المعدوم

همسة في أذنك دون أن يسمعنا أحد ، هي لك وحدك ..

لماذا تحسد غيرك وتضيق به ذرعاً ، وقد أعطاه الله الكريم المنان ووهبه ؟!! الذي أعطاه سيعطيك إن دعوته ورجوته .. لم التذمر والتسخط على تقدير الله ؟! لاحظ نفسك ، ربما أعطيتَ موهبةً ولم تلاحظها ، ابحث في زوايا نفسك ، ستجد واحدة على الأقل -لأنه يستحيل أن يخلو إنسان من أدنى موهبة- وإن لم تجد !! حينها ثق بأن الله وهب لك الصبر ، والذي ستُجزى خيراً بإعمالك له وتدثرك به ، بدلاً من إهلاك روحك بالتحسر ونصب المكائد لتنزل قدر الموهوب ومكانته عند الناس ، وتسفه مواهبه وتصرف الأنظار عنه إليك ، وأنت لست من أهل المواهب ، بالطبع سيصرف الناس وجوههم قِبَلَ الإبداع ويعرفون من الذي يسعدهم أو يرتقي بهم أو يضفي شيئاً جميلاً في حياتهم أو ..

وجود الموهوب في مدرستك أو حيّك أو أي مكان ، لاينقص منك أو من مكانتك أو الاهتمام بك وإنما اهتمامك بالموهوب لن يغيبك وسيبقى لك حضورك وستستفيد أنت منه إما بمعرفة أكثر عن الموهبة أو استمتاع بجمالها -إن لم تحاول وأدها- سواءً أكانت صوتاً أو خطاً أو كتابة أو مهارة أو أي موهبة أخرى حتى لو كانت (حسن أخلاق) ، ولاينس صاحب الموهبة بأنك وقفت بجانبه وأيَّدته وشددت من عضده ويذيع ذلك في المجالس ولمن سأله عمن ساعده حتى وصل لهذه الدرجة من الإبداع ..

لا تحزن مما يقدمه الموهوب من عمل ، ربما يكون رديئاً في نظرك وهو عند الآخرين جميل ويستحق الإشادة ، وفي الأرض متسع لك ولغيرك من الناس .. إن كنت لاتعلم ؛ لاتقلق .. سينقده النُقَّاد ويقيِّمون عمله ويصدرون أحكامهم وإذا لم يستحق وقوف النقاد عنده ؛ لايحق لك أن تصنع من شخص يحاول إظهار مواهبه ، قضية تفني عمرك من أجلها !! اربأ بحالك أن يقتلك الحسد وعدم رضاك بما قسمه الله لك .

ستفخر إن سئلت عن الموهوبين من أبناء حيك أو مدينتك أو منطقتك أو أمتك ووطنك وتأخذ بِعَدِّهِم وذكر أسمائهم وبعدها تسأل مفاخراً بهم : هل عندكم موهوبين ومبدعين مثل أبنائنا ؟! لاأتوقع ذلك ؟! وتجادل من أجلهم ، وتفخر بأن ذلك الشخص البارز في المجتمع كان جاراً لك يوماً أو كان من أبناء مدينتك .. إذاً لم التثبيط والتسفيه من قبل ؟! لماذا كلما ظهر مبدع وبدأت أجنحته تصطف وأخذ يتدرب على الطيران ليصير سلاحاً لنا ضد عدو يدهمنا أو رائداً ينبئنا ولايكذبنا ، عمدنا إلى قصِّ جناحيه ليبقى حبيس الأرض إلى أن يموت ، وقلنا : علام يبزغ نجمه وهو مثلنا بل أدنى منزلة ؟! إما أن يظل طوال حياته كما عرفناه وإلا لن نهدأ في بث الشائعات ضده وحوله .. كل هذا لأننا استكثرنا عليه موهبة !! لماذا أكثر مَن يشقى بنا هو الموهوب ؟! ما الذي نستفيده من قتل الإبداع في أبناء مجتمعنا ؟! لماذا لايبرز أحد منا إلا ويتجرَّع الـمُرَّ من تخطِّي العقبات المصطنعة الكثيرة ، وسبّ لو وُجِّهَ لجماد لتحرَّك ، أو ماء يجري لتوقف ، وعِداء لا لشيء إلا لأنه حاول النبوغ !! لماذا لانبارك سعي الموهوب وندعمه بكل شيء يوصله لمراده ؟ طبعاً فيما لايخالف ديننا .. ونضع أمامه المحفزات المعنوية قبل المادية .

الإجابة عندك وليست عند غيرك ، أجب نفسَك وحاول أن تغيِّر من سلوكك ، لأنك تستطيع تغييره مادمت حياً كما يقول علماء التربية والنفس .




أ. حمود الباشان
Hm555mh@hotmail.com



http://naqed.maktoobblog.com/1614785...f%d9%88%d9%85/