أنا والرقم المجاني

قبل فترة كنت اكرر الاتصال على احد الأرقام المجانية والتي عنون بجانبها كلمة خدمة (24ساعة) , كنت اتصل مرارا وتكرارا لكن دون جدوى إما أن يكون مشغولاً أو أن يرد عليّ التسجيل الصوتي الذي يطيل الكلام حتى يضيق بي ما اتسع فأقفل السماعة , كان الوقت منتصف الليل وكنت بحاجة لان يرد عليّ احدهم ويعطيني ما أريد , بعد طول انتظار ومع شدة التعب غفوت فأخذت أغط في منام عميق , وأنا كذلك إذ رأيت في المنام أني تهت في أحد الصحاري لا أعرف للعودة طريقا ووقود السيارة قد شارف على نهايته , فلما ايست أن أجد طريقا للخروج , ما كان مني إلا أن أخذت الجوال وبدأت بتصفح الأرقام , طلبت احدها فمسك الخط ولم يجب , طلبت الآخر فكان مقفلا , طلبت الثالث فكنت أنا خارج التغطية , الليل قد اقترب وأرخى سدوله فضاق صدري كما ضاقت حيلتي , وأنا على هذه الحال اذ سمعت صوت انفجار فكان الإطار الخلفي قد آثر الرحيل قبل أن يرى نهاية حالتي – الحقيقة إني غبطته - , أردت تغييره لكن الإطار الإضافي معطوب , رحت أهيم على وجهي وأيقنت الهلاك لا محالة , وفي لحظة ألهمت بالاتصال بأحد الأرقام المجانية , ومع أني تساخفت الفكرة الا أني قمت بالاتصال , انتظرت حتى رد عليّ التسجيل الصوتي حتى إذا قال ( واذا اردت المساعدة اضغط على الرقم صفر ) تسابقت أصابعي لضغطه ثم أصخت أذني للنغمة منتظرا مجيبا لندائي فكانت اجمل مفاجئة , رد عليّ احدهم وقال كلمة كانت في محلها قال : هل استطيع مساعدتك ؟ حكيت له القصة وطلبت منه الاتصال بصديق واني في المكان الفلاني , حمدت الله كثيرا ...
أفقت على رنين جوالي ونظرت إلى ساعتي فإذا هي غفوة لم تتجاوز الخمس دقائق .. تذكرت المنام ودنوت من الهاتف وطرقت باب ذلك الرقم المجاني الذي خيبني قبل المنام وكنت متفائل بل متأكد من أن يرد هذه المرة , كان مشغولا في المرة الأولى فأخذت أتحسس الأعذار له , المرة الثانية رد التسجيل الصوتي فأكثرها عليّ فأغلقته ..
أخذت الهاتف بعد أن مللت وألقيته من شاهق المنزل حتى لم يبقى فيه قطعه إلا وقد انقسمت نصفين .. لما نزلت التفت إليه فخاطبني قائلا : ما ذنبي .. قلت له : الرقم المجاني .

دمتم بوافر الصفاء والود