اخي الطيّب رفحاوي ..مودّة صافية
اشكرك على وقوفك لمطالعة المادة وتعقيبك عليها
.. لا فرق بين مصطلحي ( حديث و حداثي ) فكلاهما من ذات الجذر اللغوي ( حدث ) وهو اوّل النشأة , كما في قولنا ( كتب المتنبي قصائد جمة وهو ما زال بعد حدثا ) اي صغير السنّ .

والحديث يختلف عن الجديد , لأنّ الجديد لا يمكث في جدّته , فأن كان جديدا اليوم فهو ليس كذلك في الغد , اما الحديث فهو الذي يمتلك شرط الحداثة ابدا , فيومه مثل غده ,

اما فيما يتعلّق بتأثير شعراء الغرب على شاعرينا , فأنت تعرف ان الثقافة امر تشترك فيه كل الحضارات وتأخذ من بعضها البعض , وكما لا يخفى على احد ان جزءا كبيرا من علوم ومعارف الغرب التي كانت وراء نهضته في العصور الوسطى انما جاءت بعد ان تمّ لهم التعرّف على الأرث الأسلامي والأستفادة منه على نحو عظيم .
الم يكن ابن الهيثم رائد البصريات والمساقط..
الم يكن الخوارزمي رائد الجبر والمقابلة ..
الم يكن ابن شاكر وابناءه والأيجي والبيروني رواد علم الفلك ..
الم يكن ابن ماجد ( اسد البحار ) اول من اكتشف رأس الرجاء الصالح ..
الم يكن العرب اول من حفظ تراث الأغريق القدامى في شروح ايقظت العقل الغربي من سباته الذي استمرّ قرونا طويلة ..
والقائمة تّتسع مع مؤلفات ابن سينا وابن ابي اصيبعة وابن حيان وسواهم من العلماء الأعلام والتي تركت تأثيرا طاغيا في الغرب ..

هذا هو الأمر مع البعد الثقافي في التراث الأنساني , وها نحن ايضا نستخدم الكمبيوتر ونركب السيارة ونستخدم شتى الأجهزة .. من الهاتف والتلفاز الى الثلاجة والسخان , وهي مكتسبات حضارية شأنها شأن اللقاحات المضادة للأمراض والأدوية التي من ترفع حيف الألم عن الأنسانية ..

فكل هذه الأشياء هي ارث مشترك لا يمكن لأحد ان ينسبه لنفسه لأنه جاء نتيجة للتراكم الحضاري والمعرفي لمختلف اقوام البسيطة ,,
وبالنسبة للسياب ونازك فأن القوالب التي كتبا عليها نصوصهما الشعرية , هي ذات القوالب الخليلية الموروثة منذ مايقرب من العشرين قرنا , هي عمر الشعر العربي منذ نشأته الأولى ,
واللغة التي استخدماها هي لغة عربية خالصة بأبنيتها المختلفة , من استعارات وتشبيهات ومحسنات لغوية وبلاغية ,
ولأبأس في معرفة مايكتب شعراء اللغات والثقافات الأخرى اذا كان من شأن هذا ان يرتفع بخيالهم وطريقة استخدامهم للغة الشعرية ,

مع خالص مودّتي

صلاح