ها أنا أقف في القلب وتحديدا أمام نقطة انطلاق الدم أريد أن انتقل نحو العقل
قالوا لي لا يوجد سفر في الجسم إلا عن طريق السفن التي ينقلها الدم
وهاهي السفينة قادمة أعطيتهم التذكرة ركبت وأبحرنا نحو العقل
ها أنا أبصر كريات الدم البيضاء وهي تقتل كل الجراثيم التي في طريقنا بلا رحمه
هذا هو الشريان وهذا هو الوريد ولا زلت أسمع دقات القلب
أبصر رئتي وهي تسحب الهواء من الخارج وتخرج الهواء الداخل...
سبحان الله ما أعظم خلقه ..



أمام باب العقل توقف الدم ونزل الركاب .. غذاء و أوكسجين و أنا
دخلت مبنى العقل مبنا عجيب في تعرجاته وعجيب في شكله الخارجي وجميع جدرانه خالية من الخربشات..
وداخل المبنى مكان نظيف جدا غرف كثيرة سمعت صوت رجل يسعل
التفت إليه : مرحبا
- مرحبا بك كيف تريدني أن أخدمك ..!؟
- أنا معي كتاب أريد أن أضعه في مكتبة الذكرى ..
- حسنا تلك هي المكتبة وأشار بيده نحو باب أزرق وتومض عليه كتابة " مكتبة الذكرى "
- شكرا لك واتجهت نحو الغرفة ... لم أخطو سوا خطوتين حتى ناداني هيه أنت.
- نعم ..!!؟
- كم يكفيك داخل المكتبة ..!؟
- عشر دقائق فقط ..!؟
- حسنا لاتتأخر عشر فقط ..

اتجهت نحو الباب طرقته فسمعت صدى طرقاتي ..فتحت الباب بهدوء أصدر صريرا
بسم الله وضعت رجلي اليمنى ودخلت ..
غرفة كبيرة جدا وكل جدران الغرفة دواليب إلى السقف وداخلها كتب -يالله كل هذا في عقلي وأنا أعتقد أني نسيت ..!!- وعلى كل دولاب مكتوب نوع الكتب التي يحملها
كتب ذكرى اللآلام .. كتب ذكرى الأفراح .. وكتب ذكرى الدراسة .. نعم هذا ما أبحثه عنه
اتجهت نحو الدولاب وأثر رجلي يطبع على الأرض
الدولاب مكون من خمسة رفوف
الرف الأعلى والذي تحته خاص بأيام الإبتدائي
والرف الذي تحتهما خاص بالمتوسط
والذي تحتهم خاص بالثانوي
وأسفل شيء رف خاص بالجامعة
نظرت إلى الكتاب الذي في يدي " الفصل الأخير " وفيه حكاية آخر فصل لي في الجامعة أحببت أن أضيفه في مكتبة الذكرى بنفسي
أدخلته في الرف ..
اتجهت لأخرج لكن ترددت قليلا ورجعت إلى الكتب وسحبت كتابا اسمه " أيام أول ابتدائي "
أخرجت منديلا ثم مسحت الغبار الذي يعتليه وفتحته
عنوان الصفحة الأولى : أول يوم في المدرسة : جاء فيها " وكان في طلعة التمياط يذهب
مع ابن جارهم ... "
فتحت الصفحة الثانية .. " ثم قام المعلمين بتوزيع كيك ريكو وعصير ربيع
لكل طالب فكان سعيدا بهذه .."
أغلقت الكتاب وأعدته مكانه
وسحبت كتابا آخر مكتوب عليه الجامعة
فتحت فصل : أول يوم : " كان متخوفا جدا لا يعلم مالذي أمامه يضحك كعادته لكنه خائف
يدور بين الأسياب يبحث عن وجه يألفه لكن .."
أعدت الكتاب ثم أخذت كتاب الفصل الأخير الذي وضعته قبل قليلا
فتحت الصفحة الأخيرة : جاء فيها
" في يوم الأربعاء التاريخ 6/7/1432هــ في الساعة 11:20 صباحا انتهى من آخر اختبار له في جامعة القصيم
كان شعورا فوق الشعور
شعورا لن تستطيع اللغة العربية بأسرها أن تترجمه
شعورا يبدو أن العالم لم يخترعوا ترجمة له إلى الآن
شعور شخص ودع الدراسة شخص انتهى من أيام الجامعة
الآن يستطيع أن يقف أمام المستقبل ويقول خذ هذه الأوراق التي طلبتها مني لكي تفتح لي أبوابك
السعادة لاتكفيه الفرح يموت بين يديه وكانت أياما جميلة وداعا جامعة القصيم.."

فـُــتح الباب نبرة صوت غليظة : لو سمحت أخرج انتهت العشر دقائق ..
وضعت الكتاب ثم خرجت ...


بريشة
ثاني التومي
ابن الغابة يوما ما ..