أستغرب كثيراً من بعض الأعراف التي تمنع المرأة المتوفى عنها زوجها من ممارسة حياتها كما كانت، ويمنعونها حتى من الخروج إلى مصالحها ، حتى أن بعضهن من كثرة ما شددوا عليها تسأل هل تخرج في حوش المنزل، وبعضهن تسأل هل ترد على هاتف المنزل....وغيرها كثير...

أتاني هذا السؤال، وبينت بالأدلة لمن يهمه هذا الأمر أن للمرأة الحق أن تخرج وأن تمارس حياتها كما كانت، ولا تمنع إلا من الأِشياء التي تتزين بهاكملابس الزينة والطيب والكحل. فقط.

ماالذي يجب على المرأة ان تفعله اذا توفي عنها زوجها ؟ وهل صحيح مايفعله اكثر النساء في الحداد , وانها تبقى في بيت زوجها لاتتحرك ولا تخرج ؟؟ ارجو التفصيل

الجواب/
عن أم عطية أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال « لا تحد امرأة على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا ولا تلبس ثوبا مصبوغا إلا ثوب عصب ولا تكتحل ولا تمس طيبا إلا إذا طهرت نبذة من قسط أو أظفار ».
هذا الحديث هو الذي يبين ما تفعله المرأة المتوفى عنها زوجها في الحداد، فتبتعد عن ثياب الزينة، وعن الكحل، والطيب فقط. ولها الخروج من بيت زوجها كما كانت تخرج منه قبل وفاته، أما من منعها بذلك فقد استدلوا بالأدلة التالية:
1- قول الله تعالى في أول سورة الطلاق: "يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا"
وجه الدلالة:
أن الله قال لا تخرجوهن من بيوتهن.
الرد على هذا الاستدلال:
أن الآية ليست في المتوفى عنها زوجها، بل هي خاصة بالمطلقات، بدلالة أول الآية إذا طلقتم النساء، وبدلالة لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا، وهو أن يراجع المطلق زوجته المطلقة. وهذه متوفى عنها زوجها.
2-عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن عمته زينب بنت كعب بن عجرة أن الفريعة بنت مالك بن سنان - وهى أخت أبى سعيد الخدرى - أخبرتها أنها جاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تسأله أن ترجع إلى أهلها فى بنى خدرة فإن زوجها خرج فى طلب أعبد له أبقوا حتى إذا كانوا بطرف القدوم لحقهم فقتلوه فسألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أرجع إلى أهلى فإنى لم يتركنى فى مسكن يملكه ولا نفقة. قالت فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « نعم ». قالت فخرجت حتى إذا كنت فى الحجرة أو فى المسجد دعانى أو أمر بى فدعيت له فقال « كيف قلت ». فرددت عليه القصة التى ذكرت من شأن زوجى قالت فقال « امكثى فى بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله ». قالت فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا. قالت فلما كان عثمان بن عفان أرسل إلى فسألنى عن ذلك فأخبرته فاتبعه وقضى به.رواه ابو داود.

وجه الدلالة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بأن تمكث في بيتها حتى يبلغ الكتاب أجله.
الرد :
أ-أن هذا الحديث ضعيف، فزينب بنت كعب مجهولة ، كما قال ابن حزم وعبد الحق .
ب-وأن في إسناده راويا ضعيفا وهو سعيد ن اسحاق ولم يروه عن زينب غيره كما قال ابن المديني ،وضعف الحديث من المعاصرين عمرو عبد المنعم سليم، كما في كتابه الجامع في أحكام الطلاق، وحسن المورعي كما في حاشيته على بلوغ المرام.
ج- وعلى فرض صحة الحديث فليس المعنى منه ألا تخرج من باب البيت، إنما المعنى أن يبقى سكناها في هذا البيت حتى تنتهي عدتها، فله الحق في الخروج كما كانت تخرج أيام حياة زوجها.
3- ذكروا أراء عن الصحابة كابن عمر رضي الله عنه أنه أجاز لها الخروج صباحا على ألا تبيت إلا في بيتها.وسأل ابن مسعود رضي الله عنه نسوة من همدان نعي إليهن أزواجهن، فقلن: إنا نستوحش، فقال عبدالله: تجتمعن بالنهار، ثم ترجع كل امرأة منكن إلى بيتها بالليل.
الرد: أ- أنه لا حجة إلا بقول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم.
ب- أنه قد خالفهم من الصحابة جابر بن عبدالله، وابن عباس، وعائشة رضي الله عنهم: فقالوا أنها تعتد حيث شاءت.
ج- في قول ابن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما دليل أنه على قول من قال تعتد في بيت زوجها أن المقصود أن يبقى سكناها في هذا البيت وليس المعنى منعها من الخروج من باب البيت، فقد سمحوا لها بالخروج نهارا إلا أن مبيتها وسكناها في هذا البيت.
ومن الأدلة التي تدل على أنها تعتد حيث شاءت، قول الله تعالى:" والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا"
ذكر الله العدة ولم يذكر السكنى، ولو كانت واجبة لبينها، وأيضا في حديث أم عطية المتقدم ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم ما ينبغي على المرأة في الحداد، ولو كان يجب عليها أن تبيت في بيت زوجها لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم فتأخير البيان عن وقت الحاجة، بيان.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.