المسألة الثامنة
من رأى هلال شوال وحده وَرُدَ
إذا رأى المسلم هلال شوال وحده وَرُدَ قوله هل يجوز له الفطر ؟
بعض أصحابنا أجاز له الفطر كرأي مالك والشافعي، وابن عقيل صرح بوجوب الفطر سراً ، لارتباط الفطر بالرؤية، وبعضهم منع ذلك واستدل المانعون بالحديث الذي رواه أبو داوود الترمذي واللفظ للترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله وسلم : (الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون) وإسناده حسن،،
وهذا الرأي هو الراجح و اختاره شيخ الإسلام رحمه الله .
المسألة التاسعة
من يلزمه الصوم
يلزم كل مسلم مكلف قادر مقيم خال من الموانع .
مسلم: لقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}(183) سورة البقرة..
فلا يصح الصوم من الكافر ولكنه يعاقب على تركه ، فالمانع من صحة الصوم هو الكفر، بل إن الكفر مانع من صحة وقبول جميع الأعمال قال تعالى { وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ} (54) سورة التوبة، وقال تعالى {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا} (23) سورة الفرقان، وإذا كان المسلم متوعدا بالعقاب على تركه للصوم فالكافر من باب أولى،
مكلف: فلا يجب على غير المكلف كالصغير والمجنون، باتفاق الأئمة، والدليل على ذلك ما رواه الإمام أحمد وأبو داوود وغيرهما عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله وسلم (رفع القلم عن ثلاثة عن المجنون حتى يفيق وعن الصغير حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ )..
مسألة هل يؤمر الصبي بالصوم؟ يؤمر الصبي بالصوم إذا أطاقه، من أجل أن يعتاده، وثبت هذا عن بعض السلف كما في المصنف عن ابن سيرين وعروة بن الزبير وغيرهما ، ولكن هل يضرب عليه؟ الصواب أنه لا يضرب عليه لعدم الدليل،،
وأما قياسه على الصلاة فممتنع لأن القياس في العبادات ممتنع ..
و المشقة التي تلحقه بأداء الصلاة يسيرة ، وأما المشقة التي تلحقه بالصوم شديدة ،
قادر / فلا يجب على العاجز عنه لكبر أو مرض أو نحوهما .لقوله تعالى {أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} (184) سورة البقرة.
مقيم : فلا يجب على المسافر، للآية الآنفة الذكر ، ولكن يجب عليه القضاء ،
خال من الموانع: مثل الحيض والنفاس فلا يجب عليهما إجماعاً ويجب عليهما القضاء، لقوله صلى الله عليه وسلم:
( أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم) روا الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه..
المسألة العاشرة
من علم بدخول رمضان أثناء نهاره
إذا قامت البينة أثناء نهار رمضان وجب عليه الإمساك كما لو لم يعلم بدخول رمضان إلا في وقت الظهر، وهل عليه قضاء، ذهب الجمهور إلى أن عليه القضاء. واستدلوا بحديث حفصة رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له ) رواه النسائي وهذا لفظه ، وأبو داوود والترمذي بلفظ من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له، وذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يجب عليه الإمساك دون القضاء واستدلوا بالحديث الذي رواه البخاري عن هشام بن عروة عن فاطمة عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت أفطرنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يوم غيم ثم طلعت الشمس ،(( ولم يذكر في الحديث أنهم أمروا بالقضاء )) ،
وبما أخرجه البخاري ومسلم عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلا من أسلم أن أذن في الناس أن من أكل فليصم بقية يومه،، ومن لم يكن أكل فليصم فإن اليوم يوم عاشوراء..،، ووجه الدلالة من هذا الحديث أن صيام عاشوراء كان واجبا ثم نسخ وجوبه وصار صوم رمضان بدلا منه والبدل له حكم المبدل منه ،،
وقد دل الحديث على أن وجوب النية مرتبط بالعلم فلما صام بعض الصحابة بنية من النهار و لم يؤمروا بالقضاء دل على عدم وجوبه ..
المسألة الحادية عشرة
الحائض والنفساء إذا طهرتا والمسافر إذا قدم مفطراً والمريض إذا برئ
روايتان في المذهب:
الأولى: أنه يلزمهم الإمساك والقضاء، والعلة في ذلك احترام الزمن ، والحكم يدور مع علته وجودا وعدما فلما زالت العلة زال الحكم وهو الفطر ووجب الصوم.
الثانية: أنه يلزمهم القضاء ولا يلزمهم الإمساك ، وقالوا الأصل براءة الذمة فمن أوجب الإمساك فعليه بالدليل، كما استدلوا بالأثر الذي رواه البيهقي وابن أبي شيبة في المصنف قال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ( يعني ابن مسعود) مَنْ أَكَلَ أَوَّلَ النَّهَارِ فَلْيَأْكُلْ آخِرَهُ ، ورواه أيضا ابن عون عن ابن سيرين عن عبد الله رضي الله عنه، وعللوا ذلك بعدم الفائدة من هذا الإمساك ، وأما حرمة الزمن فقد انتهكت بعذر شرعي،، وهذا هو الرأي الراجح..
المسألة الثانية عشرة
من أفطر لكبر أو مرض لا يرجى برؤه
من أفطر لكبر أو مرض لا يرجى برؤه أطعم لكل يوم مسكيناً سواء مدًا من بر أو نصف صاع من غيره على أن يملك كل مسكين صاعاً أو يجمعهم على طعام يكفيهم كما نقل البخاري في صحيحه معلقا عن أنس رضي الله عنه ووصله أبو يعلى وعبد الرزاق بإسناد صحيح أنه أطعم بعد أن كبر عاما أو عامين عن كل يوم مسكينا خبزا ولحما وأفطر، ورواية أبي يعلى ذكر فيها أن أنسا رضي الله عنه ضعف عن الصوم فصنع جفنة من ثريد فدعا ثلاثين مسكينا فأطعمهم.. واختار شيخ الإسلام أن يطعم من أوسط ما يطعم أهله ، مثل كفارة اليمين.
المسألة الثالثة عشرة
المريض
ينقسم المرض إلى قسمين :
الأول: مرض لا يرجى برؤه، فلا يرجى معه القضاء ، ففي هذه الحال يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا إلحاقا له بالشيخ الكبير.
روى البخاري في صحيحه عن عطاء سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقرأ{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ َ}(184)سورة البقرة. فقال ابن عباس ليست بمنسوخة هي للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكينا.
الثاني: مرض يرجى برؤه وله أحوال ثلاثة:
1. أن لا يضره الصوم ولا يشق عليه ، مثل الصداع ونحوه فهذا لا يجوز له الفطر لأن اليسير كالعدم.
2. أن يشق عليه الصوم ولا يضره فهذا يسن له الفطر، ، للآية الكريمة{ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } (185) سورة البقرة، ويكره له الصوم لأنه عدول عن رخصة الله تعالى ، روى الإمام أحمد وابن خزيمة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته).
3. أن يضره الصوم فهنا يحرم عليه الصوم و يجب عليه الفطر، لقوله تعالى { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ }(195) سورة البقرة،ولقوله صلى الله علية وسلم " لا ضرر ولا ضرار" رواه أحمد و ابن ماجه والحاكم ، وهو حديث قوي بطرقه،
فالمرض الذي يبيح الفطر هو ما وجد معه مشقة لأن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً .
المسألة الرابعة عشر
في المرض يعمل بقول الطبيب
يؤخذ ويعمل بقول طبيب عالم ثقة إذا قال بالضرر، وهل يشترط كونه مسلما ؟ قولان والراجح أنه لا يشترط ذلك.
يتبع..........