبب في هجرك للقرآن ختما وتدبرا ، هي السبب في كرهك لمجالس الذكر ، هي السبب في فساد عالمك الذي تعيشه ، هي السبب في تعاستك ومللك من عيشك الكئيب ..... هي السبب !
التساهل في رؤية النساء بالجرائد وفي التلفاز ، التساهل في سماع الموسيقى ، الإصرار على بعض الصغائر ، ولا صغيرة مع الإصرار اصرار الشعوب والناس على بعض المعاصي والذنوب ، حلق اللحية ، إسبال الثياب ، الغيبة ... آآآه من الغيبة ، اللعن ، [mouseover=وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المؤمن يحتمل أنه يزني ويُحتمل أنه يسرق ... لكنه لايكذب ، فانظر إلى حالنا الآن]الكذب[/mouseover] ، سماع الغناء والموسيقى ، ورؤية المحرّم ، وتأخير الصلوات والنوم المستمر عنها ، كثرة الحركة في الصلاة ... وغيرها كثير ، فانظر لحالك وحاسب نفسك ، كم من ذنب أصريت عليه حتى صار عادة ، تمر السنوات وأنت مستمر عليه ، أليس هذا الكلام ثقيل على النفس ، صدقوني ... هو ثقيل على كاتبه كذلك ، والله المستعان .

2- البعد عن عالم الموت :

ببساطة سيأتي عليك يوم ترى فيها ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب تسحب روحك وأنت ترى ، رآهم عمر بن عبد العزيز وهو في غرفته وقال : ( إني أرى حضرة ماهم بجن ولا إنس ) أو نحو هذا الكلام ، لايلزم أن تكون مريضا ليقبضوا روحك ، أو قد حدث لك حادث ، قد يفجؤونك وأنت مع أصدقائك في قمة فرحك ولهوك ، أو وأنت تلعب معهم ( هل تذكرون عدد اللاعبين الذين ماتوا وهم يلعبون ويمرحون ) ، هل سألت نفسك كم بقي علي ؟!! ربما اسمك هو الثاني أو الثالث أو المائة ... أو الآن !!
ياالله ... يالهول الفاجعة ، تسقط جثة هامدة ، وتنزع منك ثيابك ، ثم تقلب مغسولا لاحول لك ولاقوة ، ثم تدفن في حفرة ضيقة ، ماهو حالك في أول ليلة في القبر ، البارحة كنت نائما بين أهلك في غرفتك على فراشك الناعم ووسادتك المريحة ، وخلال ساعات توسد الثرى ، في مكان ضيق ... ضيق ... ضيق ، ومن رأى القبر علم ذلك .

سينتهي كل شيء ، ويأتي وقت الجد ( حسنات <<<<< و >>>>>> سيئات ) نعم .... الله غفور رحيم ، لكنه شديد العقاب ، وياخيبة المتكئ على رحمة الله ، ليجعل تلك الرحمة مبررا لمعاصيه وذنوبه .... ياخيبته !!

3- وقتك هو رأس مالك :

أنت في تجارة ، والوقت هو رأس مالك ، تمر الساعات علينا ، وتأكل الأيام أعمارنا ، فلا يبقى لك مما مضى إلا عملك : ( فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ) . والمصيبة إذا ذهب من عمرك أكثر مما بقي .... أسأل الله العفو والمغفرة .

4 - اذكر الله :

ذكرت أن الوقت هو رأس المال ، فتعال أخي استثمر رأس مالك بخير الأعمال وأزكاها عند الله ، وخير من إنفاق الملايين ، بل وخير من الجهاد .... إنه ذكر الله تعالى ، من أكبر النعم وأعظمها ، قال صلى الله عليه وسلم :
( ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم ) قالوا: بلى يا رسول الله. قال: ( ذكر الله عز وجل ) فلماذا نمضي إلى أعمالنا ، وتمضي علينا الأوقات ونحن صامتون ؟!! تجد - كمثال - الواحد منا يذهب من البيت إلى العمل وهو صامت - هذا إن لم يسلم من سماع الحرام - ، لماذا لايذكر الله - عز وجل - ، وهذا وإني أوصي نفسي وأخوتي بالإستغفار - وهو من الذكر - ، بأن تقول : ( أستغفر الله الذي لاإله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ) فمن قالها غفرت ذنوبه وإن فر من الزحف . كررها دائما ، وجاهد نفسك على ذلك ففيها والله الخير الكثير ، هذا وإن الإستغفار من أعظم الذكر ، ولما سئل ابن تيمية رحمه الله أيهما أنفع للعبد الإستغفار أم التسبيح؟ فأجاب: إذا كان الثوب نقيا فالبخور وماء الورد أنفع , وإن كان دنسا فالصابون والماء أنفع! ومن أعظم ماقيل في الإستغفار قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " من أكثر من الاستغفار جعل الله عز وجل له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب " .


لاأحب أن أطيل - وقد أطلت - ، أيها الأحبة ! أظن أن النقاط الماضية تكفي من له قلب حي ، وجماع الكلام أن تتقي الله وتجاهد نفسك على ذلك وتعلم بأن العمر هو رأس مالك ، فارق المعاصي وأكثر من الذكر والإستغفار ، اعلم بأن الموت هو هادم دنياك ، فإياك أن يهدم عليك آخرتك .... إياك !

أسأل الله أن يحسن خاتمتنا ، وأن يغفر ذنوبنا ، وأن يصرف قلوبنا إلى طاعته ، وأن لايشغلنا إلا بما يرضيه - سبحانه - وأن يجعلنا ممن يدخلون الجنة بغير حساب ، ورحم الله امرءًا قال : آمين .