يحكى في سالف الأزمان .... عن مفتاح .... من يملكه .... يستطيع قراءة عقل أي شخص .....
وحفاظا عليه من الأيدي العابثة .... فقد رمي به البحر .... حتى يستحيل الوصول اليه
...............................................
عبد الرحمن .... رجل خاض غمار الحياة .... واكتسب الكثير من خلال التجارب التي مر بها ....

كان يعيش في مملكة حاكم عادل .... لديه اربعة من الابناء .... هم ورثة عرش تلك المملكة....
ولما يتصف به عبد الرحمن من الحكمة والرأي السديد .... فقد اختاره ذلك الحاكم مستشارا لمملكته
مرض الحاكم ....وأحس بدنو اجله .... وإضافة الى مرضه ... تولد لديه هم كبير بسبب حبه لشعبه ....
فمن يحكمهم بعد موته .... فأوكل مهمة اختيار الحاكم الجديد الى عبد الرحمن
كل ابن من ابناء الحاكم .... لديه عالمه الخاص .... فعلى عبد الرحمن اكتشاف عوالمهم وما يخفون ... لكي يختار الرجل الصحيح لحكم المملكة
..............................................
في احدى الليالي المقمرة .... وعلى انغام أمواج البحر المتلاطمه .... وهي تداعب رمال الشاطئ .... مشى عبد الرحمن ....
وهو مثقل بتلك الأمانة .... فاختيار القائد لهذه المملكة ليس بالامر الهين
وبينما هو كذلك .... وإذا بذلك الموج وهو يضرب الشاطئ.....
وانحسر مخلفا وراءه زجاجة مغلقة
اخذ عبدالرحمن الزجاجة وفتحها .... واذا بورقة بردي ملفوفة ....
ما ان فتحها حتى سقط منها مفتاح ذهبي اللون
كانت الورقة تتحدث عن قوة ذلك المفتاح .... وعن كيفية استخدامه ...
وتحذر من وقوعه في الايدي الخاطئة
في هذه اللحظة .... انشرح صدر عبدالرحمن .... وكأن جبلا قد انزاح عنه ....
باستخدام هذا المفتاح .... سيستطيع الدخول الى عقول أبناء الحاكم ....
وسيتمكن حينها من اختيار الرجل الذي سيرقى بالمملكة وبشعبها
......................................
طلب عبد الرحمن من ابناء الحاكم ان يبقوا بحجراتهم ....
أتى إلى الاول .... الذي كان كثير الترحال بين الممالك ..... فدخل عليه في حجرته .... وقابله وجها لوجه .....
اخرج عبد الرحمن المفتاح .... وادخله في منتصف جبهته .... وأدار المفتاح
دخل عبد الرحمن الى عقل الابن الاول ..... دخل الى عالم مظلم ....
وكأن النور لم يسطع فيه قط .... قد حجب ضوء الشمس عنه بالكسوف .... فملأ السواد هذا العالم
مشى قليلا في عقله .... فلم يجد الا الخراب ......
بيوت مدمرة .... وصحاري قاحلة ..... عالم لم يعمر ابدا
خرج عبد الرحمن من عقل الابن الاول .... وقد استنتج انه لا يمكن في يوم من الايام ان يكون حاكما
....................................
دخل على الابن الثاني في حجرته..... والذي عرف عنه كثرة الجدال مع والده ....
وكما فعل في السابق ادخل المفتاح لكي يستكشف عقل الابن الثاني ....
فوجده عالما كئيبا .... قد ملئ بالصراخ .... في كل شبر في ذلك العالم ....
يوجد أناس قتلى .... تكونت بحيرات وانهار من دماءهم ....
هنا تسمع بكاء أرامل وثكلى .... وهناك أناس تعطشوا لسفك الدماء ....
استنتج عبد الرحمن أن رجلا بهذا التفكير لا يمكن أن يحكم المملكة
وحان دور الابن الثالث .... والذي اشتهر بلسانه المعسول في أخذ ما يريد .....
وكما في الأخوين السابقين .... أدخل المفتاح ..... فدخل في عالم ...
ملأ (بضم الميم وكسر اللام) بأنواع القصور .... ينبهر من يراها بجمالها وحسن زخرفتها ....
لكن حين دخل إحداها .... لم تكن تلك الزينة إلا ستار لمكان قد حطت الظلمة رحالها عليه .....
وكانت الزخرفة واجهة لخرابة وليس قصرا ..... ابواب محطمة ...... وغرف مهجورة ..... والقذارة تملئ المكان ......
وفي النهاية .... كان رأي عبد الرحمن ان الابن الثالث ليس أهلا بأن يكون حاكما
......................................
بقي الابن الرابع .... والذي كان محبوبا لشعب تلك المملكة ....
وكما حصل مع الأبناء الثلاثة .... أدخل المفتاح وهو في حالة خوف أن يكون مثل أخوته .....
ولما أدار المفتاح .... دخل إلى عالم لم يرى مثله قط .....
الخضرة تملئ المكان ....... وأشعة الشمس الذهبية ..... تداعب السماء الزرقاء الخاليه من الغيوم السوداء .... وتمد ذلك العالم بالنور ......
قد أطرب مسمعه تغريد العصافير ..... وهي حرة تحلق في السماء ..... أدرك عبد الرحمن ان هذا الأبن هو من يستحق العرش وحكم المملكة
بعد انتهاء مراسم التتويج .... أعاد عبد الرحمن المفتاح الى الزجاجة ..... ثم القاها بعيدا في البحر .... حتى لا يساء أستخدامها
........................................
انتهت القصة ..... والكل يعلم أن وراءها مغزى ..... ذكرت في القصة أربعة عوالم أو أربعة انماط تفكير لبعض فئات المجتمع
الاول ذلك العالم الذي يعيش فيه ( العلمانيون) أو من بعد عن الطريق الصحيح ..... عالم حجب منه نور الحق وأصروا على الأبتعاد عنه ..... وأسدل على قلوبهم ظلام الباطل .... حتى خلفوا ورائهم الدمار والخراب وأبعدوا الناس عن الطريق المستقيم
الثاني وهو عالم أولئك الذين خرجوا عن طاعة ولي الأمر ..... واستهدفوا الابرياء .... وخلفوا ورائهم الحزن والأسى لثكلى وأرامل وأيتام ..... اتخذوا الدين ستارا لهم .... حتى شوهوه ... فأصبح الإسلام يقترن بالإرهاب وهو بعيد كل البعد عنه
الثالث عالم المنافقين الذين لا تهمهم الا أنفسهم ..... يظهرون بأكثر من وجه لنيل مصالحهم .... خانوا الأمانات التي أؤتمنوا عليها .... فراح ضحيتها أبرياء لا ذنب لهم بأفعال أولئك الخونة
الرابع وهو العالم الذي نريده.... عالم من عرف الطريق السوي ..... قد ملأ نور الحق قلبه .... ونقاه من الحقد والحسد .... عالم مليء بالحب والود والتسامح .... قد احب الناس من اتصف بهذه الصفات
سؤال اختم به ما سطرت ..... أي العوالم ستختار العيش فيه ؟؟؟؟