اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المحامي محمد مشاهدة المشاركة
لم يَعُدْ غريباً أن يصدمنا طبيب نفسي أو واعظ أو شيخ مُعْتَبر أو رجل مجتمع شهير برأي في الوطنيّة، وحُكْم قاطع في أكثر النّاس انتماء إلى أوطانهم!

والسبب أنّ الواعظ والطبيب، والشيخ المُعْتَبَر، ورجل المجتمع، يحترفون التمثيل على هذا المجتمع وأبنائه، فلا هم صدقوا مع الوطن، ولا هم صدقوا مع أهله!

طارق الحبيب واحد من أولئك النفر الذين تجاوزوا كلّ الأعراف المهنيّة، واللفتات النفسيّة الربانيّة، والأخلاق العربيّة والإسلاميّة؛ ليصدمنا برأي قاطع في مسألة وطنيّة لا يملك معها دليلاً، ولا يسعفه فيها منطق مقبول، أو واقع مُعْتَبر!

يأتينا طارق الحبيب قبل أيام بعجبٍ عجاب، وقد أشغلنا في أكثر من قناة بلفتاته النفسيّة، وأحاديثه التي تغوي البسطاء من النّاس بالمتابعة والإعجاب! فيُصدر حُكْمه القاطع في انتمائنا الوطني، ويتّهم شرائح كبيرة من أبناء هذا الوطن بالانتماء إلى دول الجوار، وليته أسبغ علينا فضله، وأوجز لنا في لفتة من لفتاته المباركة أسماء اهتدى إليها، أو مَوَاطن بعينها أوصلته لفتاته الربانيّة إليها؛ فلا يكفي أن يُصدر حُكْمه بالشمال والجنوب؛ فالخيانة الوطنيّة لم تعرف طريقها إليهم، ولا ضَعُف انتماؤهم يوماً إلى وطن يُظلّهم، بل كانوا فيه أهلاً سابقين، ومواطنين صادقين، تثبت مواقفهم أنّهم أصحاب أقوال تصدق، وأفعال تثبتها الأحداث الوطنيّة الكبرى.

أخونا طارق الحبيب يجعل المقياس الوطني "الوسطى"، ويُقرّر أنّ تذبذب المؤشّر باتجاه الشمال والجنوب هو الحُكْم النهائي لوطنيّة كان لا يؤمن بها هو وأمثاله إلى وقت قريب، وليته أدرك أنّ حُكْمه هذا يجعلنا أمام قضيّة أكبر بكثير من قيادة السيارة التي لا يرى ضرورة حتميّة لإثارتها اليوم، ولا مصلحة وطنية في الاحتماء حولها؛ فإثارة الانتماء الوطني وَفْق مقاييس متذبذبة تجعلنا أمام رأي مستفزّ لشرائح كبيرة في هذا الوطن، الذي لا يمكن أن يُقاس الانتماء إليه بتلك الطريقة المضحكة التي اعتمد عليها أخونا طارق الحبيب!

الوطنيّة يا طارق لا تعترف بالمكان، ولا بالأصول والعوائل، ولا تبحث عن الأزقّة المهجورة ولا الجيوب المنتفخة، ولا تخضع للكلمات الرنانة التي تملأ الفضاء، لكنها لا تُسقي من عطش، ولا تُشبع من جوع.
الوطنيّة يا طارق تؤمن بالأرقام، ولدينا من الأرقام ما يجعلنا نفاخر بانتمائنا لوطن أحببناه أرضاً وإنساناً، ومشاعر صادقة وتضحيات لا نعدّها غير واجب أقدمنا عليه فداء لوطن يستحقّ منّا أن نضحّي من أجله بالكثير؛ فلا تساومنا على وطنّ نحبّه، ونفتديه كلّ يوم.

الوطنيّة يا طارق تؤمن بالعدد الكبير من أبناء الوطن الذين ينتمون أباً عن جدّ إلى كيان وطني جعلهم شركاء فعليين فيه، ولا أعتقد أنّك مخوّل بأن تحكم على وطنيتنا وانتمائنا بضعف أو قوّة؛ لأنّك واحد مثلنا، لك ما لنا، وعليك ما علينا.

الدعوة اليوم يا طارق إلى مثل هذه النعرات الجاهليّة تجعلنا في حرج أمام أنفسنا التي تؤمن بألا وطن لنا إلا هذا التراب، وألا وفاء لنا إلا إليه، وألا انتماء يجعلنا نقدّم من أجله نفوسنا ونفوس أبنائنا وفلذات أكبادنا إلاّ انتماؤنا إليه.

الدعوة اليوم يا طارق الحبيب إلى مثل هذه النظرة القاصرة، التي أخرجت ما في نفسك من عُقَد، وجعلتك تلفظ خفايا نفسك، تقودنا إلى أن نقف كثيراً أمام هذه المثاليات التي تطرحها؛ فتجعلك في عيوننا منافقاً من الدرجة الأولى؛ فلا أنت طبيب أهديت إلى مريضك العافية، ولا أنت ناصح وهبت لمواطنك الحقيقة التي تجعله يطمئن إليك، ويسعد بك!

أنت هنا يا طارق الحبيب تجعلنا نعيد النظر في نفوسنا الطيبة التي كانت تقبل كلامك على أنّه قول صادق، وتلتمس لك الأعذار إن زلّ لسانك على أنّك بشر، تُخطئ وتُصيب، لكنّك يا طارق الحبيب لم تتجاوز أن تبيع الكلام المعسول على أناس كثيرين امتثلوا لأمرك، وأنا واحد من النّاس البسطاء الذين قرروا ألا يستمعوا إليك بعد اليوم، لأنّك تأخذ منّي أكثر ممّا تهب لي؛ فلم يَعُدْ لديّ وقت يسمح بأن أستمع إليك، ولم تَعُدْ وطنيّتي وانتمائي تقبلان منك المزايدة، لكنني أؤمن بأن حُكْمك هذا يجعلنا أمام قضيّة كبرى تفوق قيادة المرأة السيارة، التي تعتقد ألا ضرورة شرعية أو اجتماعيّة إليها، فهل تعتقد أنّ تضعيفك انتماءنا الوطني يُعَدّ ضرورة من ضرورات الحياة لديك؟!
رد فالصميم أخوي محمد
والانتماء للوطن خط أحمـــــــــــــر لايسمح للاقتراب منه او التشكيك فيه او حتى الاعتذار منه
سرني واسعدني مرورك
ارررق التحاياااا