عبدالله الجعيثن
ينفذ في أنحاء المملكة الآن مشاريع ضخمة عملاقة جداً، في جميع المدن والقرى وفي البراري والصحاري، حيث تمتد الطرق الجديدة وتنشأ القطارات الحديثة، وحول بيتي في الرياض (وفي منطقة لا تتجاوز مساحتها ٥ كيلومترات مربعة) يعمل المقاولون ليل نهار، وتعمل الرافعات طوال الليل، العمل على قدم وساق في بناء الأبراج والمجمعات المالية وتوسعة الجامعات، وفي كل مكان من الوطن الحبيب هناك مشاريع بعشرات المليارات وليس الملايين.. غير المدن الاقتصادية وتوسعات المصانع ومشاريع التطوير العقاري في معظم المدن والقرى من بلادنا الواسعة.. وغير مشاريع النفط والغاز وما تقوم به أرامكو من توسعات لصالح اقتصادنا اليوم وغداً، ولخدمة المواطنين جيلاً بعد جيل..
كل هذا مشاهد على الواقع، وكله رائع، لكن السؤال الذي يحيرني هو:
لماذا لم تزد ودائع البنوك بشكل كبير مع هذا الإنفاق الحكومي الهائل؟
والسؤال الثاني والثالث: لماذا لم تقل البطالة بين السعوديين مع أن زيادة الإنفاق الحكومي تحتم زيادة السعودة؟ ثم لماذا لم تزد أرباح الشركات المساهمة (قطاع البناء والتشييد) بل ان بعضها تراجعت أرباحها رغم هذه الوفرة من المشاريع الحكومية الهائلة، ورغم أن هناك قراراً كريماً من مجلس الوزراء بتفضيل المنتجات الوطنية في جميع مشاريع ومشتريات الحكومة؟
حيرتني هذه الأسئلة فعللتها بجواب واحد، وهو قلة المقاولين الذين استلموا هذه المشاريع، واقتصار من استلموها على تأمين المواد من الخارج (عدا الأسمنت والحديد لتكلفة النقل)، وعدم جديتهم في السعودة، وقلة تدويرهم المبالغ المصروفة لهم داخل المملكة، فلو دورت تلك النقود في الداخل لدارت العجلة الاقتصادية بقوة وعم الازدهار، وقلت البطالة وزادت أرباح الشركات المساهمة وانتعش سوق الأسهم الذي لا يزال هشاً ضعيفاً هزيل السيولة والأداء.
إن الحكومة بهذا الإنفاق الهائل تريد بناء مشاريع منتجة وتحريك اقتصاد البلد كله، الهدف الأول تحقق والثاني ضعيف للأسباب السابقة.