دمشق - مكتب "الرياض"، عماد سارة:

تحتل المملكة العربية السعودية المركز الأول في التجارة البينية مع سوريا إذ تجاوزت قيمة السلع المتبادلة بين البلدين 400مليون دولار حسب إحصائية عام 1999(لايوجد احصائيات حديثة) ويشكل حجم الصادرات السورية للسعودية من 30- 40% من مجمل تجارة سورية مع الدول العربية، و 59% من الصادرات السورية إلى دول الخليج العربي، في حين تستحوذ السعودية على 78% من إجمالي الصادرات الخليجية إلى سوريا، ويؤكد المحللون الاقتصاديون أن زوار سوريا من السعوديين يصرفون حوالي 365مليون دولار سنويا لشراء السلع والمنتجات السورية، في حين يصرف السوريون من زوار السعودية ما قيمته مائة مليون دولار سنويا لشراء السلع والمنتجات السعودية.
ومن المتوقع أن تبقى المملكة العربية السعودية الشريك التجاري الأول لسوريا خلال السنوات العشر القادمة نتيجة الإجراءات والقوانين التي تم اتخاذها مؤخرا لتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين الشقيقين من خلال اجتماعات اللجنة المشتركة السورية السعودية للتعاون الثنائي التي يرأسها وزيرا خارجية سوريا والسعودية علما أن العلاقات التجارية بين البلدين ينظمها اتفاق عام 1972الذي يقضي بإعفاء المنتجات السعودية المستوردة من قبل سوريا من الرسوم الجمركية وكذلك إعفاء معظم المنتجات السورية المصدرة للسعودية من الرسوم. كما ينظم العلاقة اتفاق منطقة التجارة الحرة التي وقعت مطلع العام الماضي. ومن المتوقع أيضًا أن يبلغ مجموع التبادل التجاري الرسمي والموازي بين السعودية وسوريا (أكثر من مليار دولار) مع نهاية عام 2003على الرغم من بعض العراقيل والصعوبات التي تعترض التجارة بين البلدين والتي أكدت دراسة حديثة بأن أهم هذه الصعوبات هي تشدد الجانب السعودي في التخليص الجمركي وتطبيق المواصفات القياسية إضافة إلى أن البضائع المصدرة بالترانزيت تلقى صعوبات في التخليص والنقل عبر الحدود وصعوبة الحصول على تأشيرات لدخول السعودية لأغراض التجارة أ
ما العوائق التي تواجهها الشركات السعودية عند التصدير إلى سوريا فهي عوائق تتعلق بالاتفاقيات المشتركة كالرسوم غير الجمركية المتعددة وتقييد استيراد المنتجات السعودية بالقطاع العام ومنع بعض المنتجات الزراعية بالإضافة إلى متطلبات تصديق شهادة المنشأ والفاتورة من قبل السفارة السورية التي تبلغ 1500دولار رغم كون بعض البضائع قيمتها منخفضة وكون الإجراءات تتطلب وقتا طويلا مما يحمل العبء للمستهلك السوري.
الاستثمار السعودي في سوريا
شهدت سوريا مؤخرا كماً مقبولاً من الاستثمارات السعودية نتيجة الجهود الضخمة التي بذلتها الحكومة السورية لتحسين مناخ الاستثمار، بالإضافة إلى الإصدار المتلاحق لقوانين خاصة بتشجيع جميع أنواع الاستثمارات عن طريق تقديم المزايا والتسهيلات الضرورية.
وقد تُوِّجت هذه النماذج من التشريعات بإصدار قانون الاستثمار رقم 10وهو أول قانون موحد للاستثمار في القطر. ويعتبر خطوة هامة باتجاه تشجيع رجال الأعمال السوريين والعرب والأجانب على ضخ الأموال والدخول في مشاريع استثمار ستكون ذات فائدة للاقتصاد السوري. وقد تضمن هذا القانون أحكاماً تحدد مجالات الاستثمار، والشروط التي ينبغي مراعاتها في المشاريع، بالإضافة إلى المزايا والتسهيلات والإعفاءات المقدمة لها، والحق في فتح حساب بالعملات الأجنبية، وأحكاماً خاصة باستثمار رؤوس الأموال الأجنبية. وكذلك فقد تقرر إنشاء مجلس أعلى للاستثمار ومكتب لشؤون الاستثمار.
وفي إطار الاستثمارات السعودية في سوريا فقد أوشك فندق فور سيزن في وسط العاصمة السورية على الانتهاء وتعود ملكية هذا الفندق إلى الشركة السورية السعودية للاستثمارات السياحية، ويملك الجانب السعودي ممثلاً بالأمير الوليد بن طلال فيها 65%، ويبلغ رأسمال الشركة ( 90مليون دولار)، ويتضمّن المشروع إقامة فندق من 342غرفة وخمسة مطاعم وخدمات سياحية كاملة. وسيكون الفندق السادس من نوعه في منطقة الشرق الأوسط ضمن فروع السلسلة العالمية لفنادق"فورسيزن" التي يملك الأمير الوليد بن طلال نسبة 25% من أسهمها
ومن جانب آخر..فقد ابرمت (شركة الشام للنقل البحري السعودية- السورية المشتركة) صيغة عقد لتصنيع وشراء سفينتين مع شركة صينية بتكلفة ( 22مليون دولار)، حمولة كل منها ( 6.5آلاف طن)، وتستوعب 600حاوية، وينص العقد على تسليم السفينتين خلال 22شهرًا من تاريخ توقيع العقد وقد تم بالفعل تسلم السفينة الأولى.
ويذكر أن شركة الشام هي أول شركة مشتركة للنقل تأسست عام 1994م بموجب قانون الاستثمار رقم 10كشركة مساهمة متنقلة يعادل رأسمالها 20مليون دولار، تشارك فيه مجموعة (دلَّة البركة السعودية) بنسبة (40.30%)، وتشارك الحكومة السورية بنسبة 25%، وتعود بقية النسبة إلى 13مستثمرًا سوريًّا.
كما تم تدشين مدينة (الأرض السعيدة) للألعاب في أبريل 1998م على طريق مطار دمشق الدولي، وتبلغ مساحة المدينة (بكامل خدماتها) 160ألف متر مربع، وتضمّ أفضل الألعاب في العالم، فضلاً عن وجود شاليهات (أربعة نجوم)، وحمامات سباحة، وسوق تجارية، ومطاعم مبنية جميعًا على الطراز الدمشقي القديم.
وكان المجلس الأعلى للاستثمارات قد وافق مؤخرًا على مشروع تقدمت به شركة سعودية سورية لتربية وتسمين الأغنام في محافظة حماة برأسمال ( 1.30مليون دولار)، وتبلغ طاقة المشروع السنوية تربية 1364رأس غنم، بالإضافة إلى إنتاج الحليب والألبان. كما وافقت سوريا على مشروع للألبان والعصائر الطبيعية مقدم من شركة سورية- سعودية تبلغ كلفته مليوني دولار، وتبلغ الطاقة السنوية له 9.7ملايين عبوة حليب ولبن وعصير فواكه طبيعية.
آراء رجال أعمال في الاستثمار في سوريا
احد المستثمرين السعوديين في سوريا أكد أن الإصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها الحكومة السورية كثيرة ومتعددة، لكن المهم هو انعكاس هذه الإصلاحات على رجال الأعمال والمستثمرين العرب، وأضاف سوريا تُجري تعديلات كثيرة في قوانينها المتعلقة بالاستثمار سواء ما يتعلق بالأمور المالية أو الإدارية، إلا أن الصورة ما زالت غير واضحة أمام المستثمر حتى يتمكن من خوض المخاطرة الاستثمارية، كما أن الأمور الضريبية والأمور المتعلقة بقضية إدخال واخراج رؤوس المال وتعدد الجهات المسؤولة في العملية الاستثمارية بشكل عام تحتاج إلى شفافية ووضوح أكثر؛ فالمستثمر يهمه أن يعرف كيف ستتم معاملته قبل اتخاذ القرار.
رجل أعمال سوري قال: إن الدولة مهتمة بتطوير القطاع الخاص، ونحن بحاجة أن نرى على أرض الواقع قرارات عملية تصدر لتشجيع الاستثمار، فالمستثمر بحاجة أن يشعر بالأمان والاستقرار. وهناك -كما لاحظت- خوف من قبل المستثمرين، وهذا الخوف قديم وله أسباب سابقة، تتعلق بقوانين التأميم وبعض الإجراءات المتخذة سابقاً. ولا بد من اتخاذ قوانين وقرارات سريعة لمواجهة الركود الاقتصادي، ويؤكد أن في سوريا مشاريع كبيرة، وهناك أموال كثيرة لكنها بحاجة إلى إجراءات مناسبة.
نبيل سكر محلل اقتصادي سوري اكد أن ثمة مخاوف وطلبات من جانب المستثمرين ورجال الأعمال، ما زالت تمنعهم من الدخول بقوة في ميدان الاستثمار في سوريا، والسؤال الطبيعي، أساسه: كيف تزيل الحكومة السورية هذه المخاوف، وكيف تلبي طلبات المستثمرين؟ وذكر أحد المستثمرين السعوديين للرياض أن شركته على استعداد فوري لاستثمار 250مليون دولار مقابل أن يكون هناك جدوى اقتصادية لمشروع بعد معرفة قيمته وخطته وإجراء الدراسات المعمقة له.
وغمز أحد الاقتصاديين للرياض قائلا لا يحتاج السوريون إلى استثمارات عربية أو أجنبية، يكفي أن لديهم خارج سوريا نحو ستين مليار دولار، وأعتقد أنها تكفي لتغطية كل احتياجات الاستثمار في سوريا!!.