:: شاب بيد واحدة خلال أيام العيد الثلاثة ::

شاب ـ الله يستر عليه ـ متحمس لعيد رمضان المبارك في تلك السنة الغراء .. ومن شدة حماسة نام بعد صلاة المغرب .. وأهل بيته استعدوا للعيد تلك الليلة ثم ناموا في أمان الله .. نام صاحبنا حتى شبع ثم استيقظ في منتصف الليل تغرد عصافير بطنه من الجوع .. المكان يغرق في هدوء عميق .. والنوم يستطير على أهل البيت كلهم .. (سنسع) صاحبنا في المطبخ ما وجد شيئاً يأكله .. الصالة يتوسطها صحن مليء بالملوخية .. لا بأس أن يأكل بيده حتى ولو لم يجد خبزاً ..

أكل لقمة لقمتين .. وحاسة الذوق قد أذهبها الجوع .. وفي اللقمة الثالثة بدأ يشك .. وفي الرابعة بدأ يستوعب أنه يكرع من صحن الخضاب يحسبه ملوخية .. :d

الساعة تهرول إلى الثانية .. ولا يزال المكان يغط في هدوء عميق .. وما أزعج أهل البيت إلا صوت صاحبنا ( أخخخخخ تف أخخخخخخ تف)

الصبح يتنفس .. والنوم يتطاير عن أفراد العائلة رويداً رويداً كسرب من القطا يحس بصوت غريب .. والضوضاء تتصاعد شيئاً فشيئاً مؤذنة باضمحلال الهدوء .. يستيقظ الجميع .. يتجهزون لأحد الأيام المشهودة في السنة .. الكل ينتظر هذا اليوم .. الحمد لله سلامات كلها أربع لقمات ـ أجر وعافية ـ لكن المشكلة إن اليد اليمنى أصبحت حمراء من الخضاب .. لا صابون ولا تايد ولا فيري ينفع لإزالة الحمرة الواشية بتلك المغامرة المجهولة في أنصاف الليالي ..

يلبس أخينا الثوب الأبيض والغترة البيضاء .. ويتجه مع جده ووالده وأعمامه إلى إحدى المناسباب العائلية حيث يجتمعون ويسلمون على بعضهم .. وأخينا لا يخرج يده اليمنى من جيبه .. الرجال يسلمون عليه فيمد لهم اليد اليسرى .. واليمنى قابعة في الجيب الأيمن .. يلاحظه جده فيأمره بإخراج يده اليمنى من جيبه ومدها للرجال عند المصافحة يخرجها مقبوضة .. يسلم وهي مقبوضة .. تتراقص الحمرة من وراء القبضة .. فيعيدها محمرّ الوجه إلى جيبه .. إذا نظر إليه جده أخرجها .. وإذا التفت أعادها ..

تمضي الساعات .. يؤذن لصلاة الظهر .. يذهبون إلى المسجد .. واليد اليمنى في الجيب .. يكبر للصلاة بيد واحد .. يقرأ الفاتحة .. ثم يضع يد واحد على صدره هي اليد اليسرى .. واليد اليمنى في الجيب

علامة صاحبنا أنه لا يحب اسم الملوخية منذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا