بسم الله الرحمن الرحيم

أحبتي أعضاء وزوار المنتدى

سلام الله عليكم ورحمته وبركاته

تحية طيبة وبعد :

عندما تصاب العقول بالتخمة ؟؟


لست أدري ما حل بي ، ففي يوم من الأيام وكالعادة اتجهت لجهاز الكمبيوتر ، لأكتب وأبحث وأتصفح ، لكن الجهاز لم يعمل ، قلبته ذات اليمين وذات الشمال ، ركلته بيدي ورجلي ، حتى هممت أن أسكب عليه ماء باردا عله يصحو فلربما أنه في سبات عميق !! لا فائدة لا حراك ، دهشت فهي أول مرة تحدث معي قصة من هذا القبيل ، فقد كان الجهاز بالنسبة لي نعم الصاحب والخليل ، حريص عليه كل الحرص من كل ما قد يعكر صفوه ، لكن قدر الله سابق لكل شيء ، ولن ينجي حذر من قدر ، وليست هنا تكمن المشكلة ؟؟ رحت أسبح في محيطات من الخيال ، أين المقالات التي كتبت ؟ أين المواضيع التي أحببت ؟ أين الملفات ؟ أين المحفوظات ؟ أين المستندات ؟ ضاع كل تعبي سدى ، ما لسبيل ما لنجاة !! لم أفق من سكرتي إلا وأنا واقف عند محل التصليح ، فهرعت إليه في الحال ( صديق هذا كمبيوتر خراب ، وشو مشكل ما في معلوم ، شوف أنته ممكن زبط .. صديق هذا جهاز نظام خربان لازم فورمات بس كل شي ما في حفظ ( بالدي ) ما يرجع .. صديق تمزح .. صديق أنا كلام صدق ) هذا الحوار الذي حصل مختصرا مع عامل المحل ، عندها سقط في يدي ، بيد أني تشجعت ، وقلت في نفسي : لا مشكله ( فهاردسك ) عقلي وفكري معي سأطلب الملفات وستحضر مباشرة كأنها تسابق الريح ، رحت أتذكر ما كتبت ، وما علقت ، وما جمعت ، فلم أحصل إلا على نزر يسير لا يكاد يذكر ، بل لم أحصل على شيء البتة ، يا لله إيش القصة !! كأنها فص ملح وذاب ، لا أخفيكم فقد تخيلت نفسي كاليتيم يريد عطفا وحنية ، أو كالعاري يطلب لباسا يستر به جسده ، أو كالمجنون لا يدرك أو يعقل تصرفاته ، وبعد أن وجدت الحنان واللباس وفقت من سورة الغضب ، تذكرت قصة رجل من الأقدمين حين احترقت كتبه ، فلما رآها وهي تحترق قال لمن حوله وهو يتبسم : كل ما كان في هذا القرطاس الذي احترق هو موجود هنا وأشار إلى رأسه ، وسأعيد كتابته من جديد ، للأسف نحن لسنا مثلهم لا في الكمية ولا من حيث المضمون ، ومع ذلك لا نتذكر شيء ، أوردت هذا الموضوع مدبجا بتلكم القصة ، كي نحس بالفارق الذي بيننا وبينهم ، ولهذا أسباب لعل من أهمها : هذا الترف المعلوماتي الذي نعيشه ، فتعطل العقل بسبب ذلك فصرنا لا نعمله في حياتنا ، فالجوال يحفظ الأرقام ، والحاسبة تظهر الناتج ، والكمبيوتر يخزن ما كتب ، حتى في الأمور العلمية والبحث والاطلاع ، انتهت مادة الكتاب والمكتبة ، وهي وإن كانت نقطة إيجابية وقضية لا بد من استغلالها ، إلا أن الاعتماد عليها بالشكل المفرط له عواقب ، تظهر آثارها في المستقبل ، ومهما كان فالعقل هو المدبر وهو المخترع وهو الآلة باختصار هو الذي يبقى في النهاية ، وكما أن الترف حين يكون في المأكل والمشرب سبب رئيس في التخمة والأمراض فهو يكون أيضا تخمة في العقول والأفهام بسبب ( التكلنوجيا ) ووسائل العصر الحديثة حين لا نضبط استعمالها ، وقديما قالوا : العقل كالعضلة كلما مرنته ودربته نما وقوي ، بل إن إعمال الفكر أو إهماله سبب في تنشيط خلايا المخ أو إماتتها ، فلنتدارك الوضع ..