الاضطرابات الجنسية تؤثر على جودة الحياة

د.كمال.أ.حنش
عقد في مدينة سدني في استراليا المؤتمر الأول حول الصحة الجنسية بتاريخ 27ربيع الثاني 1428ه الموافق 15الى 19نيسان 2007م حضره أكثر من 3آلاف خبير من جميع أنحاء العالم ومن عدة اختصاصات متعلقة بالجنس، وعرض خلاله عدة أطروحات ومحاضرات ومناقشات حول أحدث المستجدات حول هذا الموضوع المهم. وكان هذا اللقاء الطبي شيقاً وقيماً إذ تم خلاله مناقشة المواضيع الجنسية من جميع نواحيها الطبية والعائلية والاجتماعية والنفسية والمهنية والتربوية.. ولكم أبرز المقطفات التي دونتها خلال حضوري هذا المؤتمر الذي شمل حوالي 195محاضرة حول جميع تلك المواضيع الجنسية.
في محاضرة للدكتورة دينرستاين حول تأثير العمر على الطاقة الجنسية أظهرت خلالها نتيجة اختباراتها على 4517امرأة من الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا تراوحت أعمارهن بين 20و 70سنة وتم متابعتهن لمدة 13سنة، أن نتيجة تقدم السن يؤثر سلباً على الرغبة والإثارة الجنسية وبلوغ النشوة والآلام أثناء الجماع خصوصاً بعد تجاوز سن اليأس حيث إن جفاف المهبل وفشل الإثارة الجنسية كانا أبرز الأعراض فضلا عن أن الإصابة بأمراض عضوية أو عقلية ساهما أيضاً في الإضطرابات الجنسية الأنثوية. وكانت الأسباب الرئيسية لتلك الاضطرابات نقصاً في الهرمون الأنثوي وخللاً في العلاقات الزوجية.

وأما الدكتورة دايفس فقد عرضت نتائج أبحاثها حول تأثير هرمون الذكورة على الطاقة الجنسية الأنثوية وأبرزت أن للهرمون المذكر تأثيراً إيجابياً على إنتاج الهرمونات الأنثوية في المبيضات وأن معالجة العديد من النساء قبل وبعد تجاوزهن سنة اليأس بهذا الهرمون قد يساعد العديد منهن من استعادة رغبتهن واثارتهن الجنسية وبلوغ النشوة خصوصاً اذا لم يدمج مع الهرمون الأنثوي.





وأما الدكتور ماكلكنان فقد ركز في محاضرته على نقص هرمون الذكورة عند الرجال وأسبابه ومعالجته فعزا أسباب هذا النقص الى بعض التغييرات الكروموزومية التي قد تحصل مثلاً في تناذر كلينفلتر حيث تختلط الكروموزومات الذكرية والأنثوية وقد تسبب العقم مع غياب الحيوانات المنوية في السائل المنوي وغيرها من الأمراض والآفات التي تصيب الخصيتين او الغدة النخامية او العطاء. وشدد الدكتور ماكلكنان على أهمية العلاج الهرموني المذكر على استعادة الطاقة الجنسية وتنمية وتقوية العضلات والعظام وتحسين جودة الحياة وتذليل عوامل الخطورة للحد من الإصابة بالأمراض القلبية والوعائية والاستجابة لمفعول المنشطات الجنسية وزيادة الوزن في بعض الأمراض المزمنة المستعصية المسببة للهزال مثل نقص المناعة المكتسب AIDS ولكنه نبه من احتمال حصول مضاعفات لتلك المعالجة الهرمونية الذكرية التي تشمل انقطاع النفس أثناء النوم وزيادة الكريات الحمراء في الدم وتنشيط الخلايا السرطانية في البروستاتا والثدي ونقص في الكولسترول "الجيد" في الدم مما تستدعي المتابعة الدورية والقيام بالتحاليل اللازمة في تلك الحالات.

تجميلية أو رياضية

واما الدكتوران هانلسمان وبيتسس فتطرقا الى موضوع مهم حول إساءة استعمال هرمون الذكورة في بعض الحالات التي لا تستوجب استعماله وذلك لأغراض تجميلية أو رياضية أو نتيجة الإدمان عليه بدون التقيد بالإرشادات الطبية لما يحصل الآن في استراليا ومختلف الدول، مع احتمال حصول أعراض جانبية ومضاعفات خطيرة نتيجة هذا الاستعمال العشوائي. وشدد الدكتور بيتس على انتشار استعمال هذا الهرمون من قبل الرياضيين الذين يودون تقوية عضلاتهم وزيادة طاقتهم الجسدية، وأظهرت نتائج اختبار قام بها على 158رياضياً أن من أبرز الأسباب لاستعمال الهرمون الذكري تحسين المظهر الخارجي والطاقة الجسدية وذلك بدون التقيد بأية قواعد طبية أو حتى استشارة أي طبيب حيث ان بعض الرياضيين استطاعوا الحصول على هذا الهرمون في السوق السوداء او حتى من الصيدليات بدون أية وصفة طبية.

التغييرات الدماغية

أما الأخصائيون الدكتور جورجياديس والدكتور كوميزاردك والدكتورة ويبيل فقد عرضوا نتائج اختباراتهم حول التغييرات الدماغية أثناء الإثارة الجنسية وبلوغ النشوة كما ظهرت على الرنين المغناطيسي وPET وحددوا المناطق الناشطة في الجزء الأمامي للمخيخ عند بلوغ النشوة والمخيخ والدماغ المتوسط والمنطقة المذنبة في الدماغ أثناء الإثارة الجنسية مع كبح نشاط الجزء الأمامي الحجاجي للدماغ. وأما عند النساء فإن تنشيط النخاع المستطيل او الدجلة أثناء الإثارة الجنسية المهبلية يتم عبر العصب المبهم الذي يساعد على بلوغ النشوة حيث إنه يزيد نشاط عدة مراكز دماغية أبرزها الوطاء واللوزة والمخيخ والفصوص الأمامية وغيرها.






التغييرات الدماغية

وأما الدكتور بوفا فقد عرض اختباراته حول ترابط العجز الجنسي والأمراض القلبية والوعائية حيث أظهر أن حدوث العجز الجنسي قد يسبق الإصابة بالأمراض القلبية والفالج لدى حوالي 57% من المرضى ويمكن استعماله للتنبؤ حول حدوث تلك الأمراض وأن غياب العجز الجنسي قد يدل على عدم الإصابة بتلك الأمراض بنسبة حوالي 98% اذا ما كان فحص شرايين العضو التناسلي بالدوبلير طبيعياً. ولكن كما أكد الدكتور بوفا هنالك عدة دراسات لم تظهر ترابط العجز الجنسي مع الأمراض القلبية والوعائية الا عند المدخنين او الرجال المعرضين لأسباب طبية اخرى للإصابة به. فإن تلك النتائج المتناقضة تؤكد ضرورة القيام بالاختبارات الإضافية لإثبات تلك النتائج الإيجابية والسلبية.


فعالية المنشطات

وأما الدكتور شرلبب من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو فقد طرح سؤالاً مهماً حول فعالية المنشطات الجنسية ودورها في استعادة الطاقة الجنسية وترميم العلاقات الزوجية وأبرز أن تلك العقاقير التي تشمل الفياغرا والسياليس وليفيترا تنجح في حوالي 70% من حالات العجز الجنسي على استعادة الطاقة للحصول على انتصاب صلب والمحافظة عليه لمدة كافية للإستمتاع بالمجانسة اذا ما قوبلت بالحبوب الكاذبة حسب نتائج 26دراسة عالمية، كما انها توطد العلاقات الزوجية وتزيد معدل الرضا عن المجامعة مع العلم ان تلك المنشطات قد تفشل في حوالي 30% من تلك الحالات.

سرعة القذف

واما بالنسبة الى سرعة القذف فقد كرست لها دورة خاصة أثناء هذا المؤتمر واستهل المناقشة الدكتور والدنغار من هولندا فاقترح تصنيفاً جديداً لها يحدد نوع المعالجة لكل فئة منها. فالفئة الأولى تشمل القذف المبكر او سرعة القذف مدى الحياة والفئة الثانية تستوعب الرجال المصابين بسرعة القذف المتغيرة والتي تحصل في بعض المناسبات فقط والفئة الثالثة تمثل تغييراً طبيعياً لعملية القذف، كما ان الفئة الرابعة تشمل الحالات المماثلة لسرعة القذف والتي لا تعتبر طبياً معبرة عن قذف مبكر حقيقي كما يحصل عادة عند بعض الرجال الذين يقذفون في غضون 5الى 10دقائق بعد الولوج والذين يعتبرون ذلك كسرعة قذف. واعتبر الدكتور والدنغار ان المعالجة يجب ان تعتمد على الفئة المشخصة مع اتباع علاج دوائي في حالات القذف المبكر الموجود مدى الحياة بينما ان الحالات الأخرى قد تستفيد من المعالجة النفسية والتثقيفية. وتطرق الدكتور ألتهوف من مدينة كليفند في الولايات المتحدة لأهمية المعالجة النفسية لتلك الحالات حيث انه شدد على أن بالرغم من نجاح العلاج الدوائي ببعض مضادات الإكتئاب والترامادول والهلامة SSCream ومرهم إملا، إلا أن تلك المعالجة غير كافية لتذليل الأعراض النفسية وغيرها من العوامل المثبطة للقذف الطبيعي، واقترح معالجة تلك الحالات بالوسائل النفسية لمساعدة الرجل على التحكم بعملية القذف وتخفيض معدل قلقه وتحسين العلاقات الزوجية وازالة المشاكل الشخصية وتبديد الأفكار والعواطف المؤثرة سلبياً على عملية القذف وتشجيع التواصل بين الشريكين وتعزيز الألفة بينهما وارشادهما حول أفضل وسائل الإثارة الجنسية الصحيحة ووضع حد لنكس تلك الحالة المزعجة. ويعتبر الدكتور التهوف ان المعالجة المثالية تشمل العلاج الدوائي والنفسي معاً للحصول على أفضل النتائج. واما الدكتور مكماهون من استراليا فقد عرض في اطروحته آخر المستجدات حول العلاج الدوائي لتلك الحالات الذي يشمل بعض مضادات الإكتئاب فأبرز حسناته ونتائجه الجيدة خصوصاً اذا ما تناول الرجل تلك العقاقير على فترة طويلة. وأظهر بناءً على خبرته الشخصية والاختبارات الطبية العالمية ان أفضل عقار هو الباروكستين Paroxetine الذي يزيد مدة المحافظة على الإنتصاب داخل المهبل قبل حصول القذف حوالي 9أضعاف وذلك بعد استعماله لمدة 5الى 10أيام مع أعراض جانبية طفيفة أبرزها التعب الجسدي والتثاؤب والغثيان الخفيف وزيادة التعرق والبراز اللين التي قد تظهر في الاسبوع الأول من العلاج وتزول في غضون اسبوع او اسبوعين بعده. ولمح الدكتور مكماهون الى العقار الجديد الدابوكستين Dapoxetine الذي كنا قد ناقشناه سابقاً في عيادة الرياض وامتدح فعاليته وسلامته وحدد مفعوله في إطالة مدة الانتصاب بعد الولوج وقبل القذف ضعفين الى 3أضعاف اذا ما قوبل بالحبوب الكاذبة.