ووالدته هي :

(هياء بنت تركي بن عبد العزيز بن عبد اللـه بن تركي)، وأسرة آل تركي أسرة علم ودين وفروسية، وقد كان لأفراد هذه الأسرة إسهامات وجهود كبيرة في توطيد دعائم المملكة، ونشر لواء التوحيد على كافة أرجائها، وقد كانت والدة شاعرنا مثالاً حيا للأم الحريصة على تنشئة أبنائها تنشئة دينية سليمة تكون عوناً لـهم في مستقبل أيامهم وما ينتظرهم من مسؤوليات، وكانت في ذلك كما يقول الشاعر حافظ إبراهيم.

وكان تأثره في مجال الشعر بشكل كبير بأخيه الاكبر :
صاحب السمو الملكي الأمير : عبد الله الفيصل بن عبد العزيز آل سعود



يا سيدي يا خوي يا أستاذ عمري ... علمتني وزن الحكي قبل الأشعار

لقد أحسن من قال أن الأخ الصالح خير لك من نفسك؛ فالإخوة أغصان تغرس في القلوب، فتثمر حباً صادقاً ومودة دائمة وقوة متينة، يقول الشاعر العربي:
احفظ أخاك وسارع في مسرته ... حتى يرى منك في أعدائه خبر
أخوك سيفك إن نابتك نائبة ... وشمرت نكبة في عطفها زور


إنها أخوة من إذا صحبته زانك، وإن خدمته صانك، وإن نزلت حاجة ما بك أعانك، وإن سألته أعطاك، وإن تركته بداك، وإن رأى حسنة أظهرها أو سيئة سترها.
وإذا كان ذلك هو معنى الأخوّة، الذي يقصد به تآخي القلوب من دون أن يكون هناك صلة رحم بين المتآخين، فكيف تكون هذه الأخوة إذا زيد عليها صلة القرابة والدم الواحد، إنها حينئذٍ تصبح علاقة أمتن وأقوى، علاقة صلبة لا تستطيع زوابع الأيام أن تؤثر فيها، بل إن تعاقب الأيام يزيد جذوتها اشتعالاً، وتتوطد أركانها في القلوب شكلاً وبنياناً.

وإن العلاقة بين شاعرنا صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وأستاذه الكبير صاحب السمو الملكي الأمير عبد اللـه الفيصل علاقة قوامها الود والتقدير والاحترام المتبادل، علاقة مبنية على وشائج القربى. يقول شاعرنا عند ذلك:
”إعجابي بالأمير عبد اللـه بدأ منذ مجيئي للحجاز وعمري وقتها ثماني سنوات، وقد أعجبت به إعجاباً شديداً كأخ وكإنسان، وكنت مشدوداً إليه بشدة حتى أنني لازمته في معظم الأحيان، فكنت أحضر إلى بيته يومياً وكثيراً ما كان يصطحبني معه، وكانت رعايته لي شبه خاصة.. وكان دائماً يوجهني، ويفتح ذهني وعيني على أشياء كثيرة، وأذكر أنه منذ الصغر أحب الشعر وهذا من الجوانب التي كانت تعجبني فيه، وعلى الرغم من أن بعض الناس يتضايقون عندما يتلقون التوجيه أو النصح من أحد إلا أنني أشعر بسرور وانجذاب أكثر نحو الأمير عبد اللـه الفيصل عندما يوجهني، أعجبت به كرجل وإعجابي بشخصيته كبير حتى أنني عندما أكون في جدة لا أكون إلا معه، وأشعر نحوه بمكانة الأب بالنسبة لي، فقد كان حريصاً على توجيهي منذ أن كنت صغيراً، وأنا أشعر بأنه قد فتح ذهني على أشياء كثيرة.. ”كنت معجباً بشعره وكلما قال قصيدة كتبتها.. الأمير عبد اللـه أخي الأكبر، ومدرستي في الأدب والفنون، وإبداعي الشعري جزء من هذه المدرسة، ويضيف سموه في موضع آخر: ”وأنا لست تلميذه في الشعر فحسب، ولكني تلميذه في مدرسة الحياة الشاملة، فقد تعلمت منه الكثير، وأدين لـه بالكثير، ومهما قلت فلن أفيه حقه في هذا المجال لا في الشعر ولا في غيره".
أما أبرز ما تأثرت به في مدرسته الشعرية، فيتمثل في جزالة اللفظ وسهولة الأسلوب، ووحدة المعنى في القصيدة، واختيار التعبيرات والأوصاف الملائمة لعقلية وطبيعة العصر.
ويضيف شاعرنا: ”للأمير عبد اللـه الفيصل دور كبير في حياتي بلا شك، فقد كان ولا يزال بمثابة الوالد الثاني لي، وسمو الأمير عبد اللـه يتميز بالكرم والشهامة والإحساس الرفيع".
وقد كان لأستاذنا الكبير مكانة خاصة عند الملك الفيصل ـ رحمه اللـه ـ حيث يشير شاعرنا إلى أنه من أقرب المقربين عنده، وفي جلساتنا غالباً ما يتوجه الملك فيصل بالحديث إليه، وربما كان لعامل السن أثر في ذلك، لأن فارق السن بينهما لا يزيد على الستة عشر عام ـ لا زال الكلام لشاعرنا ـ ومن قصائد الأمير عبد اللـه الفيصل التي لا أسأم من تكرارها قصيدة مطلعها:


الجود ما به يا سنادي خطيا ... وترى الخطا يا بوي ترك المواجيب


إنه طريق الحب والتقدير لـهذا الأستاذ الكبير، من شخص يعمر الوفاء قلبه وينير الحب دربه، ففي حفل التكريم لصاحب السمو الملكي الأمير عبد اللـه الفيصل ـ بمناسبة حصول سموه على جائزة الدولة التقديرية للأدب ـ صعد شاعرنا للمنصة بوجه مشع بالحب، ومشرق بالفرحوالبهجة، كيف لا، والمكرَّم شقيق روحه وأستاذه، وعند صعود شاعرنا للمنصة داعبه أستاذه بقولـه: ”خالد يتعلم فينا” فأجاب شاعرنا بسرعة وإشراقة الفرح تملأ وجهه: ”يا طويل العمر أنا أتعلم منك، ما أتعلم فيك”،

إنها نعم الأخوة، ونعم المحبة، والتقدير بين شاعرين تجمعهما صلة رحم وقربى ومودة، ويضاف عليها صلة الشغف بالشعر تذوقاً وقرضاً:


أخاك أخاك إن من لا أخا لـه ... كساعٍ إلى الـهيجَا بغير سلاح

و من الأوليّات التي تحسب لشاعرنا في مجال الشّعروالأدب الشّعبي وغيرها من المجالات ما يلي:

1- أنه أوّل شاعر شعبي تقام لـه أمسية شعريّة، وكان ذلك في مقر النادي الأدبي بالرياض، وقد حقّقت الأمسية مكاسب كبيرة للنادي نفسه،فقد كانت بمثابة دعاية كبيرة للنادي، وتعريفاً للجمهور بما يقوم به من نشاطات.

2- وأوّل شاعر شعبي يقيم أمسية شعريّة في لندن.

3 ـ وأوّل من أقام أمسية للشّعر الشّعبي في القاهرة.

4- وأوّل شاعر شعبي تتنافس القنوات الفضائية في تصوير أمسياته واحتكار توزيعها على التلفزيونات والقنوات الفضائية الأخرى.

5 ـ وهو الشّاعر الشّعبي الذي يأتي في المراكز الأولى في كافة الاستفتاءات التي تجريها الصحف.

6- وأول شاعر شعبي يقيم أمسية شعرية في واشنطن، وقد كان لـهذه الأمسية ردود فعل واسعة، ليس فقط عند الألفي شخص الذين حضرواالأمسية، بل وصلت إلى وسائل الإعلام الأميريكية، حيث نشرت صحيفة ”واشنطن تايمز” خبراً مطولاً عن الأمسية في عددها الصادر يومالأربعاء 19/11/1997م. وقد طلب منه الطلاب السعوديون في كندا بأن تكون محطته القادمة في مدينة مونتريال، ولم يدع طلاب غرب أمريكا الفرصة تفوتهم، فتقدموا بطلب مماثل لعقد أمسية في كاليفورنيا، كما قدم لـه أحد مدراء الجامعات في كندا دعوة لإقامة أمسية شعرية هناك.

7 ـ أول شاعر شعبي يقيم أمسية شعرية في بون بألمانيا.

8 ـ ورائد السياحة الأوّل في المملكة العربية السعودية.

9- وأول من اقترح متنزهاً وطنيَّا، فقد كان منتزه عسير الوطني النواة الأولى للمتنزهات الوطنية في المملكة. كما وضع الـأساس لحماية الغابات من العبث والامتداد العمراني.

10- وهو أوّل من اقترح وتبنى فكرة لإقامة دورة الخليج لكرة القدم، يقول شاعرنا: ”كانت دورة الخليج لكرة القدم من الأمور التي حرصت على إقامتها، وبالفعل فقد انطلق هذا المشروع وأصبح أهم مناسبة رياضية خليجية. كما كنت أتطلع إلى أن يصل المنتخب السعودي لكرة القدم إلى نهائيات كأس العالم، وها هو الحلم قد تحقق على يد أخي صاحب السمو الملكي الـأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز الرئيس العام لرعاية الشباب".
أما عن فكرة دورة الخليج فيقول شاعرنا: ”بدايتها كانت في وقت زيارة منتخب البحرين للمملكة سنة 1388هـ.. كنا في الرياض وكان رئيس وفد البحرين ورئيس اتحاد كرة القدم في ذلك الوقت الشيخ محمد الخليفة.. كنا في حفل عشاء مع الوفد البحريني.. فألقيت خطاباً ترحيبياً واقترحت فيه إقامة دورة لدول الخليج في كرة القدم... في تلك الأيام كان هناك مشكلة بين البحرين وإيران.. وعندما اقترحت هذا الاقتراح فوجىء الجميع لأنه لم يكن هناك إعداد مسبق للموضوعوكانت الفكرة منه مساعدة البحرين.
وأتذكر أنه وبعد الحفل ذهبت إلى الملك فيصل وأخبرته بما حصل، فطلب مني إكمال الموضوع والحرص على أن تقام الدورة وبسرعة"

11- كما تمكّن الشّعر الشّعبي ممثّلاً في خالد الفيصل من دخول حرم الجامعة.. التي فرشت لـه أروقتها بالدِّيباج واستقبتلـه بالورود والياسمين.

12 ـ تم تحويل أشعاره إلى مسلسل تلفزيوني يقول عنه كاتب المسلسل الفنان هشام يانس: ”تبدأ حكاية العمل بقراءتي لقصائد الأمير خالد الفيصل حيث وجدت فيها رقيّا وأحاسيس إنسانية تشمل الفلسفة الحياتية والوجدانية، فكان علي أن أضع قصة راقية في تفاصيلـها مستوحاة من هذه الـأشعار فكتبت هذا المسلسل من (15) حلقة بعنوان (عنود الصيد). القصائد هي بطلة المسلسل لـأنها مشاعر الناس ونبضهم في كل حالاتهم النفسية. ونحن هنا نقف أمام كنز في قصائد الـأمير لأنه من النادر أن نجد إنساناً بمثل هذه المثالية والسمو في الشعر وسيتم تقديم المسلسل بطريقة الفيلم التسجيلي"

13- جعل منزلـه في الرياض في أوائل المنتديات في المملكة العربية السعودية ـ عندما كان رئيساً لرعاية الشباب ـ يفد إليه الأدباء والشعراء مساء كل يوم أربعاء من كل أسبوع. والذي يقول عنه الشيخ عبد اللـه بن إدريس ـ رئيس النادي الأدبي بالرياض ـ: ”إن لخالد الفيصل سابقة يجب أن تذكر فتشكر، وهي سابقة لا يمكن أن تنسى أبداً في سجل الحياة الأدبية، وفي الرياض بخاصة. هذه السابقة تمثلت في المنتدى الـأدبي الذي كان منزل الأمير خالد الفيصل ـ هنا في جنوب شارع الجامعة ـ مقره، وكان يعقد مساء الـأربعاء من كل أسبوع، ويحضره عدد كبير من الشعراء والأدباء والمثقفين، وتلقى فيه المحاضرات والندوات، وتجري المناقشات والمداولات الحادة أحياناً ـ بين الحضور ـ ولكن في حدود اللياقة والأدب، ولذ حزنّا حقيقة حين افتقدناه بعد أن انتقل سمو الـأمير خالد إلى أمارة عسير، وإن كنا قد فرحنا في نفس الوقت بتعيينه أميراً على هذا الثغر الـهام من ثغور بلادنا، وبخاصة أنه يتمتع بألمعية إدارية فذة جعلت من منطقة عسير شيئاً آخر غير عسير القديمة"