عضو مجلس الشورى السابق والأكاديمي عبدالله الطويرقي في حوار صريح مع "سبق":
كنت أريد لمجلس الشورى أن يتحرّر من ممارساته الوظيفية الروتينية وخطابه التقليدي

ـ لا انتظر الهبات والمنح .. وتمنيت أن ترفع الصور الكوارثية لولي الأمر

ـ التلفزيون السعودي والإذاعة لايحتملان صراحتي..وإعلامنا ولا أروع

ـ كنت أريد لمجلس الشورى أن يتحرّر من ممارساته الوظيفية الروتينية وخطابه التقليدي

ـ لا أعرف عن هيئة الصحفيين السعوديين أي شيء ، هل هناك هيئة بهذا الاسم ؟

الدكتور عبدالله الطويرقي شخصية تحتويها العبارات الصاخبة التي تصدح عالياً من باب الغيرة الوطنية كما يقول .. عُرف إعلامياً أكاديمياً في جامعة الملك سعود ، ثم خاض التجربة الشورية لأربع سنوات كعضو في مجلس الشورى .. كاتب للمقالات .. ومشارك في اللقاءات والندوات .. وله حضور في عدد من الوسائل الإعلامية .. دارت حوله نقاشات تتهمه بأنه شخصية متناقضة ، وأخرى تقول عنه إنه مشاكس ودائماً في رحلة البحث عن تلميع الذات وتجسيدها .. قال عنه أحد الصحفيين إنه أكاديمي سابق وإعلامي سابق وعضو سابق ممنوع من الشورى . فماذا قال الدكتور الطويرقي ؟ .. تعالوا إلى هذا اللقاء ..

* دكتور عبدالله ، أربع سنوات قضيتها عضواً في الشورى أين كنت من قبل ؟
- قبل مجلس الشورى في قسم الإعلام جامعة الملك سعود بالرياض.

*عضويتك للشورى كانت لدورة واحدة - أي أربع سنوات - . أنت شخصياً هل تشعر أنك حققت شيئاً للبلد وراض عن أدائك ؟
- من حيث الرضا عن الذات أكيد جداً راضٍ وضميّري جداً مرتاح وأحمد الله وأشكره على ذلك..أمّا مسألة تحقيقي لشيء للبلد فهذه أتركها للآخرين من الوطنيّين الشرفاء وأصحاب الضمائر الحيّة وللتاريخ إن كنت فعلاً قدمت شيئاً من عدمه .. وبيني وبينك في بلد همومه المؤسّسيّة بطول قطار أشك أن عضواً أو مجموعة أعضاء يعملون شيئاً في أربع سنوات أو حتى عقد من الزمان.

* يُقال إن الدكتور عبدالله هو من الأعضاء " المشاكسين " في المجلس ..ما رأيك ؟
- مشاكس كيف يعني ؟ أعتقد أنك تقصد سباحتي عكس التيار السائد في المجلس وإلاّ ؟ وإن كنت تقصد مشاكساً أي مختلفاً عن أسلوب وتفكير ووعي الآخرين فهذا شرف لا أدعيه ووصف لا أتنصل منه وأقر وأعترف بأنني من اليوم الأول لي في مجلس الشورى وأنا مؤمن بالدفاع عن حقوق المواطن في الصحة والتعليم والوظيفة وملاحقة الفساد المالي والإداري في أجهزة غير مؤهّلة لتقديم خدمة توازي ما ينفق عليها من خزينة الدولة .. أمّا إذا كنت تقصد خطابي النيابي الحاد وغير المتداول من قبل في مجلس الشورى فيا سيدي كنت أعرف بذلك من اليوم الأول لعضويتّي، وكنت حريصاً جداً على أن انتزع للمواطن حقه في مجلس معني بالرقابة والتشريّع في البلد .. وبعدين ياسيدي الفاضل أعتقد أنك من الإعلاميين الذين يعرفون بذلك وهناك أشرطة مرئية للجلسات وهناك أطروحات جريئة وغير مسبوقة في الصحافة السعودية كتبت بعضها في "الوطن" على مدى عامين كاملين وفى اليوم وفى بعض وسائل الإعلام وكله مثبّت وبالإمكان الرجوع إليه.

* يقال انه كان هناك قائمة سوداء تضم أربعة أسماء من الأعضاء ، مصادرنا تؤكد أنك أحدهم لماذا ؟
- قائمة ممنوعين تقصد .. أعتقد حسب ما أعرف أنني كنت محجوباً عن الإعلام المرئي والمسموع ، وأصلاً التلفزيون السعودي والإذاعة لا يحتملان صراحتي ويتحاشون الطويرقي لتفادي المشاكل (منذ مبطي) .. وبعدين أعذر مسئولي المجلس في مسألة احتمال عضو بهذه الأسلحة والأدوات ، فأنا مباشر وأعمل بنظام غير مستعمل في المجلس من قبل .. ألا وهو الوثائق والمعلومات المؤكدّة من أكثر من مصدر عن القطاع أو الجهة صاحبة العلاقة .. ولا أتذكر أنني تحدّثت في أي موضوع أو عن أي قطاع إلاّ وتحت يدي ما يثبت التجاوزات .. فأنا أستمع للناس، قريب من هموم البلد، وكل مطالباتي موثّقة والجهات نفسها تعرف بالضبط ما لدي من إثباتات وهو ما جعل العديد من الأجهزة التي تناولتها بالمداخلات والتوصيّات تحجم عن التعليق أو مساءلتي ناهيك عن ملاحقتي قضائياً أو إحالتي للتحقيق من مسؤولي المجلس.

* حضورك للجلسات كثير ، ولكن مشاركتك في التوصيات والمداخلات تكاد تكون معدومة .. هل كنت تشعر بالإحباط؟
- إحباط وقبلها مشاكس وما أدري "ويش بيجي بعدها ".. يا أخي الحبيب تجربتي في المجلس أنضجت الكثير في شخصيتي .. ولم أشعر بالإحباط أبداً وإلاّ لما استمريت في نفس الخط الذي كنت أعرف سلفاً أنه قد لا يؤتي ثماره إلاّ بعد وقت.. ولم أعرف اليأس أبدآ ولله الحمد لأنني مقتنع بأنني أعمل على مصالح وطن ومكتسبات مواطن ينبغي الدفاع دونها، فلا يكفي يا سيدي أن يكون العالم جميلاً وحسب وإنما يستحق القتال دونه.. وكنت أعرف سلفاً أنني أمارس عضويتي بشكل مغاير للمألوف تحت قبة المجلس، وأعرف أن هناك من الأعضاء والمسؤولين في المجلس من يتمنّى في قرارة نفسه أن يعمل بنفس أسلوبي لكن وكما تعرف كثيرون يؤمنون بالقيم الحقيقية في دواخلهم لكنهم لا يجسّدونها ولا يعملون على تحويلها لواقع .. أنا كنت أريد للمجلس أن يتحرّر من ممارساته الوظيفية الروتينية وخطابه التقليدي الذي لا يتناسب حتى ووعي القاعدة الشعبية في البلد ناهيك عن النخب وصنّاع القرار، والمضي قدماً في توسيع أدواره ومهامه الرقابية والتشريعيّة بما يوازي نمو البلد ونظامه الاجتماعي - السياسي - الاقتصادي.

* في مقعدك الشوري ، هل كانت لديك صلاحية أن تطرح ما يدور في خاطرك بحرية ؟
- أنا لا أنتظر الصلاحيات أن تمنح لي، وما كان متاحاً لي كان متاحاً لبقية الأعضاء في المجلس مع فارق بسيط أنني أملك شيئاً من الشجاعة كما أحسب لا أقل ولا أكثر .. أنا تعوّدت أن انتزع كل شيء يمس ما أؤمن به ولا أنتظر الهبات والمنح .. ولذلك لم أشكّك يوماً ما في مواقفي أو قناعاتي على الإطلاق حتى مع الضريبة القاسية التي قد أدفعها مقابل ذلك .. ومتأكد تماماً أنني رفعت سقف الممارسة وحرية الخطاب داخل المجلس بشكل غير مسبوق.

* لو قلت لك أنت متناقض في بعض الأفكار لديك .. ماذا تقول ؟
- واثق من أنني أعرف أهدافي، وقيمي واضحة ولا أساوم عليها أبداً، هكذا كنت وسأظل بإذن الله كذلك ما حييت .. ومن أين يأتي التناقض لشخص ظل دوماً حريصاً على ألا يقدم تنازلات شخصيّة أو مهنيّة لما يقارب الثلاثة عقود من العمل الصحافي والممارسة المهنيّة وقبل ذلك التجربة الأكاديمية.؟ ومسألة أن البعض يشعر بوجود تناقض لدي فهذه قضيته ولا شأن لي بما يود البني آدم حشره مزاجياً في جمجمته.

* بماذا تفسر التناقض في تصريحاتك عندما خرجتَ في الكثير من الوسائل الإعلامية المختلفة تتحدث عن قصور في الشورى ، وعندما خرجتْ إحدى حلقات " طاش " تنتقد الشورى كما هوقدك بالضبط خرجتَ أنت مرة أخرى تحمل فكراً آخر وتصريحاً مناقضاً لما كنا نعهده منك ؟.
- يا سيدي الفاضل، ظللت أصرخ لسنوات بأهمية الإعلام وضرورة وجوده داخل مجلس الشورى وفى المجتمع ، وانتقدت المجلس وتعاطيه مع الإعلام ، ولم تجد كل مقالاتي الحادة وغير المسبوقة لعضو في المجلس (أحيلك لصحيفة الوطن27و1428) .. وماكينة البلد الإعلاميّة معطوبة ولم تدعم أو تبنى على أطروحات جريئة وتخدم المسؤولية الاجتماعية للصحافة في البلد .. يعني بعبارة دقيقة صوت في الخلاء ، وكأن الإعلام غير معنّي بكل ما كنت أطالب به للإعلام وللصحافة النيابية .. طبعاً الخيار الوحيد هنا أن تصرخ بشكل مختلف لتوصل رسالتك طالما مؤسسات صحافية تتفرّج وتنتظر الهبات والمنح من مجلس الشورى دون أن تبادر للبنيان على ما كان يطرح من عضو من داخل الجسم النيابي .. أذكر أنني كتبت ثلاثة مقالات في الوطن ، استطعت أن أحصد خلالها ردود الفعل التي طالما تمنيّت تحقيقها ، وأنا أنافح عن المهنة وحقوق الرأي العام بتحريّك تلك الماكينة المعطوبة .. وفعلاً تقاطرت جحافل الكتبة والمستصحفين وأنصاف وأرباع المصنّفيّن صحافيين محترفييّن تنافح عن حقوق لا تستحقها أصلاً ومساحات اجتماعية ومؤسسية لم ترسم فيها حرفاً واحداً وأسقف ممارسة لم تعمل عليها بشكل مسؤول لصالح البلد ومؤسساته والمواطن فيه .. فعلاً في المقالتين الرابعة والخامسة أرحت أعصاب أرباب الصناعة من القانون الوهمي الذي لوّحت به في وجوههم .. أليس هذا ما تقصد بالتناقض ، أتفق معك شكلاً وأختلف مضموناً .. يكفي أن قضية الإعلام أثيرت ويكفي أن مؤسسات الإعلام استثيرت وفارت الدماء في عروقها للمرة الأولى .. يا سيدي تريد أن تقول لي إن هذا الإعلام لديه قضية يؤمن بها.