عندما تعود المياه لمجاريها الطبيعية والتي قليلا ماتعود إليها في هذه الأزمان بالذات , حيث يصبح صاحب المزمار عابدا فجأة , ويصبح لص الحواري عاكفا وحده , إنه أمر يدعو للغرابة تنظر فإذا أشخاص يمشون فرادى وجماعات وعليهم السكينة والوقار المتكلف , وبصوت لطيف السلام عليكم , ترد عليهم تحية الإسلام
وتقول في نفسك _ سبحان الله _ كانوا بالأمس يقذفون سيارات المارة بالحجارة , ويأخذون دراجات الهنود والبنغال ويقومون بأعمال تخريبية في الحي من تكسير البيض على السيارات وغيرها الكثير العجيب , هم الآن بصورة تختلف عن سابقتها تماما .
سبحان الله , وقت الاختبارات لحظة يصاحبها زهد مفاجئ وتصوف محمود لدى شريحة من شرائح المجتمع , حتى أنك تتمنى أحيانا أن تستمر الاختبارات طيلة السنة الدراسية .
هذا وبالتأكيد , إذا كان لدينا منظار واحد ونظرنا إلى زاوية واحدة , بينما إذا تعرفنا على الزاوية الأخرى وهذا الحقد الدفين الذي تكنه في صدرها طالبنا بالتقويم المستمر بدلا من الاختبارات , والسبب هو عندما نشاهد وجوها غريبة المنظر وكأنهم من بيئة مغايرة لبيئتنا , هم في الحقيقة رواد الزويا وفي الزوايا خبايا , ركود طيلة العام, ولا تأتيهم شياطينهم إلا في وقت الامتحانات , عندما تنظر إليهم يخطر ببالك قوله تعاللى : ( يوم يخرجون من الأجداث صراعا )
يقدسون التجول بالسيارات والعبث بالممتلكات بعد فراغهم من الاختبار مباشرة , هذا أمام الملا فماذا يحدث خلف الكواليس , على أيدي هؤلاء كم ضاع مستقبل شاب أغروه بمنديل أبيض يحتوي على قول الشاعر :
لقد ذهب الحمار بأم عمر *** فما رجعت ولا رجع الحمار
لم يتوقف عن استعماله حتى أدمن وأدمن إلى أن ذهب عقله كذهابها , وكم حطموا آمال أبوين كانا يؤملان بولدهما الوحيد الكثير , وفي نهاية المطاف يأتي الاتصال فيقطع حبال تلك الآمال التي أصبحت وللأسف آمال مزيفة , وباختصار أنقلبت السيارة فكان أولهم في عداد الموتى , وكم وكم وما شئت أن تقول من سلسلة المصائب في هذا الوقت بالذات فقل , والواقع أمامنا فلسنا بحاجة لتأليف أوتلفيق قصة على أحد , لن نكلف أنفسنا بالبحث عن قصة ما دام الواقع صاحبنا .
أسأل الله أن يوفقنا في الاختبارات .