آخر المشاركات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 5 من 5
  1. #1
    عضو نشيط

    محب العدل غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Aug 2005
    المشاركات
    89

    شيوخ بني أمية " طبعة جديدة "

    د. عبدالعزيز العبداللطيف | 24/1/1432 هـ




    سئل عبد الله بن المبارك عن الملوك؟ فقال: الزهاد, قيل: فمن السّفلة؟ قال: الذي يأكل بدينه, (صفة الصفوة لابن الجوزي 4/139)، ولما أراد يزيد بن عبد الملك أن يسير بسيرة عمر بن عبد العزيز- رحمه الله - فجاء إليه جماعة من شيوخ بني أمية فحلفوا له بالله الذي لا إله إلا هو أنه إذا ولّى الله على الناس إماماً تقبل الله منه الحسنات وتجاوز عن السيئات.



    قال ابن تيمية: "كثير من أتباع بني أمية - أو أكثرهم - كانوا يعتقدون أن الإمام لا حساب عليه ولا عذاب, وأن الله لا يؤاخذهم على ما يطيعون فيه الإمام, بل تجب عليهم طاعة الإمام في كل شيء, والله أمرهم بذلك.." (المنهاج 4/541) هذه الطاعة العمياء كانت مضرب المثل, فيقال "طاعة شامية"! بل إن الخصوم قد أدركوا ذلك, حتى قال داعي الدولة العباسية "أما أهل الشام فلا يعرفون إلا طاعة بني مروان" (المنتظم لابن الجوزي 7/56).



    وها هو الحجاج المبير قد استعبدته هذه الطاعة, ثم هو يحاصر عبد الله بن الزبير- رضي الله عنهما - في البلد الحرام, ويصيح قائلاً: يا أهل الشام الله الله في الطاعة! ( البداية لابن كثير 8/329 ), وكان الحجاج - ومعه سيّده عبد الملك بن مروان - يقولان: "ننهى عن ذكر عمر الفاروق - رضي الله عنه - فإنه مرارة للأمراء مفسدة للرعية"! ( البداية 9/66 ) .



    ومن خطب الحجاج: "اسمعوا وأطيعوا ليس فيها مثنوية لأمير المؤمنين عبد الملك". (أخرجه أبو داود 4643)

    واستمر الحجاج على إدمان الطاعة العمياء حتى هلك, فقد جاء في وصيته أنه لا يعرف إلا طاعة الوليد بن عبد الملك عليها يحيى, وعليها يموت, وعليها يبعث!! (البداية 9/139)



    هذه الوثنية السياسية لم يسكت عنها سلف الأمة, فما كان لقمع السطوة الحاكم أن يمنعهم من تبليغ رسالات الله تعالى, فإن الإمام الزهري - رحمه الله - لما سأله الوليد بن عبد الملك عن حديث "إن الله إذا استرعى عبداً الخلافة كتب له الحسنات, ولم يكتب عليه السيئات" , فقال : هذا كذب , ثم تلا قوله تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} ص26, فقال الوليد: إن الناس ليغروننا عن ديننا. (فتح الباري 13/113)



    وكان الحسن البصري - رحمه الله - يقول: سيأتي أمراء يدعون الناس إلى مخالفة السنة فتطيعهم الرعية خوفاً على دنياهم, فعندها سلبهم الله الإيمان، وأورثهم الفقر ونزع منهم الصبر, ولم يأجرهم عليه.

    وقال الشعبي: "إذا أطاع الناس سلطانهم فيما يبتدع لهم أخرج الله من قلوبهم الإيمان وأسكنها الرعب".

    وقال يونس بن عبيد: "إذا خالف السلطان السنة, وقالت الرعية قد أمرنا بطاعته أسكن الله قلوبهم الشك وأورثهم التطاعن" (الإبانة الصغرى لابن بطة صـ55)



    وإن كان هؤلاء الشيوخ قد أضحوا أثراً بعد عين إلا أن داءهم قد استفحل في السنوات الأخيرة, فهناك نماذج أكثر نفاقاً وتملقاً من شيوخ بني أمية, بل صار العقلاء يترحمون على شيوخ بني أمية لما رأوا أفراخهم وورثتهم, وكان الشعبي يقول: " يأتي على الناس زمان يصلّون (يدعون) للحجاج! فهذا الصنف مصابٌ بالوله للأمراء والهيام بالحكام! فلا يزال لسانه رطباً بذكرهم, ويستهلّ حديثه بتعظيم إمام الزمان, ويختمه بالتسليم والإذعان للسلطان!



    ومن المفارقات أن الروافض قد تململوا وضجروا من وثنية أصل "الإمامة" عندهم, فأحدثوا تبديلاً وتمرّداً على ما أصّلوه كما صنع الخميني في "ولاية الفقيه", وفي المقابل فإن بعض متسننة هذه العصر قد اعتراهم هذا النَفَس الرافضي المتهافت من حيث لا يشعرون, فتراهم يقررون بلسان الحال أو المقال أن الإمامة مقصودة لذاتها, وأن للإمام "المنتهى" أو قريباً من ذلك!



    وقد قرر المحققون من أهل العلم أن مقصود جميع الولايات أن يكون الدين كله لله عز وجل, وإصلاح دين الناس , فالولاة إنما نصبوا من أجل إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما هو محرر في الأحكام السلطانية للماوردي صـ5, والحسبة والسياسة الشرعية لابن تيمية بمجموع الفتاوى 28/61 , 262 والطرق الحكمية لابن القيم صـ217.



    وقال الطيبي في شرحه لحديث "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته"

    "في هذا الحديث أن الراعي ليس مطلوباً لذاته, وإنما أقيم لحفظ ما استرعاه المالك فينبغي أن لا يتصرف إلا بما أذن الشارع فيه" (فتح الباري 13/13)



    ثم إن متسننةً قد خلعوا لقب "الإمام" و"أمير المؤمنين" ونحوهما على حكام يجاهرون بالعلمنة في السّراء والضراء والمنشط والمكره وينابذون الشرع المنزّل بل و المؤول, حتى أفتى بعضهم - في هذه الأيام - بقتل أحد المرشحين في الانتخابات, لأن في ذلك منازعة وافتياتاً على الإمام الأعظم, والذي قد أَذِن بمسرحية الانتخابات وأقرّها!



    إنها بلاهة صلعاء وتزلف مقيت, وشماتة بأهل السنة والجماعة ولئن كان قمع الحكام واستبدادهم قد خلّف مهانة وخوراً عند قوم, كما أورث تملقاً ومداهنة عن آخرين, فلن تخلو الأرض من قائم لله بحجة من الذين يبلغون رسالات الله ولا يخشون أحداً إلا الله, ولئن عجز الكثير عن الصدع بالحق فلا أقل أن يسكتوا عن التلبيس وتزويق الباطل وتلميع الطاغوت.



    ولئن كان بعضهم يتدثّر بلبوس خوف الفتنة.. فلا يُسوّغ ذلك أن تُضفى الشرعية الإسلامية على أنظمة علمانية صارخة في نظمها وموادها, وإنما جاءت الشريعة الإسلامية بتحصيل المصالح وتكميلها ودرء المفاسد وتقليلها, فكما يتعيّن مجانبة التزلف الرخيص والإفك المبين وقلب الحقائق, فكذا تراعى قواعد المصالح والمفاسد, فلا يصلح التهور والمصادمة لهذه الأنظمة دون فقه لتلك القواعد والأصول.



    والتحذير من التهوّر والطيش لا يبرر تقديس الحكام ومداهنتهم, وإن نقد الأنظمة والحكام ومحاسبتهم لا ينفك عن محاسبة أنفسنا وتقويمها, إذ هما أمران متلازمان, فكما تكونوا يُولّى عليكم, فظهور المعاصي وتنوّع الكوارث والبلايا ملازمٌ لظلم الحكام وبطشهم وكما قال ابن القيم: "قد جعل الله سبحانه أعمال البَرّ والفاجر مقضيات لآثارها في هذا العالم اقتضاء لابد منه.. فجعل ظلم المساكين والبخس في المكاييل والموازين, وتعديّ القوي على الضعيف سبباً لجور الملوك والولاة الذين لا يرحمون أن استُرحِموا, ولا يعطفون إن استُعطِفوا, وهم في الحقيقة أعمال الرعايا ظهرت في صور ولاتهم, فإن الله سبحانه بحكمته وعدله يُظهر للناس أعمالهم في قوالب وصور تناسبها, فتارة بولاة جائرين.." (زاد المعاد باختصار 4/463, 464)



    والحاصل أنه لابد من مدافعة هذا الفساد العريض لدى الراعي والرعية على وفق ما جاء به الشرع المنزّل كما قال عبد القادر الجيلاني: "نازعت أقدار الحق بالحق للحق".



    ونقول في الختام كما قال عمر بن عبد العزيز: اللهم أصلح من كان في صلاحه صلاح لأمة محمد صلى الله عليه وسلم, وأهلك من كان في هلاكه صلاح لأمة محمد صلى الله عليه وسلم. (أخرجه ابن أبي شيبة 13/469)
    ولدتك أمك يابن آدم باكيــــــــــــــا * والناس حولك يضحكون سرورا
    فاعمل لنفسك كي تكون اذا بكوا * في يوم موتك ضاحكا مسـرورا

  2. #2
    عضو متميز جدا

    السلطه الخامسه غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    904
    اللهم الصلح من بيده امر المسلمين يا رب والصلح بطانته اعجبني الموضوع وهو هادف جدا

    الف شكر
    =================================================



    تشكيله مميزه من
    الابواب والشبابيك والدربزين
    احدث المديلات واسعار مغريه جداا
    لداء مركز النور الصناعي



    alitd3167@hotmail.com

  3. #3
    عضو فعّـال

    متأمل غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    المشاركات
    188
    محب العدل
    شكرا على هذا النقل المميز
    ولكن
    هل النقد السياسي موجود في أدبيات الخطاب السلفي المعاصر أتوقع أن الإجابة بالنفي ماعدا في بعض القضايا التي تتمحور حولها المعارك الفكرية
    ولما تبنى بعض السلفيين الإصلاح السياسي قوبلوا من محاولة اجتثاث من قبل التيار السلفي المعاصر،،،،،،،

  4. #4
    مشرف

    همّام غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Jun 2002
    المشاركات
    8,012
    موضوع جميل

    فالتوازن مطلوب ويحقق السلامة للمجتمع

    ما نشاهده من بعض المحسوبين على الدين وبعض المؤسسات

    أنهم ينافسون شعراء بلاط السلاطين

    في بقاع شتى من الأرض

  5. #5
    عضو نشيط

    محب العدل غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل
    Aug 2005
    المشاركات
    89
    السلطة الخامسة : اللهم آمين 0 شكرا على المرور 0
    متأمل : أما سلفيو بلدنا فيكاد النقد السياسي يغيب تماما من أدبياتهم ، ولذلك هم في طور تلاشي التأثير وقيادة الجماهير ، وأظن ان الراية الآن يمسك بها تيار ناشئ يسمون أنفسهم بالاصلاحيين مطالبهم جريئة وصوتهم عالي ويتكلمون بحاجات الناس ويلقون قبولا متزايدا في ظل نكوص وانكماش السلفيين الحركيين الذين بدأوا مشروعا وتراجعوا عنه 0
    همّام : هؤلاء وان كانوا محسوبين على الدين الاّ انهم في الحقيقة مرتزقة 0
    ولدتك أمك يابن آدم باكيــــــــــــــا * والناس حولك يضحكون سرورا
    فاعمل لنفسك كي تكون اذا بكوا * في يوم موتك ضاحكا مسـرورا

+ الرد على الموضوع

المواضيع المتشابهه

  1. صيفنا بمنتدانا شـــيء { حكايات لاتنسى } . . كليلة ودمنة ْ~~
    بواسطة عروووبة في المنتدى المنتـدى الـعــام
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 02 Jul 2010, 09:24 PM
  2. ][معالي النائبين لشؤون البنين والبنات يعتمدان حركة النقل للمعلمين والمعلمات ][
    بواسطة شمـــاليه في المنتدى منتـدى التربيـة والتعليم
    مشاركات: 28
    آخر مشاركة: 12 Mar 2010, 12:01 AM
  3. الحياه علمتني....
    بواسطة رجعت غريب في المنتدى المنتـدى الـعــام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 28 Mar 2009, 04:13 PM
  4. خطبة جاهزة دفاعا عن الحبيب
    بواسطة المسك2 في المنتدى المنتـدى الـعــام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 26 Jan 2006, 09:44 PM
  5. كيف تتميز بردودك؟%%%%% 100
    بواسطة سيف الاسلام في المنتدى المنتـدى الـعــام
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 29 Aug 2005, 01:16 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك