سلام عليكم طبتم جميعا أخواتي وأخواني في منتدى رفحاء
في الغالب لا أجد في نفسي الرغبة ولا الميل لكتابة مواضيع تتناول السياسة، وتحديدا واقع بلدي العراق الذي دخل في فوضى المساومات الإقليمية والدولية حتى ما عاد في وسعه أن يكون قادرا على تلمّس جراحه.
في حكومة المالكي الأولى تم تكريس الطائفية على نحو لم يسبق له مثيل في تاريخ العراق المعاصر.
فتاريخيا اشتركت جميع أعراق وطوائف وملل ونحل العراق في بلورة الصورة التي أصبح عليها منذ أن امتلك زمام نفسه وأمره وخرج على سلطة الدولة العثمانية والوصاية البريطانية.
و احتفظت لنا المصادر بروايات تؤكد اشتراك الجميع في مقارعة الإحتلالين وقدرة الشعب العراقي على خلق نسيج اجتماعيّ متين ومتماسك استمر على صورته هذه حتى مجيء الحكومة التي تسللت إلى العراق من خارجه.
في الحقيقة لم يكن وضع العراق على أيام الدولة السابقة بأفضل مما هي عليه الآن. ولكن بالرغم من سيئات حكومة صدامة وعنفها إلا أنها لم تفرّط بوحدة العراق وترابه وتفتيت بنياته الإجتماعية.
نعم كان العراق يكابد مشاق اقتصادية كبيرة وكانت المعتقلات تعجّ بسجناء الرأي، وكان هناك حضرا كاملا للأحزاب وتضييقا على الحريات العامة وتقييدا لحركة الناس وحروبا غامضة ما أنزل الله بها من سلطان ، ولكن كل تلك المساويء أصبحت حسنات يحنّ إليها العراقيون بمجرد مقايسة ومقارنة بما آل إليه الوضع خلال السنوات القديمة المنصرمة.
ماذا فعلت حكومة المالكي أكثر من تكريس الحسّ الطائفي والإلتفاف على شرعية الإنتخابات من خلال دفع القائمة العراقية بعيدا عن استحقاقاتها الدستورية؟.
وبالطبع فإن ذلك تم من خلال الضغط عليها برحلات استهدفت دول الطوق الإقليمي، كإيران وتركيا وسوريا، وإجبار قائمة الأحرار (مقتدى الصدر) الطائفية واستمالتها وإغرائها بمناصب سيادية وأمنية.
كيف سيكون العراق الذي لم يشهد عملية إنماء حقيقية خلال الفترة الماضية مع صعود ذات الأحزاب وذات الأسماء ضمن منطق المحاصصة؟
وأكثر ما يؤلم أن الأمر برمته وأعني هنا أمر الفساد والمفسدين لم يعد محصورا في طائفة بعينها، بل أخذ يكون فعلا جمعيا يشترك فيه الشيعيّ والسنيّ والكرديّ، وما زال القضاء يحرّك بين فترة وأخرى قضية أيهم السامرائي وزير الكهرباء السنّي السابق وعبد الفلاح السوداني وزير التجارة الشيعيّ السابق وسطوهما على مبالغ طائلة وهروبهما خارج العراق.
أو المساومات الكردية على استقلال اقتصاديات الإقليم عن حكومة المركز في بغداد.
لك الله يا عراق
لقد أثخنوك بسكاكينهم الطائفية
ولكن لابدّ من يوم سيزهق فيه باطلهم ويعود العراق ثانية إلى محيطه أكثر قوة وثباتا.