الموظف السعودي بين الأدلجة والإبداع


بدر فداع الشريم



لم يكن دافع الكتابة عن هذا الموضوع هو تسجيل الحضور على صفحات الصحيفة التي تحمل في مالا يسطيع المتابع إدراكه من مواضيع متنوعة. بل كان لهاجس في النفس وهمّ أحمله منذ أمد. فالقواسم المشتركة بيننا نحن السعوديين، هي المؤثرات الاجتماعية (المنزل، المدرسة، الشارع، وسائل الإعلام) التي نتلقاها بمستقبلاتنا الحسيّة، فينتج عنها فكر متشابه (أدلجة) وثقافة متماثلة إلى حدٍّ كبير في السواد الأعظم من أبناء المجتمع، ويبقى التميّز هو خاصّية آحاد الناس الذين سعوا إما بجهدهم الشخصي أو بحسب الفرص التي اتيحت لهم دون سواهم ليتمرّدوا على الأيديولوجيا السائدة بتطوير ذواتهم من خلال تنمية مهاراتهم الإبداعية في مختلف المجالات العملية والاجتماعية، لذا أضحوا متميّزين بعد صبحهم التقليدي المؤدلج.

فانعكس هذا التغيير الإيجابي على حياتهم وعلى البيئة المحيطة بهم فأمسوا مصادر تنوير وتطوير وإبداع ينتهي بخلاصة أنهم أعضاء إيجابيون فاعلون في المجتمع.. والهم الذي يحمله كل غيور وكل من يشعر بالانتماء لهذا المجتمع، هو كيفية توسّيع دائرة التطوير والإبداع لتشمل أكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع حتى يكون الانعكاس الإيجابي على المجتمع بكامله.

والأمر من وجهة نظري ليس صعباً، بل سهلٌ بسهولة تغيّر أسلوب قائد السيارة حينما يقود سيارته في مدينة الجبيل، أو يقود السيارة في أي مدينة أوروبية أو أمريكية فترى العجب في مثالية قيادته للسيارة هناك بحجم العجب الذي تراه فيها وهو يقود سيارته في الرياض! وبما أن الأمر ليس صعباً، والغاية عظيمة، تبقى الوسيلة وهي محور ما تبقّى من الحديث، وهنا نتحدّث عن وسائل تطوير الذات المختلفة. فالمواد العلمية والمراكز التدريبية لتطوير الذات موجودة بوفرة في المجتمع وتقدّم دورات في مختلف الميادين ابتداءً بالبرامج السلوكية الشخصية والاجتماعية، مروراً ببرامج الإدارة والقيادة والعلاقات وانتهاءً بالبرامج التجارية، ولكن لا يزال الاهتمام إما محصوراً بالمؤسسات التجارية أو اهتماماً فردياً شخصياً ولا تزال إدارات تنمية الموارد البشرية في أجهزة الدولة الحكومية قاصرة عن الدخول إلى هذا الميدان الحيوي الجديد، خلا بعض الاجتهادات الفردية التي يقوم بها لا أقول بعض؛ لأن البعض كثير بل (آحاد) منسوبي تلك الإدارات بشكل شخصي كما أسلفت. وهذا سببه البيروقراطية التي تعشعش في أروقة العمل الحكومي الرتيب. ومن المفارقات أنك تجد مدير إدارة تنمية الموارد البشرية في بعض الوزارات أو الإدارات قد أمضى عقداً من الزمن وهو في مكانة، قد قدّم كل ما عنده مما تعلمه في سالف العصر والزمان، رافضاً لكل جديد أو تجديد ولسان حاله (إنا وجدنا آباءنا على أمّة وإنا على آثارهم مقتدون)! وحتى لا نكون متحاملين وممعنين في جلد الذات، نشير إلى أنه حتى لو وجد من يسعى إلى التطوير والتغيير، فإن البيروقراطية تحول بينه وبين ما يصبو إليه، لأن أي تغيير يعني مخصصات مالية، وبالتالي مرفوض سلفاً، لأن الميزانية موزّعة على بنود مالية لا تتغير وكأنها أركان الدين، ولو أمعنت النظر في تلك البنود لوجدت مالا يحصى من المبررات التي يمكن من خلالها الصرف على برامج التطوير من مخصصات تلك البنود.

ومن جهة أخرى فإننا نأسف حقيقة لأن مراكز التدريب والتطوير والإبداع في الوطن العربي بشكل عام، قد جدولت رسوم دوراتها بأسعار مرتفعة جداً، وهي بذلك تحول بين هذا العلم الحديث وبين وصوله إلى الموظف العادي الذي يرغب بتطوير ذاته على نفقته الخاصة. فالكثير من الموظفين الحكوميين يرغبون بالالتحاق بهذه الدورات وتطوير أنفسهم والإبداع في مجالاتهم العملية، ولكن نظراً لتعذّر إرسالهم على نفقة العمل ونظراً لارتفاع تكاليف الالتحاق بتلك الدورات، فقد اكتفوا بالتمنّي !! ليستمر بذلك العمل البيروقراطي الرتيب والبطالة المقنّعة، وبالتالي تعطّل بعض المصالح وفوات الكثير من التطوير الذي كان من المفترض أن ينعكس على المجتمع بشكل عام. فهذا هو موظف اليوم هو مدير الغد، ولكنه بعقلية موظف الأمس إن لم يحرص على تطوير ذاته بذاته.





alshraim@msn.com


الرابط




لنفكر معاً في المناطق الحدودية


- طالب فداع الشريم - 22/11/1428هـ
إن الواقع الذي نعيشه اليوم هو نتاج أفكار مبدئية، وما أكثر الأفكار التي هي حبر لا يبرح الورق، إذاً الصعوبة أحياناً ليست في ندرة الأفكار، بل الصعوبة في عدم الجرأة على اتخاذ القرار الذي أصله فكرة نحو الإحلال والتجديد فأصبحنا نعيش بقرارات متوارثة اتخذت في زمن وقد لا تتناسب مع غيره من الأزمان.
نعود لمحتوى عنوان الموضوع، فالمناطق الحدودية أو النائية لمملكتنا تحتاج من الأفكار الجديدة التي تتبعها إلى أفكار جريئة الكثير، ولسنا هنا بصدد تعداد ما تحتاج إليه، فالحاجات لديهم تظل أمنيات إلى أن يشاء الله .
وتبقى مناطق الحدود الشمالية من حفر الباطن شرقاً إلى القريات غرباً عبر ذلك الخط الدولي بمسافة تتجاوز 1200 كيلو مترا أقل حظاً من المشاريع التنموية، وإن استبشرنا خيراً بمقدم الوالد القائد خادم الحرمين الشريفين إليها وإقرار عدد منها .
ولكن تبقى المعانات الكبيرة التي تتكرر وعلى مدار الساعة لأهالي هذه المنطقة هي الحالات المرضية، فكم من أسرة وقفت مكتوفة الأيدي تنتظر (الفزعة) والشفاعة لهم عند اللجان التي بيدها قبول مريضهم في تلك المدن الطبية الكبيرة، وبعد أن يحققوا النجاح وينتزعوا الموافقة بتوفير سرير، تبدأ المرحلة الثانية من الكفاح والفزعات للحصول على موافقة طيران الإخلاء الطبي لنقل المريض.
طيب إلى متى يظل حال أهالي هذه المنطقة بهذه الحال، إلى متى والخدمات الطبية المقدمة فيها أقل من المستوى المعقول؟
ما الذي يمنع لو تم اختيار عدد من الطلبة المتميزين علميا من محافظاتنا الشمالية من قبل وزارة الصحة وابتعاثهم لأفضل الجامعات داخلياً وخارجياً وتبنيهم حتى يتخرجوا علماء في مجال الطب، ومن ثم إعادتهم إلى محافظاتهم؟ بعد تأمين المرافق الصحية المتقدمة فيها، على مستوى تعدادها السكاني، وبذلك تكون تلك المناطق قد خدمت أنفسها بأبنائها، واكتفت ذاتياً من الكوادر الطبية الجيدة.
هي فكرة مبدئية مبسطة تحتاج إلى الدراسة والتقصي، وتحتاج أيضا إلى قرار يجعل حبر الورق ينطق.

taleb1423@hotmail.com


الرابط