آخر المشاركات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 10 من 10
  1. #1
    عضو جديد

    أبو شذا غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    26

    دمعة في منبر الجمعة

    تعد خطبة الجمعة وسيلة عالية التأثير في الناس متى ما أحسنت إعداداً وإلقاءً ، وذلك لعدة عوامل من أهمها فطرة الناس الدينية ؛ ومما يساعد على نجاح الخطبة كون الشارع الحكيم جعلها بهذه الصورة الحسنة من كونها مفروضة مرّةً في الأسبوع ، ودعوة الناس إلى السعي إليها والحضور بخشوع ووجوب الإنصات وتحريم الكلام أثنائها ، وحتى ارتفاع الخطيب ، كل ذلك عوامل للنجاح ، إلاّ أن فئة من الخطباء يأبون إلاّ أن يقدموا خطبهم بهذه الصورة الركيكة التي نراها ، مع أن أكثر فئات الناس تأتي إليها ..
    ولن أعرض لفئة الخطباء المتميزين المفوّهين – وهم قلّة قليلة – لأني أريد بحديثي هذا الخطباء الذين لم يحققوا الدرجة المطلوبة والتأثير المرجوّ من خطبة الجمعة ..
    لهؤلاء أقول لقد وضعتم أنفسكم في مكان كان من الأجدى وانتم لا تحسنونه أن تنزووا عنه لا أن تقتحموه بهذه الصورة المتهالكة التي أصبحنا نعانيها كل ما حضرنا خطبكم الركيكة في نظر المتبصّرين ، والجميلة في نظركم ..
    لقد أصبحت فئامٌ من الناس تنظر إلى هذه الخطب على أنها فرضٌ أسبوعيٌّ مجرّد ، وأضحى أفرادٌ كثُر يحسّون بأنَّ هذه الخطب – المجوّفة – أضحت لزاماً عليهم أن يستمعوها كل جمعة مرغمين ..
    يعتقد هؤلاء الخطباء – إن جاز لنا تسميتهم بالخطباء – أن الناس منصتون لهم وهم في وادٍ والناس في وادٍ آخر .. مشكلتهم أنهم يظنون أن لديهم لغةً سحريةً تجذب المستمعين وأن عندهم بلاغةً تتضاءل أمامها بلاغات الآخرين ، فإذا ما عجزوا اتكؤوا على جهد غيرهم بنقلٍ سقيم فينقل وهو لا يعي ما ينقل ، وإن أجهد نفسه بكتابة خطبة واحدة كانت المحصلة أنها جاءت ركيكةً ضعيفةً مملّة ..
    يعاني هؤلاء الخطباء من فشلٍ في الأسلوب ، وتكلّفٍ في العرض يُعجز أذهان أكثر السامعين ، والحكمة في معالجة القضايا عند هؤلاء غائبة وذلك ناشئٌ عن سطحيّة الفهم لديهم وضيق الأفق وقلّة الفقه ، يظنون أن الخطبة مجال للتبرئة أو الاتهام ويتغافلون – ربما من حيث لا يشعرون – عن الجانب التصحيحي والتوجيه الإرشادي ، ويخوضون في أمور يبسطونها على أنها من المسلّمات ثم يعمدون إلى تعميمها ، يحسّون أن النصوص هي نصوص مجرّدة فقط لا علاقة لها بالواقع ..
    هذه الفئة من الخطباء لا يحضّرون خطبهم بما يكفي وربما أطالوا على الحاضرين ، للانعكاسات النفسية في خطبهم نصيب ، بعيدين عن الواقع ، تجدهم متأرجحين بين نظرةٍ مفرطةٍ في التفاؤل ، أو مغرقةٍ في التشاؤم ، لا يعرفون منهج الوسط ، وربما أكالوا الاتهامات من على المنبر لأشخاص وفئات من غير ما تبصّر ، لا يجيدون فنّ عرض الخطبة ، أهملوا إعدادها ، وبالغوا في عرضها وربما خاضوا في مسائل خلافية ليس من الملائم بسطها ، يخرج عامة الناس وما فهموا شيئاً ولا استفادوا ، خطبهم متمارضة أو هي ميتة لا لون لها ولا طعم ولا رائحة سوى ذلك الإلقاء البارد الذي يجلب النوم للبعض ، أو الصراخ الذي يظنه حماسةً وقوة وهو ليس أكثر من ضجيج متخمُ بالمبالغة ومليء بغرائب القصص ومثخنٌ بالتهويل ..
    لغتهم الخطابية جافة ، وربما هي مكسّرة ، لا يقيمونها فضلاً عن عجزهم البلاغي ؛ أفكار خطبهم تفتقد للتركيز ، وعباراتهم مشتّتة ، وأساليبهم لا ترتقي للمستوى المأمول ، ونبرات صوتهم غير ملائمة لما يُلقى .
    إنَّ على خطيب الجمعة أن يحس بالمسؤولية الملقاة على عاتقه ، ويشعر بأهمية الخطبة من كونها مجالاً رحباً للبيان والتوجيه والتصحيح ، ولذلك على الخطيب أن يحضّر خطبته بعناية وأمانة ، ويحسن اختيار الموضوع ، ويعتني بمقدمة خطبته وينوّع فيها ويدخل عنصر التشويق أحياناً إليها ، أن يضمنها النصوص الشرعية الصحيحة والمناسبة ، وأن تكون الموضوعات المطروحة لها صلة بالمجتمع وعلاقة بالواقع الذي يعيشه الناس ، يلامس هموم ومشكلات المجتمع ، يفقه الواقع ، فيخطب عن ما يحتاجه الناس ويعايشونه ، مراعياً الأولويات ، لا يتشعّب ، يبتعد عن الطول غير المجدي الذي يجلب السآمة ويخرج بالمستمع عن التركيز فإن من مئنة فقه الرجل قصر خطبته ، ويبتعد عن الحدّة والغلظة في الخطاب ، عليه أن يكون قوي الحجّة ، مستغلاًّ الأحداث في إنضاج وعي الناس ، يأتي بالقصص المناسبة لموضوع الخطبة ويعمد إلى التنويع والسهولة والبلاغة في الأساليب والقوة المنضبطة والتغيير في العرض وطريقة الإلقاء وما يتصل به ، وينوّع من أساليبه وطبقة صوته ، لا يغلو ولا يميّع القضايا بل ينحى جانب الحكمة في العرض ، يهتم بمظهره ، دخوله وخروجه في وقتٍ مناسب ومنضبط قدر الإمكان ، عليه أن يراعي الحال ، وحتى الصلاة يؤديها بطمأنينة بعد أن يسوي الصفوف ، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوةٌ حسنة فقد كان ينتظر اجتماع الناس ويحمد الله وتحمرّ عيناه ويعلو صوته وينتقي جوامع الكلم ، ويخطب بما تقتضيه الحاجة .
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو شذا ; 03 May 2003 الساعة 05:49 PM
    (( ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ))

  2. #2
    عضو فعّـال

    فواز غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Jun 2002
    المشاركات
    294

    هجوم عنيف .. يا أبو شذا ..

    الأستاذ / أبو شذا ..

    شكراً لك على هذا المقال الرائع ..
    شكراً لك لعى هذه ( الدمعة التي سكبتها على منابرنا )

    أخي الكريم لقد تأخرت علينا كثيراً .. ونحن ننتظر كتاباتك ومقالاتك ( الرائعة ) على أحر من جمر ..

    أعود إلى ( دمعتك ) .. أقول لك : أخي العزيز .. لقد بدأت مقالك بهجوم كاسح على هذه الفئة - التي قصدتها في مقالك - .. وبما أني أتوقع أنه إذا قراء هجومك أحد هذه الفئة .. أقول أتوقع أنه سوف يغضب .. لذلك لن يكمل الموضوع .. ليحصل على الفائدة التي في أخرة .. وهي التوجية والنصح لهم ..

    بما أن هذا هو توقعي فاسمح لي بأن أنقل الجزء الاخير من مقالك .. في ردي هذا ...

    --------
    من مقال أبو شذا :

    ( ... إنَّ على خطيب الجمعة أن يحس بالمسؤولية الملقاة على عاتقه ، ويشعر بأهمية الخطبة من كونها مجالاً رحباً للبيان والتوجيه والتصحيح ، ولذلك على الخطيب أن يحضّر خطبته بعناية وأمانة ، ويحسن اختيار الموضوع ، ويعتني بمقدمة خطبته وينوّع فيها ويدخل عنصر التشويق أحياناً إليها ، أن يضمنها النصوص الشرعية الصحيحة والمناسبة ، وأن تكون الموضوعات المطروحة لها صلة بالمجتمع وعلاقة بالواقع الذي يعيشه الناس ، يلامس هموم ومشكلات المجتمع ، يفقه الواقع ، فيخطب عن ما يحتاجه الناس ويعايشونه ، مراعياً الأولويات ، لا يتشعّب ، يبتعد عن الطول غير المجدي الذي يجلب السآمة ويخرج بالمستمع عن التركيز فإن من مئنة فقه الرجل قصر خطبته ، ويبتعد عن الحدّة والغلظة في الخطاب ، عليه أن يكون قوي الحجّة ، مستغلاًّ الأحداث في إنضاج وعي الناس ، يأتي بالقصص المناسبة لموضوع الخطبة ويعمد إلى التنويع والسهولة والبلاغة في الأساليب والقوة المنضبطة والتغيير في العرض وطريقة الإلقاء وما يتصل به ، وينوّع من أساليبه وطبقة صوته ، لا يغلو ولا يميّع القضايا بل ينحى جانب الحكمة في العرض ، يهتم بمظهره ، دخوله وخروجه في وقتٍ مناسب ومنضبط قدر الإمكان ، عليه أن يراعي الحال ، وحتى الصلاة يؤديها بطمأنينة بعد أن يسوي الصفوف ، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوةٌ حسنة فقد كان ينتظر اجتماع الناس ويحمد الله وتحمرّ عيناه ويعلو صوته وينتقي جوامع الكلم ، ويخطب بما تقتضيه الحاجة . )
    --------

    وعلى دروب الخير نلتقي ،،،
    هكذَا يا عــــــراقُ صِرْتَ حبيباً ** بينَ بــــــاغٍ ومُلْحـــدٍ أَفَّــــــــــاقِ



  3. #3
    عضو متميز جدا

    نفح الطيب غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Jan 2003
    المشاركات
    1,784
    الأخ الكريم / أبو شذا

    بعد التحية أقول لك : إن كل ماقلته صحيح وينطبق على كثير من خطبائنا

    وأنا أوافقك في كل حرف بله كل كلمة قلتها ولكن .....

    ألا ترى معي أن الخطباء الذين تنطبق عليهم هذا الكلمة معدودون في

    التاريخ فضلاً عن هذا الحقبة .

    يترتب على هذه الملاحظة أنك إذا طالبت غير الخطيب بترك الخطابة في

    الجمعة فلن تجد من يقوم بهذا الواجب وحينئذٍ تكون قد تكلفت شططا

    وتقبل خالص التحية
    [align=center].[/align]

    كل من لاقيت يشكو دهره *** ليت شعري هذه الدنيا لمن ؟؟

  4. #4
    عضو جديد

    أبو ريان غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Jul 2002
    المشاركات
    40
    الأخ العزيز/ أبو شذا ..
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أخي العزيز كما قيل ( فاقد الشئ لا يعطيه ) ...
    فكيف تريد من شخص لا يملك لغةً ولا أسلوباً ولا طريقة يعبر بها عن ما يريد
    أن يؤثر في الناس ويشخذ همومهم .....
    فالأسلوب الجيد يرفع القضيه حتى ولو كانت سافلة ...
    والأسلوب الضعيف يقتل الفكرة حتى ولو كانت عظيمة ...

    وأخيراً ..
    يجب أن لا ننسى أنه يوجد لدينا خطباء يملكون من الحس الأدبي المرهف ,
    والأسلوب الراقِ , وسعة الأفق الشئ الكثير ..
    ولكن لأسباب ( يعرفها أكثرنا ) لم يعطوا الفرصة في اثبات وجودهم ..

    والسلام عليكم ...

  5. #5
    عضو جديد

    أبو شذا غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    26
    الأخ ( فواز ) إن الرفع من مستوى كفاءة هؤلاء الخطباء بإخضاعهم لدورات تدريبية هو أحد عوامل التصحيح من أجل الوصول بالخطبة إلى المستوى المأمول للتأثير ، وكذلك شعور الخطيب بما ينبغي عليه من عمل في اتجاه الرقيّ بمستوى خطبته المنحطّ ، لكن للأسف أن عدداً من هؤلاء الخطباء تحس بأنهم غير مبالين وكأنهم امتهنوا الخطبة كوظيفة لا كواجبٍ ديني ذي جانبٍ توجيهي ، ولذلك تجدهم مستمرين في هزالهم الخطابي فتجد بعضهم لا يجيدون أساسيات صناعة الخطبة ، وقد يحاولون بعنت فإذا ما عجزوا اتكؤوا على جهد غيرهم بنقلٍ سقيم كما ينقل الطالب الكسول من زميله المجتهد وهو لا يدري ما يكتب ، وإن أجهد نفسه بكتابة خطبة واحدة كانت المحصلة أنها جاءت أشبه بكتابة طالب في الصف السادس الابتدائي في مادة الإنشاء ..

    ( نفح الطيب ) هو بالفعل ما ذكرتَه أنت من كون الخطباء المفوهين والمؤثرين قلة على مرّ التاريخ مقارنةً بخِلافهم ، ولكن ذلك ليس مدعاةً لما نشاهده اليوم ، وليس مبرراً لما نسمعه من خطبٍ هزيلة فقدت رسالتها في التأثير والتوجيه ، أما دعوتنا لهؤلاء بترك الخطابة فهو مرهون ببقائهم على ما هم عليه من حال ،نحن لا نبحث – فقط - عن خطباء مفوهين مؤثرين بشكلٍ عالٍ وإنما نريد – على الأقل - تحقيق الحد الأدنى في مجال الخطبة وعدم بقائها على ما هي عليه ، أما إن صلح الحال وانصلح المقال فنحن ممن يشد على أزرهم ، أما مقولة أن ترك هؤلاء للخطبة هو من الشطط ، فبالمقابل إنَّ بقاءهم هو من الشطط بمكان ، نريد في بداية التصحيح أن تعمل خطوات للارتقاء بالخطيب والرقي بالخطبة وإلاّ إبعادهم والإتيان بغيرهم فعلى الأقل ربما وجدنا مبتغانا بخطيبٍ جيد يلامس هموم الناس ولديه الحد الأدنى من صفات الخطيب وأساسيات الخطبة ، وعليه فمن الأفضل الآن العمل على إيجاد طرائق لرفع كفاءات الخطباء ومستوى الخطبة بدلاً من السكوت على هذا الحال .

    الأخ ( أبو ريّان ) يبقى السؤال عن هذا الذي تقول أنه لا يملك الأسلوب مما أفقده التأثير ، هذا النموذج للخطيب السيئ لماذا أصبح لزاماً على الناس أن يستمعوا إليه كل جمعة ، لماذا لا ينأى بنفسه إن لم يستطع تطويرها ، ولماذا الجهات المسؤولة غافلة أو متغافلة ؟ فلا هي عملت على التدريب والتطوير ومن قبل حسن الاختيار ، ولا هي راقبت لتعرف من يستحق الرحيل ممن حاله البقاء ، وليس التوقف للعقبات الموضوعة هو الطريق الصحيح بل على المرء أن يشتغل بما هو ممكن ومشروع ، ولذلك علينا أن نهتم نحن بإيجاد السبل والأفكار الكفيلة بتطوير الخطبة لتبقى مؤثرةً في المجتمع.
    (( ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ))

  6. #6
    عضو فعّـال

    العذب غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Jun 2002
    المشاركات
    115
    مستحيل ...




    قد يتعجب البعض من هذا ..


    ولكن قضيتنا أكبر من ذلك ..


    إن الناظر في حالهم ، ليرى أن كِبْر المشكلة قد تولاه أناسٌ هم من المشهود لهم بالخير والصلاح ..

    والسؤال الذي لا يزال يحيرني هو :

    كم من الوقت نحتاج حتى نتخلص من " الواسطة " في قضايانا الدينية ..؟

    أنا لا أريد أن أحارب " الواسطة " لأني ممن انتفع بها ... ! ولكن في أمور الدنيا ..

    أما أمور الدين التي تحتاج فيها إلى رجل متقن ، فإن المشكلة تظل واجمة لا تدري هي نفسُها كيف تنجو من الكدمات المميته من أُولئك الخطباء ... !

    لاحياة لمن تنادي يا أباشذا ...


    ولست في صدد إماتة أمل أو إحياء تشاؤم .. ولكن الواقع المر أكدى معولي ..




    وعلىالمحبة ,,,

  7. #7
    عضو جديد

    أبو شذا غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    26
    شاعرنا ( العذب ) تسوؤنا هذه القضية – ضعف الخطبة - التي تجعل الإنسان يخرج عن طوره بعرضها على المنبر بهذه الصورة ليستمع إليها المرء مرغماً في كل جمعة ، كما نستاء من قضية الواسطة – التي أشرتَ إليها - في الوظائف الدينية و تسببها في إبعاد من يستحقونها ، لكن المعضلة أن هذا الخطيب أو ذاك – وأعني ضعيفي المستوى – أضحوا فيما أمسوا فيه فتجدهم يعتلون المنبر منذ سنين والحال على ما هي عليه ، لغتهم الركيكة هي هي ، وهزالهم الخطابي هو نفسه لم يتغير ، وحاضرهم ليس بأفضل حال من ماضيهم ، لم يستفيدوا من تقادم السنين ومرور الأعوام ، يجلبون معهم موضوعاتهم التي هي أشبه بأساطير الأولين اكتتبوها فألقوها على مسامعنا المرهقة والنازفة من عيّهم الخطابي ، مشكلتهم أنهم لا يتقدمون ولا يستفيدون ولا يستشيرون ولا يريدون نقداً ولا نصحاً ، وإنما يجلسون مع مريديهم ليحدثوهم عن جمال لغتهم وحسن عرضهم وقوة تأثيرهم وروعة خطبهم فيلتفتون إلى بعضهم مبتسمين راضين بما عندهم من بضاعةٍ مزجاة .
    والمعضلة الأخرى أنَّ عين الرقيب تغطُّ في سبات عميق وإن استيقظت – بعد أن ملّها الفراش - فهي لا تحسن أن تضع الرجل المناسب في المكان المناسب ، لتبقى دار لقمان على حالها .
    سكبنا الدمعة لأن البعض للأسف امتهن الخطبة كوظيفة لا كرسالة ، وإلا لماذا يصرّ على البقاء وهو يشاهد من هم حول الجامع الذي يخطب فيه يتجشمون عناء الطريق إلى حيث جامعٍ بعيد خطيبه أفضل حالٍ من صاحبهم ؟ وفي نفس الوقت هو يسمع همهمات الحاضرين عنده عن ضعف خطبته وتردّيها .. ثم يجعل المسألة تحدٍّ وإثبات ذات كما يراه ، ويعد الخطبة إرثاً دينياً ورثه لوحده في هذا الجامع أو ذاك .
    للأسف أن الخطبة أخذت تفقد تأثيرها في الناس والمجتمع وأصبح البعض يذهب إليها كعادة أسبوعية وما كان ذلك ليكون لولا حال هؤلاء الخطباء المتردّي الذين اعتلوا المنبر ليتشبثوا به ، وفوق درجاته استماتوا ليميتوا الخطبة .
    تسأل المتعلم عن ما استمعه من الخطبة فيجيبك بأنه كان غافلاً ساهياً بسبب أسلوب الخطيب ، وتسأل كبير السنّ عن ما فهمه من الخطبة فيجيبك بلهجته العامية قائلاً : ( والله ما أدري وش يقول ! ) وذلك بسبب لغة الخطيب ، وتسأل طالب المدرسة عن الخطبة فيردّ عليك بأنه لم يعِ منها شيئاً بسبب تكلّف العرض وطوله ، وتسأل عامة الناس فيخبروك بأنهم لم يستفيدوا من هذه الخطبة لأن لا تلامس واقعهم وهمومهم .
    خطبُ تئنّ من جهالة من يلقونها وترزح تحت وطأة ضيق أفق من يعرضونها ،أعياها رقدة فهم من يبسطها ليلجأ كثيرون إلى أخذ نصيبهم من غمضة العين ورقاد البال نأياً عن واقع الحال وهروباً من سيء المقال .
    وعلى العموم هو كما ذكرتَ أنت في مداخلتك من أنه واقعٌ مُرّ ارتشفناه بمضض على مَرّ السنين ، وما زلنا نعانيه في مجتمعاتنا ، ليبقى السؤال :
    ما هو الحل ؟ ولماذا لا يُسارَع في السعي نحو وضع الحلول ومعالجة الأخطاء وتصحيح الأوضاع ؟
    أخشى أن نكون كما قلت أنت : لا حياةَ لمن تنادي !
    ولكن .. ( إن عليكَ إلاّ البلاغ ) .
    (( ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ))

  8. #8
    عضو جديد

    ابو مصعب غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    47
    الاخ الكريم ابو شذا...... وفقه الله

    كلامك مسبوك محبوك ياخذ بالالباب ويسحر القاري ويمر على البسطاء مــر السحاب فيعتقدون بصحته لجمال عرضه.. غير اني اخالفك الراي حيث ان كلامك يعني اننا في ادغال افريقيا لانك اجهزت على الخطباء مع العلم اني اعرف ان المدينة التي تسكنها خطباؤها جيدون ويتكلمون بلغة عربية صحيحة واسلوب مفهوم وطريقة مقبولة الى حد كبير نعم يوجد تقصر ونحث الجميع على بذل المزيد من الجهد في الاعداد الا انهم خطباء جيدون وما قلته من مصطلحات لا تتناسب مع الوضع الحقيقي والقضية ليست اثبات اننا نستطيع ان نتفوق على الجميع من خلال النقد بل كما قال الاول


    اقلوا عليهم لا ابا لابيكمو من اللوم او سدوا المكان الذي سدوا

    ولا تنسى اخي ان دود الخل منه وفيه كما يقال والناس الذين يحضرون الخطبة ماهي مستوياتهم العلمية وثقافتهم ومخاطبة الناس بما يعقلون
    قل للذي لم يصدق الله لا يتعنى

  9. #9
    عضو جديد

    أبو شذا غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    26
    الأخ ( أبو مصعب ) أشكرك على التعقيب ، وأحب أن أوضح لك وللإخوة القراء بعض النقاط التي قد تلتبس عليهم من خلال هذا الموضوع ، موضحاً الصورة ومفنداً للملاحظات التي أتيت بها وربما كان الفهم الخاطئ ناشئ عن العجلة في القراءة للموضوع فأقول :

    أولاً : تقول في ردك : ( فيمر على البسطاء ) وما أدري من تعني بالبسطاء ، وهل الموضوع مرّ على من سبق فأيدوه لبساطة فهمهم ، وهل مرّ على آخرين جامداً فعارضوه ؟ مع أني لا يهمني بالدرجة الأولى أن يقتنع الجميع .

    ثانياً : تقول في ردك : ( فيعتقدون بصحته ) وهذه العبارة فيها إيهامٌ للقارئ بعدم صواب ما جاء في المقال ، مع أنك ذكرت أنه توجد فئة مقصّرة مما ذكرتُها في المقال ووردت في ردك ، ثم إن قضية الخطأ عندما تورد ينبغي أن يُذكر ما يؤيدها ويسندها من المقال وهذا ما لم تقم به .

    ثالثاً : تقول في ردك : ( كلامك يعني أننا في أدغال أفريقيا ) وما أدري ما الذي جعل التصوّر يخرج بهذه الطريقة ، فأنا لم أطلق تعميماً في مقالي ولم أشمل الخطباء كلهم ، ويبدو أنك ظننت أني أتحدث عن مكانٍ أو مدينة محددة وهنا على فرض صحة ما ظننتَه أنت فإن الأمر يبقى محصوراً لو جعلتها عمليةً نسبية ، ومع ذلك فأنا لم أحدد مكاناً ، مع ملاحظة أن الخطاب الديني من الممكن أن يعتريه الضعف في فترات من التاريخ ويقل أثره على الناس لأسباب عديدة .

    رابعاً : تقول في ردك : ( لأنك أجهزت على الخطباء ) وهذه تهمة قد تروق للبعض إلاّ أنها لا تستهويني لأنه ليس من مقاصدي في مقالاتي الطعن في الأشخاص ، على أنه كان من المفترض أن تحدد أي الخطباء تقصد ، فإن كنت تعني الجيدين منهم فأنا لم أعرض لهم ، وإن كنت تعني السيئين فإنهم هم الذين أجهزوا علينا .

    خامساً : تقول في ردك : ( المدينة التي تسكنها خطباؤها جيدون ) وهذا أيضاً خطأٌ في تحليل المقال حيث أني لم أعرض بتاتاً لخطباء منطقة معينة لأن منهجي في كتابة مثل هذه المقالات أن تكون عامة حتى تلامس أكبر قدر من المعنيين وحتى لا نزايد على مثل هذه الأمور فأنا ذكرت ما نصه : (( ولن أعرض لفئة الخطباء المتميزين المفوّهين – وهم قلّة قليلة – لأني أريد بحديثي هذا الخطباء الذين لم يحققوا الدرجة المطلوبة والتأثير المرجوّ من خطبة الجمعة )) ففي كل غالب الأمكنة يوجد خطباء جيدون وخلافهم ، ثم أعقبت بقولك : ( يوجد تقصير ) ويبدو من ظاهر كلامك أنك تقصد مكاناً محدداً فوقعت فيما كنت تأخذه على صاحب المقال .


    سادساً : تقول في ردك : ( وما قلته من مصطلحات لا تتناسب مع الوضع الحقيقي ) وهنا ليس ثمة من إشكال في توجيه مصطلحاتي فأنا عنيت بها الخطباء غير الجيدين وهي لا تعني بالضرورة أن تتواجد في شخصٍ واحد ، ثم كيف حكمت على الوضع بهذه الصورة ونحن نعلم الحال التي وصلت إليه خطبة الجمعة على أيدي فئة الخطباء ضعيفي الإمكانيات ، وهو ما أشار إليه قبلي عدد من العلماء والمفكرين الثقات ، حتى أن بعضهم أشار إلى أن عدداً من الخطباء لم ينجح في توجيه الأحداث الأخيرة في محاولة إنضاج وعي الناس .

    سابعاً : تقول في ردك : ( ... نتفوق على الجميع من خلال النقد ) وهنا يبدو أن للانعكاسات النفسية نصيب في الكلام وإلاّ ما الداعي لمثل هذه العبارات في معرض النقاش البناء حول قضية مهمة ، واختصاراً لهذه النقطة أرجعك إلى ما ذكرته في موضوعي الأول في هذا المنتدى وذكرت فيه ما نصه : (( إن الحساسية التي أصبحنا نشاهدها من عملية النقد أصبحت ظاهرة تستحق الوقوف عندها .. يقولون : الحرب لم تنشأ هكذا وإنما كانت ناشئة عن تجاوزات وأخطاء تراكمت ربما على مدى سنوات لتصبح في مرحلة من المراحل فتيلاً مشتعلاً يصعب إطفاؤه .. وقس على ذلك . إن الوقوف على الأخطاء دون حراك يصل بالحالة إلى ما يشبه الكارثة ، وما كان ذلك ليكون لولا السكوت والتغافل عما يحدث . أعود لأؤكد أن جانباً كبيراً من هذه الأخطاء كان عن حسن نية ، ولم يكن مقصوداً .. لكن بالمقابل الانكفاء على النفس وتجنب المحاسبة يؤدي بالأمور إلى عواقب وخيمة )) .وذكرت في معرض أحد الردود أن نقد الشخص لا يعني بالضرورة نقده لشخصه وذاته .

    ثامناً : تقول في ردك : ( أو سدّوا المكان الذي سدوا ) وإذا تجاوزنا مسألة هل سدوا المكان فعلاً كما يجب ؛ فإني أظنه ليس خافياً عليك أنه لا يلزم ممن يطرح توجيهاً أو نصحاً أن يكون في مكان المنصوح والأمثلة كثيرة ، وذكرتُ أنني ممن يشد – لا يسد - على أزر مَن يحاول الإجادة على الأقل .

    تاسعاً : تقول في ردك : ( دود الخل منه وفيه ) وإذا تجاوزنا مصطلحات المثل – أيضاً – فيبدو أنك اتهمت الخطباء بأن مستواهم نزل بسبب نزول مستوى فهم الحاضرين ، وعلى ضوء ذلك – إن قبلنا – فالمحصّلة واحدة .

    عاشراً : ذكرت أنت في معرض ردك الثاني على موضوعي ( أدب الاختلاف ) في حديثك عن الموضوعات المطروقة ما نصه : (( أبو شذا مقالاتك جميلة جداً ويعكّر صفوها بعض الأحباب لأنهم ينزلونها على فئة معينة فقط ويحجّرون واسعاً )) وهذا ما وقعت فيه أنت من حيث لا تشعر في ردك هذا حيث أصبحتَ أنت من أولئك الأحباب الذين ينزلون موضوعات غيرهم على فئة معينة ! والله أعلم .
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو شذا ; 12 May 2003 الساعة 09:56 PM
    (( ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ))

  10. #10
    عضو فعّـال

    الفيلسوف غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    380
    تحياتي ابو شذا
    انا من اشد المتابعين لهذا المقال الرائع والنقاش الاروع........

    لي عوده لهذا المقال

+ الرد على الموضوع

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك