كلمة إلى شباب الأمة
{إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}





حول قضية العراق:
بغداد ، تلك المدينة على ضفاف نهر دجلة ، التي تسعى جحافل العدوان اليوم لمحاصرتها وإسقاطها، تلك المدينة كانت عاصمة دولة الإسلام بل وعاصمة العالم لمئات السنين. ومن هذه المدينة قاد المسلمون العالم.
بغداد عاصمة الثقافة والعلوم. بغداد مدينة عاش المسيحيون واليهود في كنفها آمنين مستقرين مكفولة لهم حرية العبادة مئات السنين.
بغداد، تلك المدينة العريقة العربية المسلمة الصامدة، حاصرها تتار الأمس، وانتهكوا حرمتها، وأسالوا دماء نسائها وأطفالها، ويحاصرها تتار اليوم هؤلاء الحمقى أو قُلْ الكذبة، الذين يدَّعون أنهم ما جاؤوا إلا لينقذوا شعباً من حصارٍ طالَ لما يزيد عن عشر سنوات، يفعلون ذلك بسفك الدماء ، وهدم البيوت، وقتل الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا اجعل لنا من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصيراً.
فهل تعلم أيها الشاب أن حرمةَ دم المسلم أعظم عند الله من حرمة الكعبة المشرفة. وإنا نخاف أن يحاسبنا الله اليوم حساباً شديداً أعظم من الحساب على ذنوبنا ومعاصينا {وتحسبونه هيّناً وهو عند الله عظيم} هل تعلم أننا سنسأل بين يدي الله ماذا قدمتم لإسلامكم؟ ماذا قدمتم لأمتكم؟
لكننا قبل أن نحدد ماذا نقدم لإخواننا في العراق، لابدّ أن تعرفوا يا شباب أن ما نعانيه اليوم ليس فقط محنة الحرب الحالية على العراق، ولكنها محنة المائة عام الماضية. قرن من الزمان تعاني فيه الأمة من أمراضٍ شتى، لعل من أهمها:
1. البعد عن الله وترك منهاج السماء.
2. التخلف العلمي والتكنولوجي.
3. الانهيار الأخلاقي والقيمي.
4. التبعية غير المبصرة في كل نواحي الحياة.
5. الفرقة وتغليب النـزعة الفردية على مصالح الوطن والأمة.
6. الفهم الخاطئ للإسلام. وكان من نتائج ذلك أن أصبحت الأمة مُغيَّبَة لا تعي أهدافها ولا مصالحها ولا هويتها، مما شجع أعداءها أن يستهزئوا بها، ويصوروا لها باطلهم حقاً، وأطماعهم عدلاً، وأصبحت الشعوب الإسلامية تعاني من الإحباط واليأس إضافة إلى التخبط والحيرة والعجز.
فظهرت أعراض المرض الاجتماعي في جسد الأمة كما تظهر أعراض المرض الجسدي على المريض. ولعل هذه الأمراض الاجتماعية أشد خطورة من الأمراض العضوية لأنها تصيب عقول الناس فتعطلها وعواطفها فتبلدها.
فتعالت صيحات المخلصين من أبناء الأمة وشبابها تسأل في حيرة: هل من مخرج؟ هل للظلمة من نهاية؟ هل للتيه من هداية؟ هل لهذا الواقع من تغيير؟ نريد تغيير واقعنا الأليم.
لكنه لن يحدث تغيير لواقع الأمة إلا بتنفيذ قانون السلوك الاجتماعي الإلهي، وهذا القانون هو:
{إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم}.
إن هذا القانون ليس شعاراً أجوفاً، إنما هو الطريق الوحيد للخروج من محنة الأمة.
ولن يحدث تغيير في واقعنا إلا إذا سبق ذلك تغيير في أنفسنا. إن الظلم الخارجي والعدوان الواقع على المسلمين لن يُزال إلاّ بتغيير المسلمين ما بأنفسهم {إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم} ولعلك تسأل فما هو التغيير المطلوب أن يحدث في النفوس؟
ينبغي أن يحدث عشرة أشياء:
1. ينبغي أن تحلَّ التوبة مكان المعصية.
2. ينبغي أن تحلَّ الطاعة مكان الغفلة.
3. ينبغي أن تحلَّ الجدية والرجولة والهمة العالية مكان الميوعة والكسل والفتور.
4. ينبغي أن يحلَّ الاهتمام بالتفوق العلمي والابداع مكان جمود الفكر والعقل.
5. ينبغي أن تحلَّ الإيجابية مكان السلبية.
6. ينبغي أن يحلَّ الانتماء للأمة مكان التبعية الغربية.
7. ينبغي أن يحلَّ العمل النافع المجدي مكان الفراغ وإضاعة الوقت في توافه الأمور.
8. ينبغي أن يحلَّ الفهم الشامل للإسلام محل الفهم المنقوص أو المغلوط.
9. ينبغي أن يحلَّ إيثار المجتمع والأمة على الفردية والأنانية.
10. ينبغي أن يحلَّ الأمل مكان اليأس.
هذه ليست كلمات منمقة تحرك المشاعر بل هي مفردات قانون التغيير {إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم}.
في كل يوم أنتم تسألون: ماذا نفعل؟ هذه هي الإجابة: غيِّروا هذه الأمور العشر وانتظروا نصر الله. عندها سيغير الله لكم مجرى التاريخ، فلقد قام الإسلام في جيله الأول على يد شباب في مثل أعماركم.
وأرى أن هذه الأمور العشر هي الواجب الأساسي لكم يا شباب الأمة، وأنتم أكثر أفراد المجتمع قدرة على تغييرها في أنفسكم ثم في مجتمعاتكم. فأنتم تملكون الحماسة والقوة والهمة، وكم من همة أحيت أمة.
ولو تغيرت هذه الأمور العشر في نفوسكم وغلبت بين أفراد المجتمع، فاعلموا أن الواقع سيتغير لا محالة، لأنكم يومها ستكونون قد امتلكتم قانون التغيير: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.
نصر الله قريب
يقول الله تعالى :{وَعَدَ اللهُ الذين آمنوا مِنكم وعملوا الصالحات ليَسْتَخلِفَنَّهُم في الأرض. . .} و{كتب الله لأغْلِبنَّ أنا ورسُلي..} و{يريدونَ ليُطْفِؤوا نورَ الله بأفواههم والله متمُّ نورهِ ولو كره الكافرون} و{إنا لَنَنْصُر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد} . ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر. فيقول الحجر والشجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي ورائي فتعال فاقتله" ويقول: "إن الله زوى لي الأرض فوجدت أن ملك أمّتي سيبلغ ما زوى الله لي من الأرض"
أرأيتم كل هذه الوعود الربانية والمبشرات النبوية: أليست الأرض لله يورثها من يشاء من عباده؟ ألم ينصر الله المؤمنين في كل وقت عندما كانوا مؤمنين حقاً؛ إن وَعْدَ الله لا يتغيَّر ولا يتبدَّل {إن الله لا يُخْلِفُ الميعاد}.
إن ميدانكم الأول أنفسكم، فأنتم إذا انتصرتم عليها تكفَّل اللهُ بنصركم ونصر الأمة على أيديكم.
ولا يتسرّبَنَّ إليكم أبداً إحباط أو يأس بأن الطريق مستحيلة {ويسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريباً}.
وتذكّروا دائماً أن قضية أمّتنا الكبرى ستظل دائماً هي قضية فلسطين إلى أن نحررها.
ماذا نصنع من أجل إخواننا في العراق؟
1. التضرع إلى الله والإلحاح في الدعاء أن يحفظ إخواننا في العراق وفلسطين.
2. نشر وبثّ الوعي بقضايا الأمة من خلال كافة الوسائل المتاحة وخاصة شبكة الإنترنت والـ E-mail والـ Messages ... بحيث يتحول كل شاب إلى جهاز إعلام متحرك.
3. مقاطعة المنتجات الأميركية والبريطانية الكمالية بشكل قاطع.
4. الإغاثة المادية بكل أشكالها عند الحاجة إليها ومن خلال القنوات الشرعية.
5. مراسلة الصحف والجرائد وكبار الصحفيين بشكل مستمر لإحياء القضية.
6. مراسلة سفارات الدول المعتدية للاحتجاج المنطقي الذي يتناسب مع رقي الإسلام، أو من خلال هذا الموقع: www.embassyworld.com.
7. مقاطعة أي عمل إعلامي يدعو الأمة إلى الانحلال أو المجون أو الغفلة عن قضاياها.
8. الاتصال بأي رقم عشوائي بإخواننا في العراق لمواساتهم وإن لم نكن نعرفهم وذلك عبر الاتصال الرقم 00964 ثم ضع رمز بغداد 1 ثم ضع أحد الأرقام التالية 55 أو 51 أو 77 أو71 ومن ثم ضع أي خمسة أرقام (؟ ؟ ؟ ؟ ؟00964177)
وأخيراً فهذه التوصيات لا تغني أبداً عن الحل الكامل لمشكلة الأمة العربية والإسلامية، والتي حلها بين أيديكم يا شباب:

{إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيِِّروا ما بأنفسهم}
أرسلها لكل من تعرفه !


عمرو خالد