بسم الله الرحمن الرحيم
قصة نخوه ووفاء
جرت هذه القصه قبل (250) عام تقريباً على احد فرسان قبيلة شمّر المشهورين في زمانه وهو الشيخ فايز بن هذيل بن عمود شيخ قبيلة العمود من شمّر والقصه كما وردتني
في زمن الشيخ فايز بن هذيل كانت قبيلة العمود تسكن في غرب وجنوب حائل في قرى الشقيق وسقف وغيرها وكانت بين القبائل احلاف فيما بينها لتردع اعداءها من القبائل الاخرى وكان بين قبيلة العمود وقبيلة الحسين (حسين المجلا ) كما يسمونهم وهم من الدغيرات من عبده من شمّر حلف بينهما وكانت مراعيهم وموارد مائهم تحت حمايتهم جميعاً ولا يتجراء احد على الاقتراب منها الا باذن منهم وبعد ان هاجرت معظم قبائل شمّر الى ارض الجزيره بالعراق وسوريا هاجرت اغلب قبيلة العمود بقيادة شيخهم فائز بن هذيل الى سوريا وبعد رحيلهم عن ديارهم احست قبيلة الحسين بأن اعدائهم بدأوا يضليقونهم على مراعيهم وموارد مائهم بسبب هجرة حلفائهم العمود وازداد الخطر عليهم يوماً بعد آخر ليس لعدم شجاعتهم ولكن لقلتهم وكثرة اعدائهم وكانت فيهم شاعره تدعى وحيشه المشلحيه اساءها مآلة اليه اوضاعهم وقد بعثت بقصيدة للشيخ فائز بن هذيل وهو في منطقة تسمى نقرة ايوب تحثه فيها على العوده الى وطنهم وتخبره بما جرى لهم بعد رحيلهم عنهم والقصيده هي
قالت وحيشه ياملا ليه ماشيب + غرس الجدود الي غدى وقت الافلاح
ياراكب حمرا تجيبه تحاضيب + تجدع يديه بالخلا تقل زنّاح
حماء هميم من خيار المناجيب + اكواعها عن لمسة الزور طفاح
حماء ليا نيشت بروس العراقيب + اسبق من الشيهان ليا شاف ملواح
ركابها من عزوتي منقع الطيب + ضد الحريب ان صاح بالنزل صيّاح
اربع ليال صدق ماهن تكاذيب + تلفي على ابن هذيل كسّاب الامداح
يافايز ابن هذيل ياغيبت الذيب + ياطير صقّار على مذرف راح
تر ديرتك سقف ولوها الاجانيب + يروّح عليها من الشعب كل مصلاح
جانا ظعنهم مع دبشهم جناديب + صار الخطر منهم علينا بالاروح
عجّل علينا ياحصان الاطاليب + لك هدتن تأخذ على الخيل مسراح
من خشم عنز الى ريع تكريب + حامينه العصلان في علط الارماح

والقصيده اطول من ذلك وبعد ان وصل مبعوث المشلحيه القا القصيده على الشيخ فائز بحضور قبيلته العمود وبعد ان انتهى من القصيده تأثّر الشيخ فائز تأثّراً شديداً وامر قومه بالاستعداد للرجوع الى نجد ولكن كبار القبيله قالوا له انه من المستحيل تقدر الخيل على المشي في عزّ الصيف الحار لهذه المسافه الطويله جداً والشيخ يدرك ذلك وقالوا له عندما يكون الجو معتدلاً سوف يذهبون الى نجد وبعد ان سمع الشيخ ذلك الكلام الذي لا يريده اصابه حزن شديد وقال عدة ابيات من الشعر وكأنه يخاطب نفسه ويتمنى ان يصل بيوم واحد لنجدت تلك الشاعره وقومها وهو يقول :
وش هقوتك مدّاد من نقرت ايوب * العصر ما يطارد حوال الغزاله ؟
على اشعل طلق الذراعين مرعوب * اسبق من الشيهان معلف عياله
يذكر لنا جو المناعير مطبوب * سقف ليمن النصي طب جاله

وفجأة سكت عن الكلام وامسك بغرابة الشداد الذي يتّكي عليه واخذ يفركه بيده بقوّه ووضع جبينه على يده التي تمسك بالشداد ولم يتحرك بعد وقام خادمه بصب القهوه له وقال تقهو ياعم الا انه لم يرد عليه وكرر ذلك عدة مرات ولم يرد عليه ايضا لأن الشيخ فائز قد توفى من شدة اليأس والقهر لبعد المستنجد فيه ولم يقدر على نجدته في ذلك الوقت وهو المعروف بشجاعته وصاحب نخوه ويقول الرواة انه بعد موت الشيخ فائز بفترة من الزمن عاد الى نجد فرسان من قبيلة العمود لنجدت وحيشه وكانوا بقيادة احد ابناء فائز ابن هذيل واسمه مناع الذي كان مثل والده شجاع وصاحب نخوه ولكنه مات بشبابه وهو الذي يتوجد عليه احد الشعار بقصيدة منها هذا البيت :
عليتي يالعصلا مضالك عصوري * تالي شفاتك يوم مناع وحسين
عاد فرسان العمود الى نجد ودارت معارك عديده وعنيفه وقتل كثير من اعدائهم وكان اشهر من قتل احد شيوخ تلك القبيلة ويدعى (سعود) وهو الذي ذكره الشاعر التبيناوي في قصيدة له يحذّر احد فرسان تلك القبيله المعاصرين له ويخبره بانه اذا لم يتوقف عن حربهم سوف يلاقي مصير احد اجداده وهو سعود المذكور بقصيدة التبيناوي ومنها :
قبلك سعود يلعب المستديره * شلّوه من خشم الصماخه ولا شيف
جنه طيور من طيور الجزيره * الكل منهن يرعب القلب ويخيف
وقتل في تلك الحرب عدد من فرسان العمود واغلبهم من الفرحان من فخذ التجاغفه من العمود وقد دفنوا في ارض قريبة من موطن الشاعره وحيشه المشلحيه وذات يوم مرت على القبور وهي ترعى غنمها وتذكّرت شجاعة ونخوة هؤلاء الرجال وقالة قصيدة فيهم لااعرف منها الا ثلاثة ابيات وهي تقول
ياعيال يالي بالحماده جلوسي * قطّان ولا انتم لريش العين دارين
من عقب ركب الخيل وزين اللبوسي * اليوم على غبن الليالي مقيمين
ربعاً لهلنا يوم خبث النفوسي * ربعاً لهلنا من قديم وغالين
وقامت بعد ذلك بذبح شاة عند كل قبر من غنمها وفاء وعرفاناً لهم وعندما رجعت لأبوها سألها عن نقص غنمها عسا ماكلها الذئب قالت بل عشيتا فرسان العمود يأبي فسرّه ذلك الفعل وايدها عليه وتبين هذه القصه مايتميّز به العربي من الوفاء سوى كان ذلك رجلاً أم امرأه والقصه والقصيده محتملة الخطاء والصواب فأن كان هناك خطاء فهو ليس متعمد ولكن اجتهت بما قرأته عن احد احفاد الشخ ابن هذيل وهو فهد بن عياده بن مسلط بن هذيل
رحم الله الشيخ فائز بن هذيل ورحم الله الشاعره وحيشه المشلحيه ورحم الله اموات المسلمين اجمعين آمين قولوا معي .