إيفان الرهيب


كان هناك ملك جبار يحكم روسيا ، اسمه إيفان ، كان هذا الملك ظالماً لشعبه، لذلك لم يكن يحبه أحد ، فأطلقوا عليه اسم " إيفان الرهيب" .


ذات يوم قال له حكيم:


" انتبه يا قيصر روسيا ، إذا استمر ظلمك للناس ، فسيأتي يوم تندم فيه على أفعالك، فتظلم نفسك، ولكن بعد فوات الأوان. أنصحك بحب الناس، أحبهم يحبك الله!"





غضب الملك من الحكيم غضبا شديداً ، و قال له:


" كان من الأفضل لك أن تنصح نفسك بعدم الاقتراب مني ، لأنك ستموت جراء جرأتك ، أيها الشيخ العجوز"





أمر القيصر بإحضار قدر كبير جداً ، و عندما جاؤوه بالقدر، أمر حراسه بوضع الحكيم فيه، و سكب القيصر بنفسه الماء الحار على حكيم البلاد .





كان الماء مغلياً فاحترق جلد الشيخ الطاعن بالسن ، و بدأ يئن و هو يدعو الله أن يأخذ روحه بسرعة ، لأنه لا يستطيع تحمل الألم ، مع ذلك كان يشعر بالحزن على الملك الذي يشاهده و يضحك، وهو يشارك معاونيه على سكب الماء على رأسه.





قال الملك الظالم:


" اعترف أنك مخطيء! اعترف أنك غبي! اعترف أني لست ظالماً"





لكن الشيخ لم يجب، لأنه لم يكن مخطئاً بنصيحته للملك ، فنصيحته مفيدة للملك وللناس على السواء .


و لم يعترف أنه غبي ، لأن الجميع يعترفون بحكمته و ذكائه.


و لم يعترف أن الملك عادل، لأن الملك كان شديد الظلم و الجبروت.





كان للقيصر إيفان ولد في الخامسة عشرة من عمره يقف و يتسلى بمشاهدة تعذيب والده للناس مسروراً، و كان القيصر يحب هذا الولد كثيراً ، لأنه يشبهه في حب تعذيب الناس.





في يوم من الأيام قال الملك لولده الأمير الصغير :





" غداً سننصب المشانق في موسكو، في الساحة العامة أمام القلعة، و سنشنق بعض الضباط و الأمراء.."





فرح الولد كثيراً ، لأنه لم ير المشانق تشنق ضباطاً من قبل .





بعد انتهاء المجزرة ، شعر الولد بالحزن على أحد الضباط لأنه كان يعلمه فن الرماية، و ركوب الخيل، و لم يكن يعلم أنه سيقتل أمامه.





قال الولد الشرير المدلل:


" لماذا قتلت صديقي يا أبي؟"





قال إيفان الرهيب:


" كنت أشك فيه ، لقد كان قوياً و عظيماً في حرب الأعداء، فخفت أن يفكر بقتلي ذات يوم ."





قال الأمير الصغير:


" لكنني أعرف أنه يحبك كثيراً ، ألم يقتل كثيرين من أهل موسكو الأسبوع الماضي! "





ضحك الملك الظالم و قال:


" نعم ، لكنه لم يعذبهم كثيراً قبل قتلهم كما أمرته، لذلك قتلته. "





قال الأمير ذو الخامسة عشرة من عمره:


" حقاً كما يقولون عنك يا أبي، إنك ملك ظالم لشعبك و أمرائك و جندك ، و لكل الناس!"





غضب الملك غضباً شديداً ، فضرب ابنه بالصولجان على وجهه.





سال الدم من وجه الأمير الصغير ، فغطى ثوبه الفخم، و وصل إلى الأرض فبللها بلون أحمر قانٍ.


شعر القيصر بالندم على فعلته النكراء ، فحزن أشد الحزن عليه، و ضمه إلى صدره ، و هو يبكي كطفل صغير.





تذكر القيصر نصيحة الحكيم الذي أحرقه بنفسه بالماء المغلي ، كما كان قد أحرق كثيرين غيره.





اعتزل القيصر الحكم ، و سلمه لولده الآخر الذي كان يخشى أعمال والده و لا يرضى عنها، بل أنه كره الحكم ، و تمنى ألاَّ يكون ابناً لهذا الطاغية.


لذلك لم يستطع حكم روسيا الكبيرة الجائعة و المظلومة بسبب جور حاكمها ، فانهارت السلطة.





أما إيفان الرهيب فقد رحل إلى أحد المعابد ، نزع عن جسده لباس الملوك و عاش عيشة الفقراء المحرومين كي يكفر عن ذنوبه .


لكن أحداً من الناس لم يحبه ، ففي كل بيت شهيد مات في حروب القيصر ، أوتحت تعذيبه في سجن أو ساحة عامة.





و هكذا صدق الحكيم فلا بد لكل طاغية من نهاية وخيمة!