|
|
بقلم / المداد 22/9/1431هـ
نحن ننتقد الأشياء التي من حولنا حد التقيؤ... ونغفل أننا لا نتقن أشياء كثيرة .. . . . كنا ثلاثة : أنا وأحمد وسالم ... في مجلس منزلنا الكائن بحي الملز والذي أعتقد أنكم تعلمون مكانه جميعا ! مثلما لا يخفى عليكم (أنا)...! وفي جملةٍ عابرة ... ـ تصدق يا أحمد إن فيصل ما يصلّي ..! ـ أف أف الله لا يبلانا ... وظهرت علامات الاشمئزاز والامتعاض بسبب ما ذُكر ... بينما الكثير منا ، كثيراً ما يفوّت صلاة الجماعة . . . . سالم ـ أبو حلا ـ سألني في بلاهة : كم رصيدك في البنك ! أجبته وأيّ بنك تريد على وجه التحديد ...
التفت أحمد إليّ وهو يقول ـ لماذا لا تكون أكثر صراحة . تلعثمت وأنا أقول : تبقى هذه من الخصوصيات ...
ثم استطردت : سأتحدث بصراحة . نحن نصطنع الخصوصيات الكاذبة في حياتنا العادية ، ونضعها في قالبٍ تراجيديّ باهت ...
مثلا ـ أيام الخطبة يدفعنا الوهم نحو صناعة عالم يعج بالرومانسيين ، ونظن أنفسنا أشخاصا خارقين للعادة يُسيّرون الحياة كيفما يشاءون... وبعد الزواج تنتهي هذه التمثيلية المرهقة ...
وتبدأ بعدها حياة واقعية فيها روح وحركة ، تظللها المودة والرحمة ...
مع أننا نعلم أن هناك أشخاص يدّعون المثالية ويظهرون أمامنا أنهم مؤدبين ... بينما تجدهم يقدحون في طريقة عمل زوجاتهم في إدارة شؤون المطبخ ، و يحملقون النظر إذا أخطأ أحد أولادهم ... وفي المقابل لا يستطيع أحدهم أن يستبدل لمبة مكان أخرى تالفة ، فضلا عن أنه لا يحسن أن يمسك سكيناً و يذبح خروف !
اعتدلت من جلستي وتنهدت قليلا...
أتعلمون يا أصدقاء ... هناك أشخاص يغالون بأمر خصوصياتهم حتى ولو تطلّب الأمر المساس بالآخرين .
ــ مددت كاست الشاي لأحمد ...ثم أكملت حديثي :
ليلتها ... كنت في طريقي إلى البيت ... ولفت نظري ... شقة أبا صالح وجاره الجديد .... الجار الذي حط رحْلَه قبل ليلة ، مازال يجلب المزيد من الأمتعة ... أمرٌ مستغرب ، فالشّقةِ لا تسمح بهذا العفش الزائد عن طاقتها . إلا أنني تيقنت في صباح الغد ، بعدما أصبحت خاوية كالمعتاد ... لقد غادرها المستأجر ... صاحب الرقم ثلاثة عشر لهذه السنة !
المشكلة ليست في الإيجار ... فعلى حد علمي أن السعر رمزي جدا ولا يتجاوز الأربعمائة ريال. هذا لأن أبو صالح رجل ليس فيه جشع ... إلا أن مشكلته فقط / أنه صريح ...! وكذلك أم صالح هي مثله تماما صريحة لأبعد الحدود كما أخبرني بذلك . . . . في أحد الأيام بعد خروجنا من صلاة العشاء... سنحت لي الفرصة بشرف الحديث مع هذا الجار الطيب . سلّمت عليه / وقابلني بالمثل ... والحديث يجر بعضه بعضا ... بدأ أبو صالح يشكي لي معاناته مع المستأجرين ، فآخرهم ...بعد ساعات من نزوله غادر. ـ أتعلم يا جار هذا المستأجر لم يمضي على نزوله ساعات... ـ قلت له باسماً: علّها خيرة إن شاء الله . قال : لقد نكّد عليّ نومي / على شأن أشغّل له الدينمو.... فرددت عليه : ما عندنا ماء ولا عاد أشوفك ... واللي كان قبله / زوجته تتدخل في خصوصياتنا ... وتقول لزوجتي ليش ما تغيرون سجاد الغرفة ... فأجبرت زوجها على الرحيل ...
وبينما يواصل حديثه عن بقية المستأجرين ... كان ابنه الصغير ينطنط من حولِنا كالقرد! كان كثيرُ الحركة ويعبث هنا وهناك ! فذكرت اسم الله عليه .
وضع أبو صالح يديه خلف رقبته ... وقال: لا تذكر الله عليه ، ليتك تنحته ...!! علّه يركد . . . . علت أصواتنا بالضحك .
ثم رفع أحمد كاست الشاي وارتشف منها ثم قال : سأتحدث أنا !
لكُلّ منا شخص سيئ يعيش بداخله ، ونحاول قدر المستطاع أن نخفيه عن الآخرين . دائما ومن باب حسن الظن نرى الأشياء الجميلة بظاهرها ... بينما نعلم أن هناك من أنواع الورود والزهور ما هو سامٌ وقاتِل .
قد نلتقي بأشخاص من حفظة كتاب الله ؛ تبرق أسارير وجهه حينما تلاقيه . و عندما تسأله ... هل تحفظ كتاب الله ؟ فيجيبك ... الله المستعان ... نسأل الله الإخلاص ... أرأيتم كيف يجيب بطريقة دبلوماسية .
ولو تتبعنا حقيقته لوجدناه لا يعمل بالذي أوتي ، وربما تجده عاقا لوالديه ...
دائما يعتريني شعور بالتقيؤ حينما أجالس أشخاصا يدعون الملائكية ! ويُعبّرون عن أنفسهم بإخلاص بينما تعابير وجوههم تقول لك ... إنهم كذّابون !
الأفلام تصور لنا البطل بأنه يحب الآخرين ويتعايش معهم ، ويساعدهم ولا يحسدهم ولا يموت إلا في الحلقة الأخيرة . تماما نحن نحاول تجسيد دور البطل في واقعنا.
وفي مثل هذا الجانب ... هناك مثل شعبي يقول :" خرقاء بيتها ونفعها لغير أهلها"
كثير من النساء أصبحت شكلا بلا مضمون .. تهمل أقل واجباتها لأمرين : إما نتيجة الكسل والخمول ... يعني (رفلا )..! وإما نتيجة عقم في الفكر ...
أما الأولى فسببها عوامل جينية ولا شفاء منه ... إلا أن يشاء الله . والثانية نتيجة انفتاح العصر ...والتلقي من هنا وهناك .
نحن ندعي أن الأعداء من يحاول تغيير المرأة ... والواقع يشهد أننا نغفل حقيقة إدارتنا لجوانب التفكير والتوجيه
كثير من البرامج والخطب والمحاضرات تتحدث عن حقوق المرأة . والمرأة والمرأة ... وتزداد الأمور قبحا حينما تسمع عبارة : ( أحبك في الله يا شيخ ) بينما مضت سنوات من العمر ولم تُسمِع زوجها ولو كلمة : ( أحبك في الله يا حبيبي) . . . تنحنح سالم ـ أبو حلا ـ وقاطعه وهو يقول : يا إخوة من حديثكم تجبرونني على قول الصراحة ...
الحقيقة : أنا جائع يا معزّب ..! هلا أحضرت لنا من الداخل صحن فطائر ..!
قلت له وأنا انهض : " سمعا وطاعة " ما دام أننا في هذا الشهر الفضيل سيكون طلبك ملبى. . . . ما هي إلا دقائق وقد أحضرت المطلوب .
التقط سالم قطعة فطيرة وقال مازحاً ..( يا هلا بالزرط ) ! ثم استطرد قائلا :
الصورة التي نشاهدها في حياتنا اليومية هي مثلما تفضلتما بذكره . إلا أنه هناك أشخاص لا يستطيعون التعبير عن وجهة نظرهم بطريقة صحيحة . فلا نغفل هذا الجانب ..
حصل في مسجدنا موقف طريف : لثلاثة ليالٍ يقنت بنا إمام المسجد في صلاة الفجر ... ويكرر عبارة " اللهم جمّد الدِماء في عروقِهم ... اللهم شُل أطرافهم ...) ونحن خلفه ...آمين ...آمين ..
وبعد أيام عرفنا أن الدعاء الذي أمّنّا عليه لثلاثة ليال ، كان على لصوصٍ سرقوا دجاج الإمام ...
نحن نلزم الآخرين أن يقبلونا كيفما نشاء بينما نحن نتجهّم من تصرفات الآخرين
حينما ترقص الراقصة وتميل خصرها لأجل أطفال الحجارة ..! ثم تهدي رقصاتها لعيون سكارى القوم علها تخفف عنهم مصاب الأمة ... هي ... وهؤلاء ...! حينما صوروا هذا المشهد الإنحطاطي أما علموا أن الله رقيب ...
الساعة : 2:13 صباحا
قاطعت حديث سالم وأنا أشير إلى الساعة وأقول : أيها الإخوة : الحديث معكم ممتع ولا يمل إلا أنه يتوجب علينا الآن التوجه للمسجد لأداء صلاة القيام .
. . .
نقدر، الآن، أن نتساءل كيف
التقينا.. (أدونيس)
|
جميع الحقوق محفوظة لدى
منتديات رفحاء www.rafha.com
بصمة مبدع
.