بني : بالأمس القريب أخبرني شيخك الذي تحفظ عليه القرآن أنك أتممت حفظ كتاب الله الكريم وأثنى عليك خيرا ، أستوقفني الخبر طويلا وهزني من الأعماق ، لاأخفيك انه أحدث بالحلق غصة لاأعرف كنهها ، واستدر من العين دمعة أجهل سببها ، أهي دموع الفرح ؟ أم هي دموع الفخر ان كان له دموع ؟!
يابني
بادئ ذي بدء أبارك لك اتمام هذا المشروع العظيم ، خير مشروع أفنيت فيه الأعمار وصرفت فيه الأموال ، ولكن دعني أهمس في أذنك ان ثمرة العلم العمل وأن الوسائل لايجب ان تحل محل الغايات 0 فعندما نضع الوسيلة في موضع الغاية نكون قد حكمنا على أنفسنا بالفشل وعلى عقولنا بالترهل وعلى انفسنا بالبلادة عافاك الله من كل ذلك 0
يابني
لاأخفيك سرا أنني أتوسم فيك النجابة والذكاء ، فمسيرتك التعليمية تشهد بذلك ولكن يابني للنجباء آفات لعل من أخطرها أنهم لايسلسون قيادهم لأحد مما يفوّت عليهم كثيرا من العلم والعمل ، لاأطلب منك ان تسلس قيادك لكل أحد فتلك تفاهة لاأرتضيها لك ، ولكن لاتأنف أن تستفيد من المخلصين المبدعين الذين لايمانعون أن لايكون طلابهم نسخة مكررة منهم فهؤلاء يجب الحرص عليهم والعض عليهم بالنواجذ ، هؤلاء يابني هم مفجرو الطاقات الكامنه ورعاة التميز الحر الذي ربما يكون على غير مثال سابق 0
يابني
أرغب اليك ان تهيئ نفسك لسنوات من الجد والاجتهاد وأوقات طويلة من النصب والسهر لكي تحلق في سماء الابداع وتجول في ملكوت التميّز وتحث الخطى في ميادين العلم النظرية منها والتجريبية لنقدم سويا ـــ أنت وأنا ــــ للمجتمع لبنة صالحة ومثالا يحتذى للذين يتسائلون كيف يتحالف الدين والدنيا 0
يابني
أخيرا أعدك أن أبذل طاقتي وأصرف جهدي ـــ بعد عون الله وتوفيقه ـــ في تذليل كل عقبة تعترض طريقك لكي لاتسلك الطريق الموحش ـــ طريق الطاعة العمياء ــــالذي سلكه أباك مرغما بسبب الفقر والفاقة ذاك الطريق الذي يقتل الطموح ويفلق هام الابداع وينحر الطمأنينة من الوريد الى الوريد ، طريقا أحدث في نفس أبيك وروحه جروحا وقروحا وندوبا يصعب ان تندمل مع مرور الأيام ، سأقاتل بكل سلاح لكي تنجو من بنيات هذا الطريق 0
وفقك الله في الدارين وسدد خطاك وألهمك رشدك وجنبك شر نفسك والشيطان 0