ذات الخمار الأسود



قدم بعض التجار مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه حمل من الخمر السود ( الخمر: جمع خمار، وهو ما تغطى به المرأة وجهها ) ، فلم يجد لها طالباً ولا شارياً، فكسدت عليه وضاق صدره، فقيل له: ما ينفقها لك إلا "مسكين الدرامى"( هو ربيعة بن عامر، توفى سنة 89هـ ) وهو من مجيدي الشعر الموصوفين بالظرف والخلاعة.



فقصده فوجده قد تزهد وانقطع في المسجد، فأتاه وقص عليه القصة.

فقال: وكيف أعمل وأنا قد تركت الشعر وعكفت على هذه الحال ؟

فقال له التاجر: أنا رجل غريب، وليس لي بضاعة سوى هذا الحمل، وتضرع إليه، فخرج من المسجد وأعاد لباسه الأول وعمل هذه الأبيات وشهرها وهى:



قل للمليحة في الخمار الأسود مـاذا فـعـلت بـناسـك مـتـعـبد

قـد كـان شـمر لـلـصلاة ثـيابه حتى قعدت له بـباب المسجد

ردى عـلـيـه ثـيـابـه وصلاته لا تـقـتـلـيـه بـحـق ديـن محمد



فشاع بين الناس أن "مسكيناً الدرامي" قد رجع إلى ما كان عليه، وأحب واحدة ذات خمار أسود، فلم يبق في المدينة ظريفة إلا وطلبت خماراً أسود.

فباع التاجر الحمل الذي كان معه بأضعاف ثمنه، لكثرة رغباتهم فيه، فلما فرغ منه عاد إلى تعبده وانقطاعه.



• وقال أبو عبد الله الحامدي :



قل لـلـملـيحة فى الخمار المشمشي كم ذا الـدلال عــدمت كل محرش

يا مـن غدا قـلبى؛ كنرجس طرفها في الحب لا صاح ولا هو منتشي

هذا الربـيـع بـصـحـن خدك قد بدا لــمـقـبـل ومـعـضـض ومـخـمـش

فــمـتـى أبـيـت مـعــانـقـاً لـبـهـارة ولـورده الـمسـتأنس المستوحش ؟