[align=center]استمراراً للسلسلة التاريخية أذكر هنا أحد الثقوب السوداء في تاريخنا العربي الحديث هو ذلك الابيض- الاشقر المدعو لورانس. وهو ضابط مخابرات إنجليزي كلف بمهام خلف خطوط العدو العثماني وإقامة اتصالات مع القبائل العربية وزعمائها.[/align]

[align=center]لورنس العرب ( 1888-1935م )[/align]

[align=justify]هذا الرجل من الشخصيات التي أبرزها الاستعمار وأحاطها بهالة ضخمة من البطولة : شخصية الضابط لورنس الذي وصف بأنه (ملك العرب غير المتوج) والمغامر الذي كشفت المؤلفات والأبحاث عن هويته الاستعمارية وولائه المزدوج لبريطانيا والصهيونية العالمية ، وكيف خدع العرب وعايشهم في خيامهم ( إبان الحرب العالمية الأولى ) على هدف واضح هو إسقاط الدولة العثمانية والإيقاع بين العرب والترك ودفع العرب إلى الاقتتال من أجل استيلاء فرنسا وبريطانيا على أراضي فلسطين وسوريا ولبنان .

العميل السري البريطاني توماس إدوارد لورانس ولد عام 1888م في تريمادوك من قرى ويلز ، سمّي " لورانس العرب ". كان طفلاً موهوبًا بالفطرة، فهو بذكائه يستطيع في سن الخامسة من عمره قراءة الصفحات مقلوبة ، وبرغم من انطوائيته يلتحق بالجامعة قسم التاريخ حيث يبدي تفوقًا على أقرانه في مجال دراسة قلاع وحصون المعارك الحربية في جامعة أكسفورد العريقة يشبع لورانس نهمه للقراءة 'فكان يقرأ خمس كتب في اليوم الواحد' يتبحر في العلم في مجال دراسة القلاع خاصة حصون الحروب الصليبية العسكرية في الشام ومصر، وهو يسارع للقيام بزيارات متكررة إلى قلاع سوريا ثم بيروت وهناك يلتحق بمدرسة تبشير أمريكية تسهل له مهمته الاستشراقية 'أي دراسة لغات وآداب وعادات وتقاليد المشرق الإسلامي'.. حيث تعلم 80 كلمة عربية اعتبرت بداية مشواره في بلاد العرب .. إلى أن يتقن لورانس اللهجات في الجزيرة ويتعرف على مسالكها الوعرة ويعايش العرب في صحراء قاحلة يقاسي شظف العيش كأنه واحد منهم, يلبس الثوب والعقال ويأكل السمن والتمر والإقط, ويستمع إلى حكاياتهم ومغازيهم ويتحمل ظروف الصحراء الصعبة ما لا يتحمل أي أوروبي غير لورانس .. لقد كانت الدافعية والدأب والطموح هي التي تقوده .. أعجب به العرب إعجابًا كبيرًا

قام بتوجيه من جهاز الاستخبارات البريطاني بتحريض العرب للثورة على العثمانيين، ومهاجمة مواقعهم، وأقام صلات خاصة مع الشريف حسين ونجله الأمير فيصل الأول، ولعب دوراً كبيراً في التأثير على الأحداث التي شدتها الجزيرة العربية وبلاد الشام في فترة الحرب العالمية الأولى وما بعدها.


وقد وكلت بريطانيا للورانس مهمة أن يتفقد مواقع الأتراك ومدى تحصيناتهم العسكرية ببلاد العرب عامة والجزيرة خاصة مع توقعات باتت مؤكدة باقتراب قيام الحرب العالمية الأولى 1914م ضد الدولة العثمانية ومعها ألمانيا, تلك الدولة المعادية للحلفاء التي انحازت للعثمانيين ووقعت معهم امتياز مشروع مد خط سكة حديد يربط الشام ببغداد وهذا ما يهدد المصالح الصهيونية بتلك المنطقة.[/align]


[align=center]الإنجليز وراء تمزيق دولة الخلافة
اتفاق الغدر الثورة العربية 1914 ـ 1918م
[/align]


[align=justify]لورنس العرب اسم طبع التاريخ العربي الحديث أكثر مما طبعه أي زعيم عربي أو أجنبي آخر. كيف لا وهو صاحب الصولات والجولات في طول الأراضي العربية وعرضها بحثا عن الحلفاء الذين قاد معهم ما عرف في ما بعد بالثورة العربية الكبرى عام 1914 ـ 1918م وضد من؟ ضد السلطنة العثمانية التي كانت تمثل الخلافة الإسلامية والتي أصبحت في ما بعد وحتى يومنا هذا آخر خلافة إسلامية. حينها برز اسم لورنس العرب كضابط ارتباط بين حكومة ملك بريطانيا والشريف حسين حاكم مكة والكل يعرف الدور الذي لعبه لورنس في التحضير لهذه الثورة وقيادته للعمليات العسكرية التي قادت في النهاية لسقوط العقبة واندحار القوات العثمانية أمام تقدم القوات الإنكليزية. ومع الثورات المتعددة في الأراضي العربية الأخرى في سوريا والعراق وغيرها استطاعت كل من فرنسا وبريطانيا أن تقضي وبالتعاون مع ايطاليا واليونان على آخر ما تبقى من الخلافة العثمانية. كل ذلك جرى تحت شعارات الحرية والاستقلال ورفع الظلم الذي تمارسه هذه السلطنة وحكامها على محكوميها.

قام شريف مكة، الحسين بن علي، بالوقوف إلى جانب الحلفاء ضد ألمانيا والاتحاديين الذين كانوا يتسلطون على الدولة العثمانية، لتوهمه أن " الإنجليز قوم شرفاء في أقوالهم وأفعالهم في السراء والضراء ".[/align]

[align=center]خطة الإنجليز[/align]

[align=justify]سؤال يطرح نفسه دائمًا لماذا لم تقم بريطانيا آنذاك كونها قوة عظيمة وصاحبة التاج البريطانية بتجهيز قوة عظيمة لاحتلال بلاد العرب؟
بتحليل بسيط للأحداث نجد أن بريطانيا حققت حرفيًا ما ندعو به 'اللهم اضرب الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين', لذا رأت أن تضرب العرب بالأتراك فهم أعرف بهم, وكلاهم مسلمون, والدم العربي المسلم رخيص أمام الدم الأوروبي، كما أن ميدان الحرب سيكون في صحارى قاحلة ودرجات حرارة مرتفعة تصل إلى 45 درجة مئوية تحت الظل, وهذا ما يستصعبه الجندي الأوروبي في أن يقاوم العواصف الرميلة والمسالك الوعرة وعدم توفر الإمدادات، كما أرادت ـ وهو السبب الرئيسي ـ كما أن تشغل العثمانيين بأكثر من جبهة في الحرب في إخماد الثورة العربية من الداخل فتتزعزع إمكانياتها في أكثر من جبهة، ولم يغفل البريطانيون أنفسهم أن العرب إذا رأوا أن هناك قوة قادمة من الغرب فشيء طبيعي بدافع الحمية على الدين أن يكون هناك انحياز للدولة العثمانية المسلمة من باب الجهاد والحمية.
يسعى لورانس لإعداد خطة [حملة الحجاز] لتطهير الأراضي العربية من العثمانيين ويشترط على الحلفاء البقاء بعيدين عن مكة والمدينة المنورة لعدم استفزاز المسلمين دينيًا, وتنطلق حملة الحجاز وقد رسمت لنفسها أن تبتدئ من المنطقة الغربية في جدة ثم ينبع فالوجه فالعقبة فدمشق فحلب فحماة .[/align]

[align=center]كتاب " أعمدة الحكمة السبعة " [/align]

[align=justify]كتاب "أعمدة الحكمة السبعة" التي ألفها الضابط البريطاني توماس إدوارد لورانس المعروف باسم لورانس العرب والذي نجح في توحيد قبائل شبه الجزيرة العربية لمحاربة الأتراك في الحرب العالمية الأولى .
زادت مبيعات الكتاب بصورة كبيرة ، ويقول الكاتب في كتابه إن "محاربة أي تمرد تجري بصورة فوضوية وبطيئة كتناول الحساء بالسكين " ويضع لورانس العرب في كتابه عنوانا مميزا للباب الخاص بكيفية التصدي لتكتيكات حرب العصابات وهو كيفية تناول الحساء بالسكين.
ويعد الكتاب سيرة ذاتية للورانس العرب أثناء اشتراكه في الثورة التي قامت بهما مجموعة من القبائل العربية ضد الأتراك أثناء الحرب العالمية الأولى .
ارتفعت مبيعات "أعمدة الحكمة السبعة" في بريطانيا بشدة منذ إسقاط حكومة صدام حسين في العراق ، وباعت دار نشر وردسورث على سبيل المثال من الكتاب ضعف ما باعته قبل بدء الحرب على العراق ، ووصلت مبيعات الدار من الكتاب إلى حوالي 5657 نسخة.

وقد كشف عن الخدعة التي قام بها في كتابة (أعمدة الحكمة السبعة) وفضح نفسه : حين قال لو قيض للحلفاء أن ينتصروا فإن وعود بريطانيا للعرب لن تكون سوى حبر على ورق ، ولو كنت رجلاً شريفاً وناصحاً أميناً لصارحتهم بذلك وسرحت جيوشهم وجنبتهم التضحية بأرواحهم في سبيل أناس لا يحفظون لهم إلاً ولا ذمة ، وقوله : أما الشرف فقد فقدته يوم أكدت للعرب بأن بريطانيا ستحافظ على وعودهم ، وقوله : لقد جازفت بخديعة العرب لاعتقادي أن مساعدتهم ضرورية لانتصارنا القليل الثمن في الشرق ، ولاعتقادي أن كسبنا للعرب مع الحنث بوعودنا أفضل من عدم الانتصار ، ومن ذلك قوله : إني أكثر ما أكون فخراً أن الدم الإنجليزي لم يسفك في المعارك التي خضتها لأن جميع الأقطار الخاضعة لنا لم تكن تساوي في نظري موت إنجليزي واحد ، لقد جازفت بخديعة العرب لأنني كنت أرى أن كسبنا للحرب مع الحنث بوعودنا أفضل من عدم الانتصار.[/align]

[align=center]نهاية لورانس [/align]

[align=justify]وضعت الحرب أوزارها بسقوط الدولة العثمانية وتقسيم ممتلكاتها ليعطى فيصل ابن الشريف حسين حكم العراق لكن دون استقلال كامل من الإنجليز، ويعطى الشريف حسين بن علي الاستقلال لمنطقة الحجاز الذي لم يدم طويلاً حيث ضمها الملك عبد العزيز " طيب الله ثراه " في توحيده للحجاز، أما الابن عبد الله فقد استقل بالأردن, وبعد موت والده الشريف حسين 1931م اغتيل عبد الله 1951م ويجلس بعده ابنه الأمير طلال مدة قصيرة ثم يتولى بعده ابنه الملك حسين.
أما لورانس الذي كان ينتظر له أن يموت بشجاعة موتة بطولية فقد مات عام 1935م بحادثة عارضة حين انقلبت الدراجة النارية التي كان يقودها بجنون في إحدى ضواحي العاصمة البريطانية . [/align]


[align=center]هذا لورنس الذي كانت الصحف تكتب عنه وتصوره على أنه منقذ العرب وملك العرب غير المتوج والذي جعلوه صانع الثورة العربية وقائدها الفعلي .[/align]



المراجع " مواقع إلكترونية " :

http://www.bintjbeil.com/articles/ar..._alnaqash.html
http://mostakbaliat.com/link86.html
http://www.altareekh.com/doc/article...&mode=&order=0
http://www.fustat.com/C_hist/qarn14_6.shtml
http://www.islammemo.cc/wpoll/default.asp
http://www.alburaq.net/news/show.cfm?val=63736
http://www.al-eman.com/karat/details.asp?ID=5895

[Unload]أتشرف بوجود ردك [/Unload]