[align=center]
مرض التخيل السلبي



تركي بن عبد الله السديري


ملاحظة واضحة وصارخة.. أولئك المتزمتون المكفرون غيرهم يخيل لهم أنهم يختصرون التاريخ يلغون أربعة عشر قرناً من التاريخ الإسلامي ويتخيلون أنهم يعيشون الثلث الأول من القرن الأول..
لاحظ كيف يلبس أسامة بن لادن؟ وهو الذي عرف أمريكا ولندن وباريس بملابس أنيقة ولغات أجنبية وعطور مترفة هو أفغاني التصميم حالياً وبذقنه وعمامته يعود إلى ذلك الثلث الزمني الأول..

الظواهري.. دكتور.. جامعي.. هرب من الحياة الحديثة بمظهر وجهه وملابسه ليعيش نفس التخيل..

راقب أسماء التابعين لهم في الشغب الذي احتواه هوس الجهاد.. لم يعودوا يحملون تلك الأسماء التي اختارها لهم الأب والأم لكنهم عادوا إلى نفس ذلك الزمن.. فبينهم يوجد "أبو مصعب" و"أبو حفصة" و"أبو ذر" و"أبو قتادة" وغير ذلك من أسماء نادرة في هذا العصر لكنهم يريدون التوهم بالتواجد تاريخياً في الثلاثين سنة الأولى من تاريخ الإسلام وإذا حدث هناك تمديد إلى عصر "السلف" من رواة الحديث والفقهاء وغيرهم فلا بأس.. لكن من غير المقبول التمديد إلى ما بعد ذلك لأنه كفر وإلحاد..

هذا التلبس من الصعب أن يعالج بالعقوبة فقد تعرض على مدى التاريخ لعقوبات ليست بالسهلة، ومع ذلك ظل بعد عصر الخوارج يمثل توارثاً عدوانياً ضد كل جديد في الحياة وتلاصقاً غريباً بكل نقمة على أي حاضر.. لن يعالج إلا بالعودة إلى مناقشة وجاهة المنافذ التي يصلون بواسطتها إلى قناعات الشباب الحديث التكوين فكرياً وثقافياً بل هو في الحقيقة لا يملك أي موانع ثقافة.. يكتفي بالانتماء إلى السلف وكفى.. ثم من هو هذا السلف؟.. كل الأجيال التي تعاقبت على مر التاريخ تعاملت مع مستجدات حاضرها بما هو مطلوب من إعمال للفكر واجتهاد في الحصول على مواءمة ما هو قابل لكل ما هو مستجد..

السلف في كل العصور لم يكبلوا التاريخ.. ويلغوا الجديد الحضاري للإنسان ثم التوقف عند عصور شحيحة الإمكانيات والابتكارات وجديد العلوم لإعلان الحرب ضد كل من يخالف ذلك..

وعلينا أن نتنبه إلى أن الجديد الحضاري لم يتلاحق متسارعاً في النمو والتكاثر مثلما حدث في الثمانين سنة الماضية والذي حدث علمياً أكثر مما تضمنته قائمة الإنجاز العلمي منذ عشرة آلاف عام وأكثر..

هل العجز في تصور الرؤية العلمية والفشل في مجاراتها هو الذي أوجد ذلك الانتكاس إلى الخلف وتكفير كل من لا يريد العودة معهم إلى الوراء.. ربما..؟

http://www.alriyadh.com/2007/09/29/section.leqa.html
[/align]