كل نصيحة ببعير



(( قصة رائعة ))



************ ********* ********* *****



يحكى أن أحدهم ضاقت به سبل العيش ،



فسئم الحياة وقرر أن يهيم على وجهه في بلاد الله الواسعة ،



فترك بيته وأهله وغادر المنطقة متجهاً نحو الشرق ،



وسار طويلاً وقادته الخطى إلى بيت أحد الأجواد الذي



رحّب به وأكرم وفادته ،



وبعد انقضاء أيام الضيافة سأله عن غايته ، فأخبره بها ،



فقال له المضيف : ما رأيك أن تعمل عندي على أن أعطيك ما يرضيك ،



ولما كان صاحبنا بحاجة إلى مكان يأوي إليـه ،



وإلى عملٍ يعمل فيه اتفق معه على ذلك .



وعمل الرجل عند مضيفه أحياناً يرعى الإبل



وأحياناً أخرى يعمل في مضافته يعدّ القهوة ويقدمها للضيوف ،



ودام على ذلك الحال عدة سنوات



كان الشيخ يكافئه خلالها ببعض الإبل والماشية .





ومضت عدة سنوات



اشتاق فيها الرجل لبيته وعائلته وتاقت نفسُه إلى بلاده وإلى رؤية أهله وأبنائه ،



فأخبر صاحب البيت عن نيته في العودة إلى بلده ،



فعزّ عليه فراقه لصدقه وأمانته ،



وأعطاه الكثير من المواشي وبعض الإبل وودّعه



وتمنى له أن يصل إلى أهله وهو بخير وسلامة..





وسار الرجل ، وبعد أن قطع مسافة طويلة في الصحراء القاحلة



رأى شيخاً جالساً على قارعة الطريق ،



ليس عنده شيء سوى خيمة منصوبة بجانب الطريق ،



وعندما وصل إليه حيّاه وسأله ماذا يعمل لوحده في هذا المكان الخالي



وتحت حرّ الشمس وهجير الصحراء ،



فقال له : أنا أعمل في التجارة .





فعجب الرجل وقال له : وما هي تجارتك يا هذا ،



وأين بضاعتك ؟



فقال له الشيخ : أنا أبيع نصائح .



فقال الرجل : تبيع نصائح ، وبكم النصيحة ؟!



فقال الشيخ : كلّ نصيحة ببعير .



فأطرق الرجل مفكراً في النصيحة



وفي ثمنها الباهظ الذي عمل طويلاً من أجل الحصول عليه ،



ولكنه في النهاية قرر أن يشتري نصيحة مهما كلفه الأمر



فقال له : هات لي نصيحة ، وسأعطيك بعيراً ؟





..فقال له الشيخ :



" إذا طلع سهيل لا تأمَن للسيل



" ففكر الرجل في هذه النصيحة



وقال : ما لي ولسهيل في هذه الصحراء الموحشة ،



وماذا تنفعني هذه النصيحة في هذا الوقت بالذات وعندما وجد أنها لا تنفعه



قال للشيخ : هات لي نصيحة أخرى وسأعطيك بعيراً آخر .





فقال له الشيخ :



" أبو عيون بُرْق وأسنان فُرْق لا تأمن له "



وتأمل صاحبنا هذه النصيحة أيضاً



وأدارها في فكره ولم يجد بها أي فائدة ،



فقال للشيخ هات النصيحة الثالثة وسأعطيك بعيراً آخر .





فقال له :



" نام على النَّدَم ولا تنام على الدم " .



ولم تكن النصيحة الثالثة بأفضل من سابقتيها ،



فترك الرجل ذلك الشيخ وساق ما معه من مواشٍ وسار في طريقه



وظل يسير لعدة أيام نسي خلالها النصائح من كثرة التعب وشدّة الحر.


يتبع