[overline]أعلم عزيزي القارئ إن هذه القصة التي سأكتبها قصه واقعيه , حدثت هنا في مدينة رفحاء وليست خيال من أفكاري.

قال لي أحد الأصدقاء , أنه أشترى لأخيه الصغير جهاز جوال بمناسبة نجاحه بتفوق من المرحلة الإبتدائه إلى المرحلة المتوسطة , فرح هذا الأخير بهذه الهدية فرحاً لم تسع الدنيا له , وكأنَّـهُ ملك الأرض بما حوت , بل وكأن الدنيا سُخِّرت لفرحتهِ , خرج الصغير في الشارع يتباهى بجواله أمام أصدقائه , إلا أن فرحتهُ لم تدم أكثر من ثلاثة أيام , ففي مساء اليوم الثالث وبينما كان يلعب الصغير أمام منزله مع أصدقائه , فوجئ بشابين يهجمان عليه و ينتزعان من يده الصغيرة هدية نجاحه بعد أن أوسعاه ضرباً لا يستطيع جسد الرجل الكبير أن يتحمله فما بالك بجسد طفلٍ صغير لا يعرف من هذه الدنيا سوى فرحتها و وبهجتها.
توقف صديقي عن الكلام في هذه اللحظة..! حتى كان الصمت هو الوصل بيننا..! لم أرد أن اقطع هذا الصمت , لأنني كنت أعلم ما كان يدور بخلد صاحبي. كيف عرفت..؟ لأنني كنت أرى الغضب في عيناه , وكيف لا يغضب.!؟ وهوَ إلى هذه اللحظة لا يعرف من هُم الذين ضربوا أخيه الصغير وسرقوا جواله من يده..!؟
نظر إلي وقال : هل تريد أن تعرف ماذا حدث ؟ قلت : نعم , قال : تفاجئنا بصراخه يحطم هدوء المنزل , لحظة دخولهِ علينا , والدم ينزف من أنفه ووجهه قد مرغ بالتراب , فاعتقدت للوهله الأولى بأن سيارة قد صدمته , أو سقط من مكان مرتفع , فقلت له ماذا حدث لك ؟ فأخبرني بالقصة , عندها توجهت مسرعاً للخارج أبحث عن من قام بهذا الفعل الشنيع بحق طفلاً صغيراً لا حول له ولا قوه , إلا أنني قد تأخرت كثيراً فلم أجد في الخارج إلا أصدقائه الصغار الذين أخبروني بأن شابين قد ضربوا أخي الصغير , و سرقوا جواله وهربوا بسيارة نوع كذا كانت تنتظرهم بالجهة المقابلة من الشارع.
قلت لصاحبي يبدو أن الأمر قد دُبّـرَ بليل , بدليل السيارة التي كانت تنتظرهم والتي هربوا فيها بمساعدة قائد السيارة , قال : نعم هو كذلك , قلت : هل بلغت الشرطة قال : بَلّغت ولم أُبلغ ..! قلت : هل هذه أحجية..!؟ كيف بلغت ولم تبلغ..!؟ قال : ذهبت إلى مقر ضابط خفر , وهناك قابلت الضابط الذي أخبرته بما جرى مع أخي الصغير , وقد أخبرته بأوصاف هؤلا اللصوص ونوع سيارتهم و أشكالهم و أعمارهم وكل المعلومات التي جمعتها من أصدقاء أخي الذين رأوا ما حدث بالكامل وعندما انتهيت سألني الضابط ذلك السؤال الشهير و المعتاد , هل تدعي على أحد ؟ , قلت : لا..! قال : إذاً اذهب وسوف نتصل بك في حال حدوث أي تطور بموضوع السرقة , خرجت منه وأنا أحدث نفسي وأقول يبدو أن هذه أول مره و أخر مره أشاهد فيها وجه هذا الضابط بخصوص هذا الموضوع..!
مضى ألان شهران ولم يتصل هذا الضابط , ويبدو انه لم يحدث أي تطور بموضوع السرقة..! هل عرفت ألان سر بلغت ولم ابلغ ..؟
انتهى حديث صاحبي.. ولكن بنهاية حديثه تجمعت لدي أسأله كثيرة عن سبب انتشار مثل هذه السرقات في مدينه صغيره لا يتجاوز عدد سكانها المائة ألف نسمه..! تُـرى ما السبب..؟ ما الذي يدفع الشباب بعمر الزهور يملكون طاقات هائلة يمكن أن تُسخَّـر في شيء مفيد لهم ولمجتمعهم , أن يسخرونها في الإجرام والسرقة..!؟ هل هي الحاجة للماده ؟ أم تقصير في تربيتهم تتحمل الاسره وزرها..؟ أم بسبب عدم خوفهم من وجود رادع لهم جعلهم يتمادون في مثل هذه الأعمال الاجراميه..؟ , كانت هذه الاسئله تدور في راسي مسببه لي الصداع , كيف أجد لهذه الاسئله أجوبه..؟ , جلست أفكـر من أين أبدأ..؟ كان لابد أن أعود لقصة صاحبي .
فعندما يسرق شابين جهاز جوال فالهدف منه إما مادي بحيث يبيعانه ويستفيدان من المبلغ الذي يحصلانه أو لأجل الإستخدام.
إن كان الهدف من السرقة هو الاستخدام , فهذا الأمر ينتهي بنا إلى وجود خلل وانحراف في تربية هؤلاء الشباب , أما إذا كان الهدف من السرقة هو المال , وفقط من أجل المال , فهذا أمرٌ يقودني لشيء آخر وهو لابد من وجود ((مشتري)) و المشتري هنا لابد أن يكون شخص يوفر التسهيلات و الحوافز للصوص كي يستمروا في السرقة , طبعاً هذا الأمر قادني إلى أصحاب محلات الجولات , لأنها ببساطه ستكون الوسيلة لبيع المسروقات.
كنت أنوي أن أقوم بجولة ميدانيه على محلات الجوالات هنا في مدينة رفحاء , وسؤال أصحاب المحلات سؤال بسيط ومحدد..! هل تشترون الاجهزه المسروقة من اللصوص..!؟ كان الهدف من الجولة هو هل أصحاب المحلات يقدمون المساعدة للصوص وذلك بشرائهم الاجهزه المسروقة منهم أم أن هناك أطراف أخرى تعمل بالخفاء مع هؤلاء اللصوص غير أصحاب المحلات وقد تكون من خارج رفحاء , مع علمي الأكيد بأن أصحاب المحلات لن يجاوبوا على سؤالي المباشر , لو كانوا هم من يقدمون المساعدة , ولكن كان لابد من حيله أستنطقهم بها إجابة السؤال.
إستعنت بالله , وركبت سيارتي وقدتها إلى الشارع العام أو السوق القديم كما يعرف الآن , توقفت عند أحد أصحاب محلات بيع الجوالات , دخلت على البائع في محله وسلمت عليه , كان البائع من الجنسيه اليمنيه , أسمر البشره , نحيل الجسم , في نهاية الثلاثينات من العمر ودار هذا الحوار بيننا.
أنا: هل عندك جوالات مستعمله للبيع ؟
البائع: نعم يوجد.. ولكن مانوع الجهاز الذي تبحث عنه ؟
أنا: أفضله أن يكون من شركة نوكيا.. لسهولة إستخدامه ومميزاته الكثيرة.
البائع: تفضل هذه مجموعه من الاجهزه وهي بحاله جيده , إختر ما تشاء.
بدأت أتفحص الاجهزه بشكل سريع و أسأله عن أسعارها , ومدى جودتها.
أنا: ماشاء الله يبدو إنك تختار أجهزتك بعناية , جميعها ممتازة وأسعارها مناسبة.
إرتسمت على الوجه البائع إبتسامه كبيره ظهرت من خلالها أسنانه الصفراء وقال لي.
البائع: يا أخي العزيز أعلم إن محلنا من أفضل المحلات الإتصالات في رفحاء , ولدينا زبائن كُـثــر.
أنا: هذا واضح , ولا يحتاج إلى إثبات , ولكن عندي سؤال أرجو أن تجاوب عليه.
البائع: أسأل.
أنا: كيف تضمن أن الجهاز غير مسروق.. قد يبيعك شخص هذا الجهاز مدعياً أن الجهاز له , وهو في الحقيقة قد سرقه من شخص أخر..؟ وهنا قد تحدث مشكله لو إني إشتريت هذا الجهاز منك ووجده صاحبه معي , فيتهمني بسرقته.
البائع: هذا الأمر لم يحدث معي , ولا أذكر بأن أحد زبائننا جاء مشتكياً , بأن الجوال الذي أشتراه مني , كان مسروقاً.
أنا: ولكن هذا الأمر قد يحدث , وليس معنى أنه لم يحدث معك إلى الآن إنه لن يحدث أبداً.
البائع: ممكن..!؟
أنا: طيب.. ألا تلزم من أراد بيعك جهاز مستعمل , بأخذ صوره من بطاقة إثبات الشخصية.. حفاظاً للحقوق فقط , لأنني أذكر أن هناك تعميم من الشرطة يلزم أصحاب محلات الاتصالات بأخذ صوره من إثبات شخصية أي شخص يريد بيع جهاز مستعمل عليكم , تماماً مثل محلات بيع الأثاث المستعمل و الاجهزه الكهربائية وما شابه.
البائع: نعم هناك تعميم بهذا الخصوص , ولكننا لا نحرص على تطبيقه..!
أنا: ولم لا تحرص على تطبيقه..؟
البائع: يا أخي.. لو كل زبون أراد بيع جهاز مستعمل علينا , طلبنا منه إحضار صوره من إثبات الشخصية , لن يكون هناك بيع أو شراء.. وسنخسر الكثير..!
أنا: طيب.. ألا تقوم الشرطة بجولات تفتيشيه تتأكد من خلالها بتطبيقكم هذا التعميم.
وهنا قال لي جملته الذي صُـدمـت عندما سمعتها.. قال لي بالحرف الواحد ((يا عمي أي شرطه أي بطيخ , شرطة رفحاء تبي واحد يصحيها من نومها , هما عارفين شي عشان يتذكرون تعميم طلع منهم قبل كم سنه..!))
أغضبتني جداً جملته , وكأنه أراد بها إهانتي , بطريقه غير مباشره , أو أراد أن يوصل لي رساله مفادها أنه مسنود من الشرطة نفسها ولا يخاف من شخص أعياه بكثرة أسألته.
قلت له: هذا ديدنكم أيها اليمنيه , أينما وجدتم وجد الفساد معكم , خنتم بلداً أحتضنكم و احتواكم , حتى إذا امتلأت بطونكم , لا تكفون بل تقولون هل من مزيد , حرضتم شبابنا على السرقة فقط من أجل المال , و لأجل المال بعتم ضمائركم للشياطين ,لم تكن رفحاء بهذا الفساد حتى ظهرتم فيها , أنت هنا داعية للسرقة , وأبناء عمومتك في سوق العلاوي دعاة فساد , كل شهر إن لم يكن كل أسبوع نسمع أن واحد من شاكلتك تحرش بإمرأه داخل محله.
إنتهى حديثي مع هذا المرتزق اليمني وخرجت من محله , و الحرقه تأكل قلبي من إعتراف هذا اليماني بأنه أحد الذين يسعون في نشر الفساد في مدينتي.
أنا بالطبع لا أقصد كل اليمنيه في رفحاء دعاة فساد , ولكن كثرة ما نسمع عنهم من تجاوزاتهم القانونيه والاخلاقيه وهذا الموقف الذي أعترف به هذا اليماني بأنه يشتري من اللصوص الاجهزه المسروقة وهي بالتالي دعوةٌ منه للتحريض الصغار وضعاف النفوس على السرقة , جعلتني أؤمن بأنهم يتلاعبون بأمننا.
ولكن مالذي جعل هذا البائع أن يتجرأ على الاعتراف أمامي بشرائه الاجهزه المسروقه..؟ سوى تقصير الشرطه في عملها , وإنعدام الجولات التفتيشيه على هذه المحلات..
كنت أطمع أن أجد لأسئلتي أجوبه ..ولكن للأسف قد زادت في راسي الاسئله..!
في النهاية , أود من جميع الأعضاء الشباب والبنات على حد السواء , أن يكتب موقف غير أخلاقي حدث معه من أحد البائعين , كي يعرف من أعمته طيبة قلبه من خطرهم على المجتمع.

((يا عمي أي شرطه أي بطيخ))
جمله لن أنساها ما حييت.

هذا ولكم مني كل الود

كتبها لكم : طيور مهاجره


[/overline]