________________________________________



سيدنا ايوب عليه السلام

صبرسيدنا أيوب عليه السلام ‏

كان النبي أيوب عليه الصلاة والسلام عبداً صالحاً كثير المال من سائر صنوفه وأنواعه من الأنعام والعبيد والمواشي والأراضي المتسعة بأرض حوران وكان له أولاد كثيرون وأهلون كثر، فسلب من ذلك جميعه وابتلي في جسده بأنواع البلاء ولم يبق منه عضو سليم سوى قلبه ولسانه يذكر الله عزّ وجل بهما، وهو في ذلك كلّه صابر محتسب ذاكر الله في كل الأوقات. وطال مرضه حتى عافه الجليس وأوحش منه الأنيس، وأخرج من بلده، وألقي خارجها، وانقطع عنه الناس ولم يبق أحد يحنو عليه سوى زوجته، كانت ترعى له حقّه وتعرف قديم إحسانه إليها، وشفقته عليها، فكانت تتردد إليه فتصلح من شأنه وتعينه على قضاء حاجته وتقوم بمصلحته. وضعف حالها وقلّ مالها حتى كانت تخدم الناس بالأجر لتطعمه، وتقوم بأوده، وهي صابرة معه على ما حلّ بهما من فراق المال والولد، وضيق ذات اليد وخدمة الناس بعد السعادة والنعمة. ومكث في بلواه ثماني عشرة سنة، فأوحى الله عزّ وجلّ الى النبي أيوب في مكانه ûاركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب‎ أي اضرب الأرض برجلك، فامتثل ما أُمر به فأنبع الله له عيناً باردة الماء وأمر أن يغتسل فيها ويشرب منها، فأذهب الله عنه ما كان يجده من الألم والأذى والسقم والمرض الذي كان في جسده ظاهراً وباطناً وأبدله الله بعد ذلك كلّه صحة ظاهرة وباطنة وجمالاً تاماً ومالاً كثيراً، حتى صبّ له من المال صباً مطراً عظيماً جراراً من ذهب وأعاد الله الى زوجته شبابها، حتى ولدت ستة وعشرين ولداً ذكراً. وقد ذكر ابن جرير وغيره من علماء التاريخ أن أيوب عليه السلام لما توفي كان عمره ثلاثاً وتسعين سنة. ‏

هذا وقد جعل الله عزّ وجلّ من بلاء النبي أيوب عبرة للصابرين وذكرى للعابدين في كل بلاء نزل بهم وليكون أسوة في الصبر ورجاء الثواب.
والنبي أيوب هو أيوب بن أموص بن تارخ بن روم بن عيص بن اسحق بن ابراهيم الخليل عليهم الصلاة والسلام. ويُذكر انه كان رجلاً طويلاً عظيم الرأس جعد الشعر حسن العينين والخلق قصير العنق غليظ الساقين والساعدين، وكان مكتوب على جبهته (المبتلى الصابر)، وكان تقياً رحيماً بالمساكين يكفل الأرامل والأيتام ويكرم الضيف شاكراً لنعم الله تعالى مؤدياً لحقه. ويعود نسب زوجته الصابرة الفاضلة «رحمة» بنت افراثيم الى ابن يوسف بن يعقوب عليهم الصلاة والسلام. ومن أحاديث النبي أيوب عليه السلام أنه قال: «إن الله يزرع الحكمة بالرحمة في قلب المؤمن الكبير والصغير فمتى نبتت في القلب أظهرها الله تعالى على اللسان وليس تكون الحكمة من قبل السن والشيب ولا طول التجربة، فإذا جعل الله العبد حكيماً في الصبا لم تسقط منزلته عند الحكماء».