( زعبلّلا ) يستفيق أحياناً من نومه فتعود إليه حركته لا عقله فهذا في سبات ، وبما أن العقل مناط التكليف فقد رُفع عنه التكليف .
لذا فإن من عزم الأمور وحزم الرأي النأي بالعقل عن مهاترات مسلوبي العقول ..
قبل ذلك تعلمون أن يهوذا الأسخريوطي وهو ليس عن صاحبنا ببعيد يحاول أن يكون ذلك التلميذ النجيب في مدرسة العلماء ، لكن يبدو أن يده استمرأت السرقة بل وصل به الحال إلى أن يبيع المسيح مقابل ثلاثين قطعة فضة ! لقد كانت نهايته مفجعة لكنها سارة .. هؤلاء اللئام على موائد العلماء الكرام .. هل تحسون ببون في الجهة المقابلة ؟ ربما ..
صاحبنا يقتات الفتات حتى يستمرئ الهوان ، لديه إسهال في الكلام ثم هو يعاني من إمساك في الفهم فحاله كالمنبشمة .. وهذه في أدائها في الزكاة خلاف وعندي أنها لا تجزئ لأنها ليست من أواسط البهائم فضلاً عن أن تكون من كرائمها ..
يضرب العلماء بسياط الوعظ فتؤثر في القلوب بيد أن البعض لا يؤثر فيه سوى سياط الألم التي يخالها أولئك على قلوبهم وهي من ورائها وأسفل منها ..
صاحبنا الأسخريوطي يظن من نفسه أن فيه فقه الشافعي وذكاء إياس وشاعرية المتنبي أو أنه حاز من منطق أرسطو وفلسفة سقراط ، وتراه يقفز مذكراً ببطل القفز بالزانة الأوكراني سيرغي بوبكا الذي تجاوزت قفزته ستة أمتار ، وتسمعه يخطب وكأنه يعزف مذكراً بنيرون وهو يقف على أسوار روما وهي تحترق وبيده أشعار هوميروس التي يصف به حريق طروادة ، وتتأمله وهو يرسم ليعيد للأذهان مايكل أنجلو الذي عانى حتى أتم لوحته الشهيرة Burial of count orgaz ، لكن صاحبنا مع ذلك استجمع فضول الكلام حتى استغلق عليه الفقه ، وأضناه العلم حتى أعياه الفهم ، وأخشى يا صاحبي أن تكون أصابتك الصواعق فرمت بك ، ولكني أثق أن موجة اليمّ ستأتي بك ، لكن .. حذارِ من أن تطفئ النار فأنت دليلنا !
من مدلهمات الخطوب العمى عن العيوب ، فيحسب من على الشاكلة أنهم على شيء ، وما هم بشيء ، ويقول الأسخريوطي في تعليقاته أن لديه أسئلة وظننتها من الأهمية بمكان فإذ هي أشبه بأحاجي العجائز ينقلنها لأحفادهن عند النوم مع ما فيها من لغةٍ مهشمة يتهم في أولها بالتعميم وهذا يشير بصراحة أن القراءة أثناء النوم ممكنة .
ثم يثني ببراعة تفوق براعة اليعسوب في التنفس ويثلّث بما يزيد يقيناً من أن آلة الفهم لديه معطّلة ، ثم يزداد الصياح فالصراخ على قدر الألم ، وأنا مازلت عند رأيي في أن في مراجعة العيادات النفسية فوائد أو على الأقل الاستفادة من تجربة بافلوف الشهيرة بأن يطبقها على الطالب النجيب الدهشوري ، تُرى هل سينجح صاحبنا في اختبار هرمان ايبنجهاوس ؟
رحم الله ابن الجوزي فقد كان من الممكن أن يزيد حجم بعض كتبه ، ورحم الله جريراً فهو يشير عليك أن لا تغضب يا زعبل ولا ترهق طرفك فإن لك وزناً أنت أدرى به .
الحمد لله .. أحبتي .. إن في بعض خلق الله لبعضهم عبرة وفي خلق هؤلاء حكمة قد نعلمها وقد تخفى .. والمسلم يدرك أنه يسير في قدر الله فلا يتسخّط ، لكن عليه أن يتبين المسلك ..
تخيّل لو أن جربوعاً رأيته في طريقك وأردت الإمساك به فإنه سيحاول الاختباء ثم تجد أن النور يؤذيه فهو يحب أن يعيش في الظلام وإن لحقته لم تكد أن تدركه لأنه كعادته سيختبئ في جحره ، وإن اقتربت منه فربما أدمى إصبعك وهذا أقصى ما يستطيع لذا عزمت منذ زمن ليس بالقريب أن أنصح بعدم إرهاق النفس بمطاردة هذه الجرابيع التي لا تسمن ولا تغني من جوع ..
وتخيلوا لو أن لدينا كرةً مهترئة قمنا بملئها بالهواء وزدناها هل ستتكور أم تنفجر ؟ لذا لا أرى من أدمغة البعض سوى شبهاً بالكرة فإن تركتها بقيت فارغة وإن حاولت ملأها لم تسعفك الأدمغة ، فالله المستعان .
إني أنصح صاحبنا أن يطالب بثلث الدية في المأمومة التي أصابته ، فإنه ليس له طلب القود فقد جاء في سنن ابن ماجه مرفوعاً ( لا قود في المأمومة ) .
وبعد .. فهل نحن أمام تيار يريدنا أن نتخذ من دون الله أرباباً وليس الأمر بالعبادة بل فيما هو دون من ذلك من الاتباع ، وإن تجاوزنا كما ذكرنا العلماء الربانيين فإننا سنجد أنفسنا أما ثلة اختصت لنفسها في ميزان ( ورثة الأنبياء ) التبجيل ونكصت عن الصدع بالحق ، وطلبت النوال وتخلّت عن النضال ، يقول علي رضي الله عنه : إن هاهنا علماً جماً، لو وجدتُ له حملة ، بل أجدُ طالباً غير مأمون، يستعمل آلة الدين في طلب الدنيا، ويستطيل بنعم الله على أوليائه، ويستظهر بحجته على خلقه .
هل يتناسى البعض ما جرى من وشاية بالعلماء قديماً وحديثاً ؟ وممن ؟ من علماء آخرين ! ومن غيرهم ، وأمور أخرى نرجو أن لا نضطرَّ لذكرها ، لكن من أجل إبعاد الخائضين فإننا ننصح الجميع بحفظ الحقوق لأهلها ، وأن لا ينجروا خلف من يريد شخصنة الموضوع أو اتهام أشخاص أو علماء بأعيانهم .. معاذ الله .. فهذه علامتهم ..
فهلاّ عاد الأسخريوطي لرشده ، أكثر المتفائلين يقول كما يردد هو دائماً : دون ذلك خرط القتاد ، ولذا فإن من مصائبنا التي نحتسب عند الله أجرها ذلك الفهم السقيم الذي غشي البعض حتى أعمى عينيه ، وغطى قلبه وأخفى عقله ووقر في أذنيه ، وهؤلاء لا جدوى من جدالهم فهم بينهم وبين القسط مفازة لو امتطيت النجائب لما بقي ظهرها .
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد ألاّ إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك .