الإسلام وحقوق المرأة



بقلم

أ . د . عبد الصبور مرزوق

الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية
القاهرة

عضو المجلس التأسيسى لرابطة العالم الإسلامى
مكة المكرمة


------------------------------------------------------------

تمهيد :



حقوق المرأة فى الإسلام هى جزء من الحقوق العامة للإنسان كما شرعها الإسلام قبل الإعلان العالمى لهذه الحقوق بأكثر من أربعة عشر قرنًا من الزمان . حيث شرعها الإسلام فى القرن السادس الميلادى بينما كان الإعلان العالمى فى عام 1948 ( أى فى القرن العشرين ) .

ولأن حقوق المرأة فى الإسلام ـ كما أشرت جزء من الحقوق العامة للإنسان فقد كفل الإسلام للمرأة من الحقوق ما يأتى :

أولاً : حق الحياة فقبل الإسلام ـ خاصة فى المجتمع الجاهلى فى جزيرة العرب ـ لم يكن للأنثى حق الحياة ، بل كان أهل الجاهلية يعتبرون ميلادها عارًا تخجل منه ويعير به الرجال فكانوا يئدونها ( يدفنونها حية ) وهو ما رفضه الإسلام منذ البداية وحرمه تحريمًا قاطعًا بصريح آيات القرآن التى ينكر قتلها وتتساءل فى إنكار: ] وإذا الموءودة سئلت * بأى ذنب قتلت [ (1) .

كما وصفت آيات القرآن الحال السيئ الذى يكون عليه الرجل حين تولد له أنثى وهو الإحساس بالتعاسة وسوء الحظ فيكون بين أمرين أحدهما مرّ ..

فإما أن يبقيها حية على حال من الإذلال مهدرة الحقوق تعامل بازدراء ، وكأنها حيوان ، بل ربما كان الحيوان عندهم أحسن حالاً لأنهم ينتفعون به .. ذلك لأن عندهم لا فائدة منها .. فهى لا تحمل السلاح دفاعًا عن شرف القبيلة وتشترك فى تحقيق عائد اقتصادى لأنها لا تعمل .

والأمر الثانى كان هو الأغلب إذ يدفنوها حية دون أدنى شفقة أو رحمة . وهو ما أنكره القرآن فى قوله الواضح : ] وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودًّا وهو كظيم * يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه فى التراب ألا ساء ما يحكمون [ (2) .





فلما جاء الإسلام حرّم هذه العادات القبيحة وأعطى للمرأة حق الحياة وأفسح لها فى المجتمع المسلم مكانًا حسدها عليه بعض الرجال .

وكان هذا التكريم من طريقين :

أ ـ طريق التشريع الذى أعلن القرآن فيما قرره من المساواة فى الحقوق والواجبات بينها وبين الرجل على ما جاء بيانه فى قوله سبحانه : ] ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة .. [ (3) .

ب ـ طريق السنة النبوية والاحترام الذى حظيت به الأنثى فى بيت الرسول صلى الله عليه وسلم .. وهنا تكون لنا وقفة ..

فقبل بعثة رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم سبقها ما نقول عنه نحن المسلمين أنه من إرهاصات النبوة ، وهى المقدمات التى تسبق التشريع وكأنها تدل عليه أو تبشر به .

فقبل بعثته صلى الله عليه وسلم كان يعمل مع المرأة ( التى كان فيما بعد زوجًا له وهى السيدة خديجة بنت خويلد رضى الله عنها ) ..

كان يعمل لها فى تجارتها كوكيل عنها لما لمست فيه من أمانة وحسن خلق وطيب شمائل فكانت له زوجًا فيما بعد .

* * *

وفى بيت النبوة كان للمرأة مكان عظيم

فهى بمجرد زواجها من الرسول تُلقب بأم المؤمنين تكريمًا لها وإجلالاً ثم هى فى بيت النبوة تقوم بدور له أهميته فى أن تنقل إلى المجتمع المسلم خارج بيتها ما يقوله الرسول صلى الله عليه وسلم من الأحاديث التى هى جزء من التشريع يكمل ويشرح ما جاء فى ( القرآن الكريم ) .

ومن هذا المدخل تهيأت لها فى المجتمع المسلم مكانة اجتماعية جليلة بحيث كان كثيرون من المسلمين الرجال يلجأون إلى سيدات بيت النبوة سائلين عن بعض أحكام التشريع التى لا يكون لهم بها علم مما ارتقى بنظرة المجتمع إلى الأنثى وأحلها المنزلة



التى لم تظفر بمثلها الأنثى فى أى تشريع لا سماوى ولا وضعى من قبل كما سنعرض له فيما بعد ..